تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الراء

صفحة 512 - الجزء 7

  وفِعْلِهما⁣(⁣١)، فإِنّه لا بدّ من تَعَاطِيهما فإِنّه واجِبٌ في كلّ مِلَّة.

  وقيل أُمِر بَوضْع اليَدِ على النَّحْرِ. قلْت: وقال ابن القَطَّاع: نَحَرَ الرجلُ؛ قامَ في الصّلاة فرَفعَ يَدَيْه عند ذلِك. أَو نَحَرَ: انْتَصَبَ بنَحْره إِزاءَ القِبْلَةِ ولم يَلْتفِت يَمِيناً ولا شِمَالاً.

  وقال الفَرَّاءُ في معنى الآية: أَي استَقْبِل القِبْلَةَ بنَحْرِك. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: النَّحْرُ: انْتِصَابُ الرَّجُلِ في الصّلاة بإِزاءِ المِحْرَاب. وقال في البصائر: وقيل: فيه حَثٌّ على قَتْلِ النَّفْسِ بقَمْع الشَّهْوَة وكَفِّ النَّفْسِ عن هَوَاهَا. فحاصِلُ ما ذُكِر من الأَقوال سَبْعَةٌ، وزادَ الصّاغَانِيّ فقال عن قَوم:

  {وَانْحَرْ}، أَي استَقْبِل نَحْرَ النَّهَار، أَي أَوّله. فصارَت الأَقْوَالُ ثمانِيَةً.

  ومن المَجاز: النَّحْرُ والنِّحْرِيرُ، بكَسْرِهِمَا: الحَاذِقُ الماهرُ العاقِلُ المُجَرِّبُ، وقيل: النِّحْرِير: الرجلُ الطَّبِنُ المُتْقِنُ الفَطِنُ البَصِيرُ بكلّ شيْءٍ، مأْخُوذٌ من قولهم: نَحَرَ الأُمُورَ عِلْماً، أَي لأَنّهُ يَنْحَرُ العِلْمَ نَحْراً، والجمْع النَّحَارِيرُ. وسُئِلَ جَرِيرٌ عن شُعَرَاءِ الإِسْلامِ قال: نَبْعَةُ الشِّعْر للفَرَزْدق. قيل: فمَا تَركتَ لنفْسك؟ فقال⁣(⁣٢): أَنا نَحَرْتُ الشِّعرَ نَحْراً. قاله الزمخشريُّ.

  وبَرَقَ نَحْرُه: لقبُ رَجُلٍ، كتَأَبَّطَ شَرًّا، وذَرَّى حَبًّا، وغَيْرِهما.

  ومن المَجاز: مُنْتَحَرُ الطَّرِيقِ: سَنَنُه الوَاسِعُ البَيِّنُ⁣(⁣٣).

  ومن كلام العَرَب: إِنهُ لَمِنْحَارٌ بَوَائِكَهَا، أَي يَنْحَرُ سِمَانَ الإِبِل، وهو للمُبَالَغَة، يُوصَفُ بالجُود.

  والمَنْحَرُ: المَوْضعُ الذى يُنْحَرُ فيه الهَدْيُ وغَيْرُه، والجمْع المَنَاحِرُ. ومَسْجِدُ النَّحْرِ مَعروفٌ بمِنًى، وكذلك المَنْحَر بها.

  ومن المَجاز: تَنَاحَرُوا عن الطَّرِيق: عَدَلُوا عنه، كذا في الأَساس.

  ويقال: لَقِيتُه صَحْرَةً بَحْرَةً نَحْرَةً، مُنَوَّناتٍ، أَي عِيَاناً، نقلَه الصاغانيّ، وقد سبقَ ذِكْرُ كلٍّ من صَحْرَة وبَحْرَة في محلّهما.* وممّا يُسْتَدْرَك عليه: النَّحِيرَةُ: المَنْحُورة.

  والناحِرُ: أَوَّلَ الشّهْرِ.

  ونَحَرَ الصلاةَ: صَلَّاهَا في أَوَّل وَقْتِهَا.

  ونَحَائِرُ الشَّهْرِ: نُحُورُه.

  ونَوَاحِرُ الأَرْضِ: مُقَابِلَاتُهَا.

  ورجُلٌ مِنْحَارٌ، بالكَسْر: جَوَادٌ.

  والمَنْحُور: المُسْتَقْبَل، وبه فُسِّرَ قَولُ الشاعِر:

  أَوْرَدْتُهُمْ وصُدُورُ العِيسِ مُسْنَفَةٌ ... والصُّبْحُ بالكَوْكَبِ الدُّرِّيّ مَنْحُورُ

  وقال عَدِيُّ بن زَيْد يَصِف الغَيْثَ:

  مَرِحٌ وَبْلُهُ يَسُحُّ سُيُوبَ الْ ... ماءِ سَحًّا كأَنّهُ مَنْحُورٌ

  أَي مَذْبُوح.

  ويُقَال للسّحاب إِذا انْعَقَّ بماءٍ كَثيرٍ: قد انْتَحَر انْتِحَاراً، قال الراعي:

  فمَرَّ على مَنَازِلِها فَأَلْقَى ... بها الأَثْقَالَ فانْتَحَرَ انْتِحَاراً⁣(⁣٤)

  وهو مَجَاز.

  ودائِرَةُ الناحِرِ: تكون في الجِرَانِ إِلى أَسْفلَ من ذلك.

  وقَعَدَ فُلانٌ في نَحْرِ فُلان: قابَلَه. ونَحَرْتُهُ نَحْراً: قابَلْتُهُ.

  وتَنَاحَرُوا على الطَّرِيق وغَيرِه، إِذا تَتابَعُوا عليه. وهو مَجَاز.

  والنَّحَّارية: قَرْيَة بمصر من أَعمالِ الغَرْبِيّة.

  «ونَحِيزَةُ⁣(⁣٥) الرجُل. كسَفِينة: طَبِيعَتهُ. والنَّحيزةُ أَيضاً: طُرَّةٌ تُنْسَج ثم تُخَاطُ على [الفَسَاطِيط شبه] الشُّقَّة. والنَّحِيزة:


(١) في المفردات للراغب في تفسيره للآية: هو حثّ على مراعاة هذين الركنين وهما الصلاة ونحر الهدي.

(٢) عن الأساس وبالأصل: قال.

(٣) نص الأساس: وطريق منتحر: واسع بين.

(٤) ديوانه ص ١٤١ وانظر تخريجه فيه، وفيه «وانتحر» بدل «فانتحر».

(٥) من هنا إلى قوله: عن أبي موسى، وردت نحيرة بالراء بالأصل، وقد صححها محقق المطبوعة الكويتية نحيزة بالزاي، في كل المواضع نقلاً عن معجم البلدان «نحيزة» وقد نبه إلى ذلك بهامشها، والزيادة عن معجم البلدان، وانظر اللسان «نحز».