تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نطثر]:

صفحة 538 - الجزء 7

  كضَرَبَه، بدل: كنَصَرَه، فأَقَام النَّكِيرَ على المُصَنِّف وقال: هذا لا يُعْرَف في شيءٍ من الدَّواوِين ولا رَواه أَحدٌ من الرَّاوِين، بل المعروفُ نَظَر ككَتَب، وهو الذي مُلئَ به القُرْآنُ وكَلامُ العَرَب. ولو عَلِم شَيْخُنا أَنّ نُسْخَتَه محرّفة لم يَحْتَجْ إِلى إِيراد ما ذكرَه. وفي المحكم: نَظَرَه يَنْظُره، ونَظَرَ إِليه نَظَراً، محرّكةً، قال اللَّيْث: ويجوز تخفيف المَصْدَر، تحْمِله على لفْظ العامَّة من المَصادِر، ومَنْظَراً، كمَقْعَد، ونَظَراناً، بالتَّحْرِيك، ومَنْظَرَةً، بفتح الأَوّل والثّالِث، وتَنْظَاراً، بالفَتْح. قال الحُطَيْئةُ:

  فمالَكَ غَيْرُ تَنْظَارٍ إِلَيْهَا ... كما نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِّ

  تَأَمَّلَهُ بعَيْنِه، هكذا فسّره الجَوْهَرِيّ⁣(⁣١). وفي البَصَائر: والنَّظَر أَيضاً تَقْلِيبُ البَصِيرةِ لإِدْرَاك الشيْءِ ورُؤْيته وقد يُرادُ به التأَمُّل والفَحْص، وقد يُرادُ به المَعْرِفةُ الحاصلَةُ بعد الفَحْص. وقوْلُه تعالى: {انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ}⁣(⁣٢) أَي تأَمَّلُوا. واستعمال النَّظَر في البَصَر أَكثرُ استِعْمَالاً عند العامَّة، وفي البَصِيرَة أَكثر عند الخاصّة. ويقال: نَظَرتُ إِلى كذا، إِذا مَدَدْتَ طَرْفَك إِليه، رَأَيْتَه أَو لم تَرَه، ونَظَرتُ⁣(⁣٣)، إِذا رَأَيْتَه وتَدَبَّرْتَه، ونَظَرتُ في كذا: تأَمَّلْتُه، كتَنَظَّرَه، وانْتَظَرَه كذلِك، كما سيأْتي. ونَظَرتِ الأَرْضُ: أَرَتِ العَيْنَ نَبَاتَهَا، نقله الصاغَانيّ، وهو مَجاز. وفي الأَسَاس: نَظَرَتِ الأَرْضُ بعَيْن وبِعَيْنَين: ظَهَرَ نَبَاتُهَا. ونَظَر لَهُم، أَي رَثَى لهُم وأَعَانَهُمْ، نقله الصّاغَانِيّ، وهو مَجاز، ونَظَرَ بَيْنَهُم، أَي حَكَمَ.

  والنَّاظرُ: العَيْنُ نَفْسُهَا، أَو هو النُّقْطَةُ السَّوْداءُ الصّافِيَة التي في وَسط سَوادِ العَيْن وبها يَرَى النّاظرُ ما يُرَى، أَو البَصَرُ نَفْسُه، وقيل: النّاظِر في العَيْن كالمِرآة التي إِذا استقبلْتَها أَبصرتَ فيها شَخصَك، أَو عِرْقٌ في الأَنْفِ وفيه ماءُ البَصَرِ قاله ابن سِيدَه، وقيل: النّاظر: عَظْمٌ يَجْرِي من الجَبْهَة إِلى الخَيَاشِيمِ، نقله الصّاغانيّ. والنّاظِران: عِرْقانِ على حَرْفَيِ الأَنْفِ يَسِيلان من المُؤْقَيْن، وقيل: هما عِرقَانِ في العَيْن يَسْقِيَان الأَنْفَ، وقيل: هما عِرْقَانِ في مَجْرَى الدَّمْع على الأَنْفِ من جانِبَيْه، وهو قَول أَبي زَيْد. وقال ابنُ السِّكِّيت: هُمَا عِرْقانِ مُكْتَنِفَا الأَنْفِ، وأَنشد لجَرِير:

  وأَشْفِي من تَخَلُّجِ كلّ جِنٍّ ... وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ من الخُنَانِ⁣(⁣٤)

  وقال آخر:

  ولقد قَطَعْتُ نواظِراً أَوْجَمْتُهَا⁣(⁣٥) ... مِمّنْ تَعَرَّضَ لي من الشُّعَراءِ

  وقال عُتَيْبَةُ بن مِرْدَاس:

  قَلِيلَةُ لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ يَزِينُهَا ... شَبَابٌ ومَخْفُوضٌ من العَيْشِ بارِدُ⁣(⁣٦)

  وَصفَ محبوبَته بأَسالةِ الخدِّ وقِلّة لَحمه، وهو المُسْتحَبّ.

  ومن المَجَاز: تَناظَرَت النَّخْلتانِ، إِذا نَظرَتِ الأُنْثَى منهُمَا إِلى الفَحْلِ، وفي بعض النَّسخ: إِلى الفُحَّالِ فلمْ يَنْفَعْهَا⁣(⁣٧) تَلْقِيحٌ حتى تُلْقَحَ منه. قال ابن سِيدَه: حكَى ذلك أَبو حَنِيفَة.

  والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: مَا نَظَرْتَ إِليه فأَعْجَبَك أَو ساءَكَ.

  وفي التهذيب: المَنْظَرَةُ: مَنْظَرُ الرّجل إِذا نَظرْتَ إِليه فأَعْجَبَك. وامرأَةٌ حَسَنَةُ المَنْظَر والمَنْظَرَةِ. ويقال: إِنّه لذو مَنْظَرَة بلا مَخْبَرَة. ويقال مَنْظَرُهُ خَيرٌ من مَخْبَرِه: ورجلٌ مَنْظَرِيٌّ، ومَنْظَرَانِيٌّ الأَخِيرَة على غَيْر قِياس: حَسَنُ المَنْظَر. ورجلٌ مَنْظَرَانِيٌّ مَخْبَرَانِيٌّ.

  ويُقَال: إِنّ فلاناً لفِي مَنْظَرٍ ومُسْتَمَع، وفي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي فيما أَحَبَّ النَظرَ إِليه والاستماعَ.

  ومن المَجَاز: رجلٌ نَظُورٌ كصبُور، ونَظُورَةٌ، بزيادة الهاءِ، ونَاظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ، الأَخيرة كسَفِينَة: سَيِّدٌ يُنْظَرُ إِليه، للوَاحِد والجَمْع والمُذَكَّر والمُؤَنَّث. قال الفَرَّاءُ: يُقَال:


(١) نص الصحاح: النظر: تأمل الشيء بالعين.

(٢) من الآية ١٠١ من سورة يونس.

(٣) في المفردات للراغب: ونظرت فيه.

(٤) الخُنان: داء يأخذ الناس والإبل، وقيل إنه كالزكام. لسان.

(٥) في التهذيب: وحسمتُها.

(٦) العيش البارد: هو الهني الرغد، والعرب تكني بالبرد عن النعيم وبالحر عن البؤس. وعلى هذا سمي النوم برداً لأنه راحة وتنعّم، عن اللسان.

(٧) اللسان: فلم ينفعهما.