فصل النون مع الراء
  لِعَكٍّ في مَنَاسِمِها مَنَارٌ ... إِلى عَدْنانَ وَاضحَةُ السَّبيلِ
  والنارُ، م، أَي معروفة، أُنْثَى، تُقال للهيب الّذي يَبْدُو للحاسَّة، نحو قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ}(١) وقد تُطْلَق على الحَرَارَة المُجرّدة، ومنه الحديث، أَنّه قال لِعَشرَةِ أَنْفُسٍ فيهم سَمُرَةُ،: «آخِرُكم يَموتُ في النَّار»، قال ابن الأَثير: [قيل: إِن سَمُرة أَصابه كَزَازٌ شديدٌ(٢)] فكان لا يَكادُ يَدْفأُ، فأَمَرَ بقِدْر عظيمةٍ فمُلئت ماءً وأَوْقدَ تحْتهَا واتخذَ فَوقها مَجْلِساً وكان يَصعَد بُخارُهَا فيُدْفِئُه، فبينما هو كذلك خُسِفتْ به فحصلَ في النَّار، قال فذلك الذي قال له، والله أَعلم. وتُطْلَق على نارِ جَهَنَّم المذكورةِ في قوله تعالى: {النّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}(٣) وقد تُذَكَّرُ، عن أَبي حَنيفةَ، وأَنشد في ذلك:
  فمَنْ يَأْتِنا يُلْمِمْ بنَا في دِيارِنَا ... يَجِدْ أَثَراً دعْساً وناراً تأَجَّجَا
  ورواية سيبويه:
  يَجِدْ حَطَباً جَزْلاً وناراً تأَجَّجَا
  ج أَنْوارٌ، هكذا في سائر النُّسَخ التي بأَيْدِينا، وفي اللسان: أَنْوُرٌ ونيرَانٌ، انقلبت الواوُ ياءً لكسرة ما قبلها، ونيَرَةٌ، كقِرَدَة، هكذا في سائر النُّسَخ وهو غلط، والصّواب نِيرَة، بكسر فسُكُون ولا نظير له إِلّا قاع وقِيعَة، وجار وجِيرَة، حقّقه ابنُ جِنِّي في كتاب الشّواذّ، ونُورٌ، بالضمّ، ونِيَارٌ، بالكسْر، الأَخيرة عن أَبي حنيفة، وفي حديث سِجْن جَهنّم: «فتعْلُوهم نارُ الأَنْيَار» قال ابنُ الأَثير: لم أَجِدْهُ مَشُرُوحاً ولكن هكذا رُوِيَ(٤)، فإِن صحّت الرِّوَايَة فيحْتَمل أَن يكون معناه نار النّيران، بجمع(٥) النار على أَنْيَار، وأَصلها أَنْوَار، لأَنها من الواو، كما جاءَ في رِيح وعيدٍ أَرْياحٌ وأَعْيادٌ، وهما من الواو.
  ومن المَجاز: النارُ: السِّمَةُ، والجَمْعُ كالجَمْع، كالنُّورَة، بالضّمّ. قال الأَصمعيّ: كلُّ وَسْمٍ بمكْوىً فهو نارٌ، وما كان بغير مِكْوًى فهو حَرْقٌ، وقَرْعٌ، وقَرْمٌ، وحَزٌّ(٦)، وزَنْمٌ، قال أَبو منصور: والعربُ تقولُ: ما نارُ هذه الناقة؟
  أَي ما سِمَتُهَا، سُمّيت ناراً لأَنّهَا بالنار تُوسَم، وقال الراجز:
  حتَّى سَقَوْا آبالَهُم بالنّارِ ... والنَّارُ قد تَشْفي من الأُوارِ(٧)
  أَي سَقَوْا إِبلَهم بالسِّمَة، أَي إِذا نَظَروا في سِمَة صاحِبه عُرِفَ صاحبُه فسُقِيَ وقُدِّم على غيره لشرَفِ أَربابِ تلك السِّمَةِ وخَلّوْا لها الماءَ. ومن أَمْثالهم: «نِجَارُها نارُهَا»، أَي سِمَتُها تَدلّ على نِجَارِها، يعني الإِبل، قال الراجز يَصفُ إِبلاً سِمَاتُها مُخْتلفة:
  نِجَارُ كُلِّ إِبِلٍ نِجَارُهَا ... ونارُ إِبْلِ العَالَمِين نارُهَا
  يقول: اختلَفتْ سِماتُها لأَنّ أَربَابها من قَبائلَ شَتَّى، فأُغِيرَ على سَرْحِ كلّ قبيلة. واجتمعتْ عند مَنْ أَغار عليها سِمَاتُ تلك القبائلِ. وفي حديثِ صَعْصَعَةَ بن ناجِيَةَ، جدِّ الفرزدق: «وما ناراهُما»(٨) أَي ما سِمَتُهما التي وُسِمَتَا بها، يعنِي ناقتيْه الضّالَّتيْن، والسِّمَة: العَلامة.
  ومن المَجاز: النارُ: الرَّأْيُّ، ومنه الحديث: «لا تَسْتضِيئُوا بنارِ أَهْل الشِّرْك» وفي رواية: بنار المُشْركين.
  قال ثعلب: سأَلْتُ ابن الأَعْرَابيّ عنه فقال: معناه لا تُشَاوروهم، فجعل الرأْيَ مثلاً للضَّوْءِ عند الحَيْرَة.
  ونُرْتُه، أَي البعيرَ: جَعَلْتُ عَليْه ناراً، أَي سِمَةً.
  والنَّوْرُ والنَّوْرَةُ، بفتحهما، والنُّوّار، كرُمّان، جميعاً: الزَّهْرُ، أَو النَّوْرُ: الأَبْيَضُ منه، أَي من الزَّهر، والزَّهْرُ(٩) الأَصْفرُ، وذلك أَنَّه يَبْيَضُّ ثم يَصْفَرُّ، ج النَّوْر أَنْوَارٌ، والنَّوّارُ واحدتُه نُوَّارَةٌ.
  ونَوَّرَ الشَّجرُ تَنْويراً: أَخرجَ نَوْرَه. وقال اللّيث: النَّوْرُ: نَوْرُ الشَّجَرِ، والفِعْل التَّنْويرُ، وتَنْويرُ الشجرةِ: إِزْهَارُهَا.
(١) سورة الواقعة الآية ٧١.
(٢) زيادة عن النهاية «نور».
(٣) سورة الحج الآية ٧٢.
(٤) النهاية: يروى.
(٥) في النهاية: فجمع.
(٦) عن اللسان وبالأصل «حزر».
(٧) في التهذيب: والنار تشفي من الأنوار.
(٨) في الفائق ٣/ ١٣٣ «وما نارهما».
(٩) في القاموس: «وأما الأصفر فزهرٌ».