[جدب]:
  منه إِلا أَلفاظ أَرْبَعَة، وهو الذي نقلَه الجوهريُّ عن الخَليل، قال شيخُنَا: ثم اختلفَ الصرفيّونَ في نونه إِذا كان مفتوحَ الثالث، فقيل: إِنها زائدة، لفَقْدِ فُعْلَلٍ، وقيل: أَصليّة، وهو مُخَفَّفٌ من الضَّمّ، والأَول أَظهَرُ، لتصريحهم بزيادة نونه في جميع لُغَاته، وفي كلام الشيخ أَبي حَيَّانَ أَن نونَ جُنْدَب وعُنْصَل وقُنْبَر وخُنْفَسُ زائدةٌ، لفَقْدِ فُعْلَلٍ، ولزوم هذه النون البنَاءَ، إِذ لا يكون مكانَه غيرُه من الأُصول، ولمجيء التضعيفِ في قُنْبَر، وأَحَدُ المُضَعَّفَيْنِ زائدٌ، وما جُهِلَ تصريفُه محمولٌ على ما ثَبَتَ تصريفُه، وإِذَا ثَبَتَتِ الزيادةُ في جُنْدَبِ بفتح الدال، ثَبَتَتْ في مَضْمُومِهَا ومَكْسُورِ الجِيمِ مفتوحِ الدالِ، لأَنهما بمعنًى هذا كلام أَبي حَيَّان، ومثلُه في المُمْتعِ، انتهى كلام شيخنا: جَرَادٌ م وقال اللحْيَانيّ: هو دَابَّةٌ، ولم يُحَلَّهَا، كذا في المحكم، وقيل: هو الذَّكَرُ من الجَرَادِ، وفَسَّره السِّيرَافيّ بأَنّه الصَّدَى يَصِرُّ بالليل، ويَقْفِزُ ويَطِيرُ(١)، وفي المحكم: هو أَصْغَرُ منَ الصَّدَى يكونُ في البَرَارِيِّ، قال: وإِيَّاهُ عَنَى ذُو الرمة بقوله:
  كَأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلَا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذَا تَجَاوَبَ مِنْ بُرْدَيْه تَرْنِيمُ
  وقال الأَزهَرِيّ: والعَرَبُ تقولُ: «صَرَّ الجُنْدُبُ» يُضْرَبُ [مثلاً](٢) لِلأَمْرِ الشَّدِيد يَشْتَدُّ حَتَّى يُقْلِقَ صَاحِبَهُ، والأَصل فيه أَن الجُنْدُبَ إِذا رَمِضَ في شِدَّةِ الحَرِّ لَمْ يَقِرَّ على الأَرْضِ وَطْأً(٣) فتَسْمَع لِرِجْلَيْهِ صَريراً، وقيلَ: هو الصغيرُ من الجَرَاد.
  وفي الصَّحَابَةِ من اسْمُهُ: جُنْدَبٌ أَبُو ذرٍّ الغِفَارِيُّ جُنْدَبُ بنُ جُنَادَةَ، وجُنْدَبُ بنُ عَبْدِ الله، وجُنْدَبُ بنُ حَسَّانَ، وجُنْدَبُ بنُ زُهَير، وجُنْدَبُ بن عَمَّار، وجُنْدَبُ بنُ عَمْرو، وجُنْدَبُ بنُ كَعْبٍ، وجُنْدَبُ بن مَكِيثِ، وأَبُو نَاجِيَةَ جُنْدَبُ، ¤، وقال غيرُه: هو ضَرْبٌ منَ الجَرَادِ (واسْمٌ)، وفي حديث ابن مسعود: «كانَ يصَلِّي الظُهْرَ والجَنَادِبُ تَنْقُزُ مِنَ الرَّمْضَاءِ» أَي تَثِبُ.
  وجَنَادِبَةُ الأَزْدِ هُمْ جُنْدَبُ بنُ زُهَيْرٍ، وجُنْدَبُ بنُ كَعْب من بَنِي ظَبْيَانَ، وجُنْدَب بنُ عبدِ الله هو جُنْدبُ الخَيْرِ، وفي التَّابِعينَ: جُنْدب بنُ كَعْبٍ، وجُنْدب بن سَلَامةَ، وجُنْدب بن الجَمَّاع، وجُنْدب بن سُلَيْمَانَ.
  واسمٌ يُقَال: وَقَعَ فلانٌ في أُمِّ جُنْدَبِ إِذَا وَقَعَ في الدَّاهيَةِ، وقيلَ: الغَدْرِ، ورَكِبَ فلانٌ أُمَّ جُنْدَب، إِذَا رَكبَ الظَّلْمُ، الثلاثة من المحكم ويقال: وَقَعوا في أُمِّ جُنْدَب، أَي ظُلِمُوا كأَنَّها اسمٌ من أَسماءِ الإِسَاءَة، ويقال: وَقَعَ القَوْمُ بِأُمِّ جُنْدَب، إِذا ظَلَمُوا وقَتَلوا غَيْرَ قاتلٍ، قال الشاعر:
  قَتَلْنَا بِهِ القَوْمَ الذينَ اصْطَلَوْا بِهِ ... جِهَاراً ولمْ نَظْلِمْ به أُمَّ جُنْدَبِ
  أَيْ لَمْ نَقْتلْ غَيْرَ القَاتلِ.
  وأُمُّ جُنْدب أَيضاً بمَعْنَى الرَّمْلِ، لأَنَّ الجَرَادَ يَرْمي فيه بَيْضَهُ، والمَاشي في الرَّمْلِ وَاقعٌ في شَرِّهِ.
  وجُنْدَب بن خَارِجَةَ بنِ سَعْد بنِ فُطْرَةَ(٤) بنِ طَيِّئ، هو الرابع من وَلَد وَلَد طَيِّئ، وأُمُّهُ: جَديلَة بِنْت سَبيع ابنِ عَمْرٍو، مِنْ حمْيَر، وفيه قال عَمْرُو بن الغَوْث، وهو أَوَّلُ من قَالَ الشِّعْرَ في طَيِّئ بَعْدَ طَيِّئ:
  وإِذَا تكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لهَا ... وإِذَا يُحَاسُ الحَيْسُ يُدْعَى جُنْدَبُ
  كذا في المعجم.
  وأَجْدَبَ الأَرْضَ: وَجَدَهَا جَدْبَةً وكذلك الرجُلَ، يقال: نَزَلْنَا فلاناً(٥) فأَجْدَبْنَاهُ إِذا لَمْ يَقْرهِمْ وأَجْدَبَ القَوْمُ، أَصَابَهُمُ الجَدْبُ.
  وفي المُحْكَم مَكَانٌ جَدْبٌ وجَدُوبٌ ومَجْدُوبٌ: كأَنَّه على جُدِبَ وإِن لم يُسْتَعْمَلْ، قال سَلَامَةُ بن جَنْدِلٍ:
  كُنَّا نَحُلُّ إِذَا هَبَّتْ شَآمِيَةٌ ... بِكُلِّ وادِ حَطِيبِ البَطْنِ مَجْدُوبِ
  كذا في المحكم وَجَديبٌ أَي بَيِّنُ الجُدُوبَةِ، وأَرْضٌ جَدْبَةٌ وجَدْبٌ وعليه اقتصر ابنُ سِيده: مُجْدِبَة، والجَمْعُ
(١) العبارة في اللسان: وفسره السيرافي بأنه الجندب. وقال العدبّس: الصدى هو الطائر الذي يصر بالليل ويقفز ويطير، والناس يرونه الجندب، وإنما هو الصدى.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) اللسان: وطار.
(٤) عن جمهرة ابن حزم، وبالأصل «قطرة».
(٥) في اللسان: «بغلان».