تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهاء مع الراء

صفحة 609 - الجزء 7

  والقَصْر، وهِجِّيرُه، كسِكِّيتٍ، وأُهْجُورَتُه، بالضمّ، وهِجْرِيّاهُ وإِجْرِيّاه، أَي دَأْبُه ودَيْدنُه وشَأْنُه وعادَتُه. وفي التَّهْذِيب: هِجِّيرَى الرّجلِ: كلامُه ودَأْبُه وشأْنُه. قال ذو الرُّمَّة:

  رَمَى فأَخْطَأَ والأَقْدَارُ غالِبَةٌ ... فانْصَعْنَ والوَيْلُ هِجِّيرَاهُ والحَرَبُ

  وفي الصّحاح: الهِجِّيرُ مِثَالُ الفِسِّيق: الدَّأْبُ والعَادَة، وكذلك الهِجِّيرَى والإِهْجِيرَى، وفي حديث عُمر ¥: «ما لَهُ هِجِّيرَى غَيرُها» هي الدَّأْبُ والعَادةُ والدَّيْدَن.

  ويقال: ما عنْدَه غَناءُ ذلك ولا هَجْرَاؤُهُ، بمعنًى واحدٍ.

  والهَجِيرُ، كأَمِيرٍ: والهَجِيرَةُ بزيادة الهاءِ، والهَجْرُ، بالفتْح، والهاجِرَةُ: نِصْفُ النَّهارِ عندَ زَوالِ الشَّمْسِ مع الظُّهْر، أَو من عند زَوَالِهَا إِلى العَصْر، سُمِّيَ بذلك لأَن الناسَ يَسْتَكِنُّون في بُيوتِهم كأَنَّهم قد تَهَاجَرُوا، وحَكَى ابنُ السِّكِّيت عن النَّضْر أَنّه قال: الهَاجرَةُ إِنّمَا تكون في القَيْظ وهي قَبْلَ الظُّهرِ بقَليل وبَعْدَه⁣(⁣١) بقَليل، وقال أَبو سَعِيد: الهَاجِرَةُ من حين تَزولُ الشّمْسُ، والهُوَيْجرَةُ بعدها بقليل.

  أَو⁣(⁣٢) شِدَّةُ الحَرّ في كُلّ ذلك. وفي الصّحاح: هو نِصْف النَّهار عندَ اشْتدادِ الحَرِّ. قال ذُو الرُّمَّة:

  وبَيْداءَ مِقْفَارٍ يَكادُ ارْتكاضُها ... بآلِ الضُحَى والهَجْرُ بالطَّرْفِ يَمْصَحُ

  وهَجَّرْنَا تَهْجيراً، وأَهْجرْنَا، وتَهَجَّرْنَا: سِرْنَا في الهاجرَة. الأَخيرَةُ عن ابن الأَعْرَابيّ وأَنْشَد:

  بأَطْلاحِ مَيْسٍ قد أَضَرَّ بطِرْقِهَا ... تَهَجُّرُ رَكْبٍ واعتِسَافُ خُرُوق

  وفي حديث زَيْدِ بن عَمْرو: «وهل مُهَجِّرٌ كمَن قَالَ؟»، أَي هَلْ مَنْ سارَ في الهَاجِرَة كمَنْ أَقامَ في القائلة؟ وتقول منه: هَجَّرَ النّهَارُ، قال امرؤُ القَيْس:

  فدَعْهَا وسَلِّ الهَمَّ عنكَ بجَسْرَةٍ ... ذَمُولٍ إِذا صام النّهارُ وهَجَّرَا

  وتقول: أَتينَا أَهلَنَا مُهْجِرين، كما يُقَال: مُوصِلين⁣(⁣٣) أَي في وَقتِ الهَاجِرة والأَصِيل. وقال الصّاغَانيّ تبعاً للأَزهريّ: التَّهْجِيرُ في قوله في حديث مرفوع: «المُهَجِّرُ إِلى الجُمُعَة كالمُهْدِي بَدَنَةً» قال الأَزْهَريّ: يَذْهب كثيرٌ من الناس إِلى أَنّ التَّهجِير في هذه الأَحاديثِ، من المُهاجَرَة⁣(⁣٤) وَقتَ الزَّوالِ، قال: وهو غَلطٌ، والصّواب فيه ما رَوَى أَبو دَاوُودَ المَصاحفيّ عن النَّضر بن شُمَيلْ أَنّه قال: التَّهْجير إِلى الجُمُعة وغيرِها: التَّبْكيرُ والمُبادرةُ إِلى كلّ شيْءٍ، قال: سَمعتُ الخَلِيل يقول ذلك، قال الأَزهريّ: وهذا صحيحٌ، وهي لُغَةٌ أَهلِ الحجَاز ومَنْ جاوَرَهم من قَيْس، قال لَبيد:

  رَاحَ القَطِينُ بهَجْرٍ بعدَ ما ابْتَكَرُوا⁣(⁣٥)

  فَقَرَنَ الهَجْرَ بالابْتكَار، والرَّوَاحُ عندهم الذَّهَابُ والمُضِيُّ، يقال: راحَ القَوْمُ، أَي خَفُّوا وَمَرُّوا أَيَّ وَقْتٍ كان.

  وقَوْله : «ولوْ يَعْلَمُونَ، وفي روايَة: لو يَعْلَمُ النّاسُ، مَا في التَّهْجير لاسْتَبْقُوا إِليه» بمَعْنَى التَّبْكير إِلى جميع الصَّلَوَات، وهو المُضِيُّ إِليها في أَوَائلِ⁣(⁣٦) أَوْقَاتِهَا. قال الأَزهريّ: وسائرُ العَرَب يَقُولُون: هَجَّرَ الرّجلُ، إِذا خَرَجَ بالهاجِرة، وهي نِصْفُ النَّهَارِ، ويقال: أَتيتُه بالهَجير وبالهَجْر، وأَنْشدَ الأَزهريُّ عن ابن الأَعْرابيّ في نَوَادِره قال: قال جِعْثِنَةُ بنُ جَوّاس الرَّبَعيّ يُخَاطِب نَاقَتَه:

  وتَصْحَبِي أَيَانِقاً في سَفْرِ ... يُهَجِّرُون⁣(⁣٧) بهَجِيرِ الفَجْرِ

  أَي يُبَكِّرون بوَقْتِ الفَجْر. زاد الصاغانيّ: ولَيْسَ التّهجيرُ في هذين الحَديثَين من الهاجِرَة في شيءٍ.

  والهَجِيرُ، كأَمير: الحَوْضُ العَظيمُ، وقال:

  يَفْرِي الفَرِيَّ بالهَجِيهر الواسعِ

  ج هُجُرٌ، بضمَّتَيْن، وعَمّ به ابنُ الأَعرابيّ فقال:

  الهَجِيرُ: الحَوضُ، وفي التَّهْذيب: الحَوضُ المَبْنَيّ، قالت خَنْسَاءُ تَصِف فرساً:

  فمَالَ في الشَدِّ حَثِيثاً كمَا ... مَالَ هَجِيرُ الرَّجُلِ الأَعْسَرِ


(١) في التهذيب واللسان: وبعدها.

(٢) في القاموس: وشدة الحرّ.

(٣) الأصل واللسان، وفي الصحاح: «مؤصلين» مهموزة.

(٤) الأصل واللسان، وفي التهذيب: هذه الأحاديث تفعيل من الهاجرة.

(٥) ديوانه وعجزه:

فما تواصله سلمى وما تَذَرُ

(٦) النهاية واللسان والتهذيب: «أول».

(٧) في التهذيب: فيهجرون.