فصل الكاف مع الراء
  وكافِرٌ: ع ببِلادِ هُذَيْل. والكَافِرُ: الظُلْمَة، لأَنَّهَا تَستر ما تَحْتَهَا، وقولُ لبيد:
  فاجْرَمَّزَتْ ثمَّ سارَتْ وهْي لَاهيَةٌ ... في كافِرٍ ما بِهِ أَمْتٌ ولا شَرَفُ
  يجوز أَن يكونَ ظُلْمَةَ اللَّيْل، وأَنْ يكونَ الوادِيَ، كالكَفْرَة، بالفَتْح، هكذا في سائر النُّسخ، والّذي في اللسان: كالكَفْرِ. والكافِرُ: الدَّاخِلُ في السِّلاح، من كَفَرَ فوقَ دِرْعِه، إِذا لَبِسَ فوقَها ثَوْباً، كالمُكَفِّرِ(١)، كمُحَدِّث، وقد كَفَّرَ دِرْعَه بثَوْبٍ تَكْفِيراً: لَبِسَ فوقَهَا ثَوْباً فَغَشَّاها به، ومنه الحَدِيثُ: «أَنّ رَسُولَ الله ﷺ قال في حَجَّة الوَداع: لا تَرْجِعْوا - وفي روايَة: أَلَا لا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بعضُكم رِقَابَ بَعْض» قال أَبو مَنْصُورٍ: في قوله كُفَّاراً قَولانِ: أَحَدُهُمَا: لا بِسِين السِّلاحَ مُتَهَيِّئين لِلْقِتَال، كأَنَّه أَراد بذلك النَّهْيَ عن الحرْب، أَو مَعْنَاهُ لا تُكَفِّرُوا الناسَ فَتَكْفُرُوا(٢)، كما يَفعل الخَوَارجُ إِذا استعرضُوا النَّاسَ فكَفَّرُوهم(٣). وهوكقولِه ﷺ: «منْ قالَ لأَخِيه يا كافِرُ فقد باءَ به أَحدُهُمَا». لأَنّه إِمَّا أَنْ يَصْدُق عليه أَو يَكْذِب، فإِنْ صَدَق فهو كافِرٌ، وإِنْ كَذَب، عاد الكُفْرُ إِليه بتكْفِيرِه أَخاه المُسْلِم.
  والمُكَفَّرُ، كمُعَظَّم: المُوثَقُ في الحَدِيد، كأَنَّه غُطِّيَ به وسُتِرَ.
  والكَفْرُ، بالفَتْح: تَعْظِيمُ الفارِسِيّ، هكذا في اللّسَان والأَساس وغيرهما من الأُمّهات وشَذّ الصّاغَانيّ فقال في التَّكْمِلَةِ: الفارِس مَلِكَهُ، بغير ياءٍ ولعلَّه تَصْحِيفٌ من النُّسَّاخِ وهو: إِيماءٌ بالرَّأْسِ قَرِيبٌ مِن السُّجُود. والكَفْرُ: ظُلْمَةُ اللَّيْلِ وسَوادُه(٤) وقد يُكْسَرُ، قال حُميْد:
  فوَرَدتْ قَبْلَ انْبِلاجِ الفَجْرِ ... وابنُ ذُكَاءَ كامِنٌ في الكَفْرِ(٥)
  أَي فيما يُوَارِيهِ مِنْ سوَادِ اللَّيْل. قال الصَّاغَانيُّ: هكذا أَنشَدَه الجَوْهَرِيُّ، وليس الرَّجَزُ لحُمَيْد وإِنّمَا هو لبَشِيرِ بنِ النِّكْث، والرِّواية:
  وَرَدْتُهُ قَبْلَ أُفُولِ النَّسْرِ
  والكَفْرُ: القَبْرُ(٦) ومنه قيل: اللهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ الكُفُورِ، و رُوِيَ عن مُعَاوِيَة أَنَّه قَالَ: أَهْلُ الكُفُورِ أَهْلُ القُبُور.
  قال الأَزهريّ: الكُفُور جمع كَفْرٍ بمعْنى القَرْيَة، سُرْيَانِيَّة، وأَكْثَرُ مَنْ يَتَكَلَّم بهذه أَهلُ الشام، ومنه قيل: كَفْرُ تُوثَى وكَفْرُ عاقِب(٧)، وإِنما هي قُرًى نُسِبَتْ إِلى رِجال. وفي حَدِيث أَبي هُرَيْرَة: أَنَّه قال: لتُخْرِجَنَّكُم(٨) الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً إِلى سُنْبُكٍ من الأَرْض. قيل: وما ذلِك السُّنْبُكُ؟ قال: حِسْمَى جُذَامَ»، أَي من قُرَى الشامِ. قال أَبو عبَيْد: كَفْراً كَفْراً، أَي قَرْيَةً قَرْيَة. وقال الأَزهريّ، في قول معَاوِيَة، يَعْنِي بالكُفُورِ القُرَى النائِيَة عن الأَمْصَار ومجْتَمَع أَهلِ العِلْم [والمسلمين](٩)، فالجَهْلُ عَلَيْهم أَغْلَب، وهم إِلى البِدَعِ، والأَهْوَاءِ المُضِلَّةِ أَسْرَعُ. يقول: إِنَّهم بمنزلة المَوْتَى لا يُشَاهدون الأَمْصَارَ والجُمَعَ والجَمَاعَات وما أَشْبَهَها، وفي حَدِيثٍ آخَر: «لا تَسْكُنِ الكُفُور فإِنّ ساكِنَ الكُفُورِ كسَاكِنِ القُبور». قال الحَرْبيّ: الكُفُور: ما بَعُدَ من الأَرض عن الناس فلا يمرّ به أَحدٌ، وأَهلُ الكُفُور عند أَهل المدنِ كالأَمْوَاتِ عند الأَحْيَاءِ، فكأَنَّهمْ في القُبور. قلتُ: وكذلك الكُفُور بمصر هي القُرَى النَّائِيَةُ في أَصْلِ العُرْف القَدِيم.
  وأَمّا الآن فيُطْلِقُون الكَفْر على كلّ قَرْيَة صغيرة بجَنْب قرية كبيرة، فيقُولُون: القَرْيَةُ الفُلانِيّة وكَفْرها. وقد تكون القَرْيَةُ الواحِدَةُ لها كُفورٌ عِدّة؛ فمن المَشَاهِير: الكُفُور الشّاسِعَة، وهِي كُورَةٌ مستقلَّة مشْتَمِلَة على عِدَّة قُرًى، وكَفْر دِمْنَا، وكَفْر سَعْدون، وكفْر نطْروِيسَ، وكفْر بَاوِيط، وكَفْر حِجَازي، وغير ذلك ليس هذا محلّ ذكرها.
  وأَكْفَرَ الرَّجلُ: لَزِمَهَا، أَي القَرْيَة، كاكْتَفَرَ، وهذه عن ابن الأَعْرَابِيّ.
  والكَفْر: الخَشَبَةُ الغَلِيظَةُ القَصِيرَةُ، عن ابن الأَعْرَابِيّ، أو هو العَصَا القَصِيرَةُ، وهي التي تُقْطَع من سَعَفِ النَّخْلِ.
(١) ضبطت في اللسان بفتح الفاء المشددة، بالقلم.
(٢) في النهاية: معناه: لا تعتقدوا تكفير الناس.
(٣) التهذيب واللسان والنهاية: فيكفرونهم.
(٤) في القاموس: «واسوداده» وفي اللسان فكالأصل.
(٥) التهذيب واللسان والتكملة: في كفر.
(٦) القاموس: القبر والتراب والقرية.
(٧) التهذيب: ليخرجنكم.
(٨) في التهذيب: كفر يعقاب.
(٩) زيادة عن التهذيب.