فصل النون مع الراء
  كأَنارَ، أَصلُه أَنْوَرَ، قُلبت واوُه أَلفاً. ونوَّرَ الزَّرْعُ: أَدْرَك، والتَّنْويرُ: الإِدْرَاكَ، هكذا سَمّاه خِنْدِفُ بنُ زِيَاد الدُّبيريّ فقال:
  سامَى طعَامَ الحَيِّ حتَّى نَوَّرَا
  وجمعه عَدِيُّ بن زَيْد فقال:
  وذي تَنَاوِيرَ مَمْعُونٍ له صَبَحٌ ... يَغْذُو أَوَابِدَ قدْ أَفْلَيْن أَمْهَارَا
  ونَوَّرَ ذِرَاعَهُ تنْويراً، إِذا غَرَزَها بإِبْرَة ثم ذَرَّ عَليْهَا النَّؤُورَ، الآتي ذِكرُه.
  وأَنارَ النَّبْتُ: حَسُنَ وظَهَرَ، من الإِنارَة، كأَنْوَرَ، على الأَصْل، ومنه حديث خُزَيْمَة: «لمّا نَزلَ تحتَ الشَّجرةِ أَنْوَرَت»، أَي حَسُنتْ خُضْرَتُها، وقيل: أَطْلعَت نَوْرَها.
  وأَنارَ المَكانَ، يتعَدَّى ولا يَتعدَّى، أَضاءَهُ، وذلك إِذا وَضعَ فيه النُّور.
  والأَنْوَرُ: الظّاهر الحَسَنُ، وبه لُقِّبَ الإِمَامُ أَبو محمّد الحَسَن بن الحَسن بن عليّ بن أَبي طالب، ¤، لوَضاءَته، ومنه في صِفته ﷺ: «كان أَنْوَرَ المُتَجَرَّدِ»، أَي نَيِّر [لون](١) الجِسْمِ، يُقال للحَسَن المُشْرِقِ اللّونِ: أَنْوَرُ، وهو أَفْعَلُ من النُّور.
  والنُّورَةُ، بالضّمّ: الهِنَاءُ، وهو من الحَجَر يُحْرَق ويُسوَّى منه الكِلْسُ ويُحْلَق به شَعرُ العانَةِ: وانْتَارَ الرجلُ وتَنَوَّرَ وانْتَوَرَ، حكَى الأَوَّلَ ثعلبٌ وأَنكر الثّانيَ؛ وذكرَ الثّلاثة ابنُ سِيدَه، إِذا تَطَلَّى بها، وأَنشد ابنُ سيده:
  أَجِدَّكُمَا لم تَعْلمَا أَنّ جَارَنَا ... أَبَا الحِسْلِ بالصَّحَرَاءِ لا يَتَنَوَّرُ
  وفي التهذيب: وتأْمُرُ من النَّوْرَة فتقول: انْتَوِرْ يا زيْدُ، وانْتَرْ، كما تقول: اقْتَوِلْ واقْتَلْ.
  والنَّؤُورُ، كصَبُورِ: النِّيلَجُ، وهو دُخَانُ الشَّحْم الذي يَلْتزقُ بالطَّسْت يُعَالَجُ به الوَشْمُ ويُحْشَى به حتّى يَخْضَرَّ.
  ولك أَنْ تَقلبَ الواوَ المضمومَة هَمْزةً. كذا في اللّسَان.
  قلت: ولذا تَعرَّضَ له المصنّف في ن أ ر وأَحالَه على هُنا. والنَّؤور: حَصَاةٌ كالإِثْمِد تُدَقُّ فتُسَفُّهَا اللِّثَةُ، أَي تُقْمَحُهَا، من قَولك: سَفِفْتُ الدّوَاءَ. وكنّ نِساءُ الجاهليّةِ يَتَّشِمْن بالنَّؤُورِ، ومنه قولُ بشْر:
  كما وُشِمَ الرَّوَاهشُ بالنَّؤُورِ(٢)
  وقال الليْث: النَّؤُور: دُخَانُ الفَتيلةِ يُتَّخَذ كُحْلاً أَو وَشْماً.
  قال أَبو مَنْصُور: أَمَّا الكُحْلُ فما سَمِعتُ أَنَّ نساءَ العَرَبِ اكْتحَلْن بالنَّؤور، وأَمَّا الوَشْم به فقد جاءَ في أَشعارهم، قال لبيد:
  أَو رَجْعُ وَاشمَةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها ... كِفَفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا
  والنَّؤُور: المَرْأَةُ النَّفُورُ من الرِّيبَة، كالنَّوَار، كسَحَاب، ج، نُورٌ بالضّمّ يقال: نِسْوَةٌ نُورٌ، أَي نُفَّرٌ من الرِّيبة، والأَصْل نُوُرٌ، بضمَّتيْن، مثل قَذَال وقُذُل، فكرِهوا الضَّمَّةَ على الواو لثِقلها. لأنّ الواحدة نَوَارٌ. وهي الفَرُور، وبه سُمِّيَت المرأَةُ.
  ونارَت المَرأَةُ تَنُورُ نَوْرَاً، بالفتْح، ونِوَاراً، بالكسْر والفتح: نَفَرَتْ، وكذلك الظّبَاءُ والوَحْش، وهُنَّ النُّورُ: أَي النَّفَّر منها. قال مُضرِّسٌ الأَسَديّ وذكر الظّباءَ وأَنّهَا كَنَسَتْ في شِدَّةِ الحَرّ:
  تَدَلَّتْ عليها الشَّمسُ حتَّى كأَنَّهَا ... من الحَرِّ تُرْمَى بالسَّكينةِ نُورُهَا(٣)
  وقال مالِك بن زُغْبَةَ الباهليّ:
  أَنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَرُوقُ ... وحَبْلُ الوَصْلِ مُنْتكِثٌ حَذيقُ
  أَلَا زَعَمتْ علاقَةُ أَنّ سَيْفي ... يُفَلِّلُ غَرْبَهُ الرَّأْسُ الحَلِيقُ
  قال ابن بَرّيّ: معناه: أَنِفَاراً سَرُعَ ذا يا فَرُوق، أَي ما أَسْرَعَه، وذا فاعلُ سَرُعَ، وأَسكنه للضرورة، وما زائدة.
(١) زيادة عن النهاية.
(٢) ديوانه وصدره:
رمادٌ بين أظآر ثلاثٍ
(٣) ضبط عجزه عن الصحاح، وفي اللسان «تَرمِي ... نورَها» والقافية مرفوعة وقبله:
ويومٍ من الشعرى كأن ظباءه ... كواعب مقصور عليها خُدورُها