تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جذب]:

صفحة 358 - الجزء 1

  وتخفيفُهَا يجوزُ أَن يكونَ إِنْ كان عربيًّا جَمْع جَدْب جَمْع قِلَّة، ثم نَزَّلُوه مَنْزِلةَ المُفْرَدِ، لكونه عَلَماً، فَنَسبوا إِليه ثم خَفَّفُوا ياءَ النِّسبة لكثرة الاستعمال، والأَظهرُ أَنَّه عَجَمِيٌّ، وهو: د قُرْبَ بَرْقَةَ بينها وبين طَرَابُلسِ المغربِ⁣(⁣١)، بينه وبين زَوِيلَةَ نحوُ شهرٍ سَيْراً، على ما قاله ابن حَوْقَلٍ، وقال أَبو عُبَيْد البكريُّ: هي مدينةٌ كبيرةٌ في صحَرَاءَ⁣(⁣٢) أَرْضُهَا صفاً وآبارُهَا مَنْقُورَةٌ في الصَّفَا، لها بَسَاتِينُ ونخلٌ، كثيرةُ الأَرَاكِ، وبها جامعٌ حَسَنٌ. بَنَاهُ [أَبو]⁣(⁣٣) القاسمِ بن المَهْدِيّ، وصَوْمَعَةٌ⁣(⁣٤) مُثَمَّنَةٌ، وحَمَّامَاتٌ، وفَنَادِقُ كَثيرَةٌ، وأَسواقٌ حافلة، وأَهلُهَا ذَوُو يَسَارٍ، أَكثرُهم أَنْبَاطٌ، ونَبْذٌ من صُرَحَاءِ لَوَاتَةَ، ولَهَا مَرْسًى على البَحْرِ يُعرَف بالمَادُورِ، على ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلاً منها، وهي من فُتُوح عَمْرِو بنِ العَاصِ، فَتَحَهَا مع بَرْقَةَ صُلْحاً على خمسةِ آلافِ دِينَارٍ، وأَسْلَمَ كثيرٌ من بَرْبَرِهَا، يُنْسَبُ إِليها أَبو إِسحاقَ إِبراهيمُ بنُ إِسماعيلَ بنِ أَحمدَ بنِ عبدِ الله الأَطْرَابُلُسِيُّ ويُعْرَفُ بابْنِ الأَجْدَابِيّ مُؤَلِّف كِتَاب كِفَايَةِ المُتَحَفِّظِ، وغيره كذا في المعجم لياقوت.

  قلت: وأَبُو السَّرَايَا عامرُ بنُ حَسَّانَ بنِ فِتْيَان بنِ حَمُّود بنِ سُلَيْمَان الأَجْدَابيّ الإِسْكَنْدَرِيُّ، عُرِفَ بابنِ الوَتَّارِ، من أَهل الحدِيثِ سمِعَ من أَصحاب السِّلَفِيّ، وتوفي سنة ٦٥٤ كذا في ذَيْلِ الإِكمَالِ للصَّابُونيّ.

  [جذب]: جَذَبَهُ أَيِ الشَّيْءَ يَجْذِبُهُ، بالكسْرِ، جَذْباً، وجَبَذَهُ، عَلَى القَلْبِ لُغَةُ تَمِيم: مَدَّهُ، كاجْتَذَبَه وقد يكونُ ذلك في العَرْضِ ورُوِيَ عن سيبويهِ: جَذَبَ الشَيءَ: حوَّلَهُ عن مَوْضِعِه واجْتذَبهُ: اسْتَلَبَه، كذا في المحكم، وجَذَبَه كَجَاذَبَه، وقولُ الشاعر:

  ذَكَرْتُ والأَهْوَاءُ تَدْعُو لِلْهَوَى ... والعيسُ بالرَّكْبِ يُجَاذبْنَ البُرَى

  يَحْتَمِلُ أَن يكونَ بمعنى يَجْذِبْنَ أَو بمعنى المُبَارَاةِ والمُنَازَعَة، كذا في المحكم، وقد انْجَذَبَ وتَجَاذَبَ، نَصّ ابن سيده في المحكم: وجَذَبَ فُلَانٌ حَبْلَ وِصَالِهِ: قَطَعَهُ. وفي الأَساس: ومن المَجَازِ: جَذَبَ فلانٌ الحَبْلَ بَيْنَنَا: قَاطَعَ. وجَذَبَتِ النّاقَةَ إِذا غرَزَت وقَلَّ لَبَنُهَا⁣(⁣٥) تَجْذِبُ جِذَاباً فهي جَاذِبٌ وجَاذِبَةٌ وجَذُوبٌ جَذَبَتْ لَبَنَها من ضَرْعِهَا فذَهَبَ صاعِداً، وكذلك الأَتَانُ، وفي الأَساس، ومن المَجَازِ: نَاقَةٌ جَاذِبٌ: مَدَّتْ حَمْلَهَا⁣(⁣٦) إِلى أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً. قال الحطيئةُ يهجو أُمَّه:

  لِسَانُكِ مِبْرَدٌ لَمْ يُبْقِ شَيْئاً ... وَدَرُّكِ دَرُّ جَاذبَةٍ دَهِينِ

  الدَّهِينُ مثْلُ الجاذِبَةِ ج جَوَاذِبُ وجِذَابٌ، كنِيَام ونَائِم، قال الهُذليّ:

  بِطَعْنٍ كَرَمْحِ الشَّوْلِ أَمْسَتْ غَوَارِزاً ... جَوَاذِبُهَا تَأْبَى⁣(⁣٧) عَلَى المُتَغَبِّرٍ

  قال اللِّحْيَانيّ: نَاقَةٌ جَاذِبٌ، إِذا جَرَّتْ⁣(⁣٨) فَزَادَتْ عَلَى وَقْتِ مَضْرِبِهَا.

  ومن المَجَازِ: جَذَبَ الشَّهْرُ يَجْذِبُ جَذْباً مَضَى عَامَّتُهُ، أَكْثَرُه، ومن المَجَازِ: جَذَبَ الشَّاةَ والفَصِيلَ عَنْ أُمِّهِمَا يَجْذِبُهُمَا جَذْباً: قَطَعَهُمَا عنِ الرَّضَاعِ وكذلك المُهْرَ: فَطَمَهُ قال أَبُو النَّجْمِ يَصِفُ فَرَساً:

  ثُمَّ جَذَبْنَاهُ فِطَاماً نَفْصِلُهْ ... نَفْرَعُهُ فَرْعاً ولَسْنَا نَعْتِلُهْ

  أَي نَفْرَعُه باللِّجَام ونَقْدَعُه، ونَعْتِلُهُ أَي نَجْذِبُه جَذْباً عَنِيفاً. وقال اللّحيانيّ وجَذَبَتِ الأُمُّ ولَدَهَا تَجْذِبُه: فَطَمَتْهُ، ولمْ يَخُصَّ مِنْ أَيِّ نوع هُوَ، قالَهُ ابن سيده، وفي التهذيب: يقال: للصَّبِيِّ أَو للسَّخْلَةِ إِذَا فُصِلَ: قَدْ جُذِبَ، انتهى.

  ومن المَجَاز: جَذَبَ فُلَاناً يَجْذُبُه، بالضَّمّ إِذا غَلَبَه في المُجَاذَبَةِ ومن المَجَازِ: جَاذَبَتِ المَرْأَةُ الرَّجُلَ: خَطَبَهَا فَرَدَّتْهُ كَأَنَّه بان [منها]⁣(⁣٩) مَغْلُوباً، كذا في المحكم، وفي التهذيب. وإِذَا خَطَبَ الرجلُ امرأَةً فَرَدَّتْه قِيلَ جَذَبَتْهُ وَجَبَذَتْهُ، قال: وكأَنَّه مِنْ قَوْلِكَ جَاذَبْتُهُ فجذَبْتُه، أَي غَلَبَتْهُ فبَانَ مِنْهَا مَغْلُوباً.


(١) معجم البلدان: الغرب.

(٢) عن معجم البلدان؛ وبالأصل: «حمراء».

(٣) عن معجم البلدان.

(٤) في معجم البلدان: له صومعة.

(٥) اللسان: وذهب لبنها.

(٦) الأساس: «ومدت وقت حملها».

(٧) عن اللسان، وبالأصل «تأتي».

(٨) عن اللسان، وبالأصل «جردت».

(٩) عن الأساس واللسان.