تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل النون مع الراء

صفحة 542 - الجزء 7

  وأَنَّني حَيْثُ ما يَثْنِي الهَوَى بَصَرِي ... منْ حَيْثُمَا سلَكُوا أَدْنُوا فأَنْظُورُ

  لُغَةٌ في أَنْظُر لبعض العَرب، كذا نقله الصّاغَانيّ عن ابن دُرَيْد⁣(⁣١) في التّكْملَة ونَصُّه:

  حتَّى كَأَنَّ الهَوى من حَيْثُ أَنْظُورُ

  والذي صرّحَ به اللَّبْليّ في بُغْيَة الآمال أَنّ زيادة الواو هُنَا حدثتْ من إِشباع الضّمّة، وذكرَ له نظائرَ.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  يقولُون: دُورُ آلِ فُلان تَنْظُر إِلى دُورِ آل فلانٍ، أَي هي بإِزائِها ومُقَابلة لها. وهو مَجاز.

  ويقول القائل للمُؤَمِّلِ يرجوه: إِنّمَا نَنْظُر إِلى الله ثمّ إِليك، أَي إِنّمَا أَتوقّع فَضْلَ الله ثمّ فضْلَك، وهو مَجاز.

  وتقول: عُيَيْنَتِي نُوَيْظِرَةٌ إِلى الله ثم إِليكم. وهو مَجاز.

  وأَنْظَر إِنْظَاراً: انْتَظَرَ، قالَهُ الزَّجَّاجُ في تَفْسير قوله تعالى: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}⁣(⁣٢) على قراءَة من قَرَأَ بالقَطْع، قال، ومنه قولُ عَمْرو بن كُلْثُوم:

  أَبَا هنْدٍ فلا تَعْجَلْ عَلَيْنَا ... وأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقينَا

  وقال الفرّاءُ: تقولُ العَرَبُ أَنْظِرْني، أَي انْتَظِرْني قليلاً.

  ويقول المتكلِّم لمَن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِعْ رِيقِي، أَي أَمْهِلْني.

  والمُنَاظَرَة: أَنْ تُنَاظِرَ أَخاكَ في أَمْرٍ إِذا نَظرتُمَا فيه معاً كيف تَأْتيَانه. وهو مَجاز. والمُنَاظَرَة: المُبَاحَثَةُ والمُبارَاة في النَّظَر، واسْتِحْضَارُ كلِّ ما يَراه ببَصيرَته.

  والنَّظَر: البَحْثُ وهو أَعمُّ من القِيَاس، لأَن كلّ قِياس نَظَرٌ، وليس كُلّ نَظرٍ قياساً. كذا في البصائر. ويُقَال، إِنّ فلاناً لفي مَنْظَرٍ ومُسْتَمَع، أَي فيما أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه والاستماعَ. وهو مَجاز. ويُقَال: لقد⁣(⁣٣) كُنْتَ عن هذا المَقَام بمَنْظَرٍ، أَي بمَعْزِل فيما أَحْبَبْت. قال أَبو زُبَيْدٍ⁣(⁣٤) يُخَاطِب غلاماً قد أَبَقَ فقُتِلَ:

  قد كُنْتَ في مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ ... عن نَصْرِ بَهْرَاءَ غَيرَ ذِي فَرَسِ

  والنَّظْرَةُ، بالفَتْح: اللَّمْحة بالعجَلَة، ومنه الحَدِيث: «لا تُتْبع⁣(⁣٥) النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِنّ لك الأُولَى وليستْ لك الآخرَةُ».

  وقال بعض الحكماءِ مَن لم تَعْمل نَظْرَتُه⁣(⁣٦) لم يعْمل لِسَانُه.

  معناه: أَن النَّظْرَة إِذا خَرجَت بإِنْكَارِ القَلبِ عَمِلَتْ في القَلْب وإِذا⁣(⁣٧) خَرجتْ بإِنكارِ العَيْن دُونَ القَلْب لم تَعْمَل، أَي⁣(⁣٨) مَن لمْ يَرْتَدِع بالنَّظَرِ إِليه من ذَنْبٍ أَذْنَبَه لم يَرْتَدِع بالقَوْل.

  وقال الجَوْهَريّ وغَيرُه: ونَظَر الدَّهْرُ إِلى بني فُلانٍ فأَهْلكَهم، قال ابنُ سيده: هو على المَثَل، قال: ولسْتُ منه على ثِقَة.

  والمَنْظَرَة: مَوْضِع الرَّبِيئَة، ويَكُون في رأْسِ جَبَلٍ فيه رَقيبٌ يَنظر العدوَّ ويَحرُسُه. وقال الجوهريّ: المَنْظَرةُ: المَرْقَبَةُ. قلْتُ: وإِطلاقُها على مَوْضعٍ من البَيْت يكونُ مُستَقِلًّا عامِّيٌّ. والمَنْظَرَةُ: قَرْيَةٌ بمصر.

  ونَظَر إِليك الجبَلُ: قَابَلَك. وإِذا أَخَذْتَ في طَريقِ كَذَا فَنَظَرَ إِليكَ الجَبلُ فخُذْ عن يمينِهِ أَو يَسَاره. وهو مَجاز.

  وقوله تَعَالَى: {وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ}⁣(⁣٩) ذَهبَ أَبو عُبَيْد إِلى أَنّه أَراد الأَصْنَامَ، أَي تُقابِلُك وليس هُنالك نَظَرٌ، لكنْ لمَّا كان النَظَرُ لا يكُون إِلّا بمقَابَلَةٍ حَسُنَ. وقال: {وَتَراهُمْ} وإِن كَانَت لا تَعْقِل، لأَنهم يضعونها مَوْضع مَنْ يَعقِل.

  يقال: هو يَنظر حَوْلَه، إِذا كان يُكْثِرُ النَّظَرَ.


(١) الجمهرة ٢/ ٣٧٩.

(٢) سورة الحديد الآية ١٣.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: لقد كنت عن هذا إلخ أصله في شعر زنباع بن مخراق وهو:

أقول وسيفي يفلق الهام حدّه ... لقد كنت عن هذا المقام بمنظرِ

كما في الأساس اهـ».

(٤) عن اللسان ط دار المعارف مصر، وبالأصل «أبو زيد» تحريف.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ومنه الحديث: لا تتبع، عبارة اللسان: ومنه الحديث أن النبي ص قال لعلي: لا تتبع إلخ» وهي عبارة التهذيب.

(٦) الأصل والتكملة، وفي التهذيب واللسان: «نظره».

(٧) التهذيب: «وإن».

(٨) هذه عبارة اللسان، وما ورد في التهذيب: ويجوز أن يكون معناه: إن لم يعمل فيه نظرك إليه بالكراهة عند ذنب أذنبه لم يفعل قولك أيضاً.

(٩) سورة الأعراف الآية ١٩٨.