تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هدر]:

صفحة 614 - الجزء 7

  بكسر الهاءِ، ويقال: الجَبَانُ⁣(⁣١) هنا خَرَج مَخْرَجَ قَول الجَعْديّ:

  يَمْشُون والمَاذِيُّ فَوْقَهُمُ ... يَتَوَقَّدُون تَوَقُّدَ النَّجْمِ

  أَرادَ النُّجومَ. وهو مُخالِفٌ لما في المحكم، فتأَمّلْ.

  وهَدَرَ البَعِيرُ يَهْدِرُ، بالكَسْر، هَدْراً، بالفَتْح، وهَديراً، وهُدُوراً، وكذلك هَدَّرَ تَهْديراً، إِذا كَرَّر، وقيل: صَوَّتَ في غَيْرِ شِقْشِقَةٍ، وفي الصّحاح: رَدَّدَ صَوتَه في حَنْجرَتِه، وإِبِل هَوَادِرُ، وفي المَثَل: «كالمُهَدِّر في العُنَّة» يُضْرَبُ لمن يَصِيح وليس وَراءَه شيءٌ. وفي الأَساس⁣(⁣٢): أَو يُجَلِّبُ ولا يُنَفِّذُ قَوْله ولا فِعْلَه، كالبعِير الذي يُحْبَسُ في العُنَّة، أَي الحَظيرة، ممنوعاً من الضِّرَاب، وهو يُهَدِّر⁣(⁣٣) تَهْديراً. قال الوَليدُ بنُ عُقْبَة يُخاطِب مُعَاويةَ:

  قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِمِ المُعَنَّى ... تُهَدِّرُ في دِمَشْقَ فمَا تَرِيمُ

  ومن المَجَاز: هَدَرَ الحَمَامُ يَهْدِرُ، بالكَسْر، هَدْراً، بالفَتْح، وهَدِيراً، نَقلَه ابنُ القَطّاع، وكذلك هَدَلَ يَهْدِلُ هَدِيلاً، وتَهْداراً، بالفَتْح، وكذلك التَّهْدَال، إِذا صَوَّتَ.

  وفي الأَساس: قَرْقَر وكَرّرَ صَوتَه في حَنْجَرته، كأَنّه على التَّشْبيه بهَدِيرِ البَعير. وقَرأْت في كتاب غَريب الحَمام للحسن بن عبد لله الأَصبهاني ما نَصّه: وهَدَرَ يَهْدِرُ هَديراً، الاسمُ والمصْدر واحدٌ، قال الشاعر:

  ووَرْقَاءَ يَدْعُوها الهَدِيلُ بسَجْعِه ... يُجاوِب ذاكَ السَّجْعَ منْها هَدِيرُهَا

  وفي الصّحاح: هَدَر الشَّرَابُ يَهْدِرُ هَدْراً وتَهْدَاراً، أَي غَلَا، وفي كلام المصنّف نَظَرٌ من وُجوهٍ: أَوّلا فإِنّه تَركَ ذِكْرَ الهَدِيرِ، وهو في الأَسَاس وكُتُب الغريب. وثانياً: أَوْرَدَ التَّهْدار في مصَادر هدَرَ الحَمَامُ، ولم يَذكُرْه أَهلُ الغَريب فيها مُطْلقاً، وإِنّمَا ذَكَرَه الجوهريُّ في مَصادر هَدَر الشّرَابُ، كما تَرَى، والزّمخشريُّ في مَصَادِر هَدَر الفَحْلُ، وثالثاً فَرَّق بين هَدَرَ البَعيرُ وهَدَرَ الحَمَامُ في الذِّكْر وهما وَاحد في المصادر والاستعْمال، فكان يَنْبَغِي أَن يَقُول: وهَدَر البَعِيرُ، إِلى آخِرِه، ثم يقول: وكذا الحَمَامُ، كما فَعلَه الأَزهريُّ وابنُ القَطَّاع، ليكون أَنسبَ للاخْتصَار. ومن المَجاز: هَدَرَ النَّخْلُ يَهْدِرُ هَدْراً: انْشَقَّ كافُورُه⁣(⁣٤).

  ومن المَجاز: هَدَرَ العُشْبُ يَهْدِرُ هُدُوراً كقُعُود، عن أَبي حنيفَة، وهَدِيراً، عن ابن شُمَيْل، إِذا تَحَرّك وطالَ جِدًّا وكَثُرَ وتَمَّ. وأَرْضٌ هادِرَةٌ: كثيرَةُ العُشْبِ مُتَنَاهِيَةٌ. وقال أَبو حَنيفَة: الهَادِرُ من العُشْب: الكَثيرُ، وقيل: هو الذي لا شيءَ أَطولُ منه. وقال ابنُ شُمَيْل: يقال للبَقْل: قد هَدَرَ، إِذا بلغ إِنَاهُ في الطُّول والعِظَمِ، وكذلك قد هَدَرَت الأَرضُ هَدِيراً، إِذا انتَهَى بَقْلُهَا طُولاً.

  والهَدَارُ، كسَحَاب، هَكذا في سائر النُّسخ، وصَوابُه كشَدَّاد، كما ضَبَطَه ابنُ الأَثير والصاغَانيّ وغيرُهمَا⁣(⁣٥): ع، أَو: وَادٍ باليَمَامَةُ، وُلدَ به مُسَيْلِمَةُ بنُ حَبيب الكَذّابُ، وبه نَشَأَ وكان منْ أَهلِه، وكان له عليه طَوِيٌّ فسمعت [به]⁣(⁣٦) بنو حَنيفة فكاتَبُوه واسْتَجْلَبُوه فأَنْزلوه حَجْراً، ولما قُتِلَ سَبَى خالِدٌ أَهلَهَا⁣(⁣٧) وأَسكَنَهَا بني الأَعْرَج، وهم بنو الحارث بن كَعْب بن سَعْد بن زَيْد مَناةَ بن تَميم، فهم أَهلُها إِلى الآن.

  وأَبُو الهَدّارِ، مشدّدةً، قد خالفَ هنا اصْطلاحه فإِنه لو قال: كشَدَّاد، لأَصحابَ، اسمُ شاعِر، عن ابن الأَعرابيّ وأَنشد:

  يَمْتَحقُ الشَّيْخُ أَبو الهَدَّارِ ... مثْلَ امْتِحاقِ قَمَرِ السِّرَارِ

  ونُعَيْمُ بن هَدّارٍ أَو هَبَّارٍ أَو هَمَّارٍ أَو خَمَّار أَو حمار، والصّحيح، هَمّار، غَطَفانيّ نزلَ الشّامَ، روَى عنه كَثِيرُ بن مُرَّةَ حَديثاً وَاحداً: وكان الأَوْلَى أَن يذكره في «هـ م ر» ولكنّه تَبع الصّاغانيّ في ذِكْره هنا وقَلّده في إِيراده الأَقْوَال الثلاثَة وتَرْكِه للقَوْليْن الأَخيريْن⁣(⁣٨).


(١) في التكملة: ويقال: الجبان ها هنا جمع خرج مخرج ..

(٢) في الأساس: وهدر الفحل ... وهدّر: كرر.

(٣) في الصحاح: يُهدِر بتخفيف الدال المكسورة.

(٤) في الأساس: وهدر كافور النخل: انشق.

(٥) وقيده ياقوت بتشديد الدال أيضاً.

(٦) زيادة عن معجم البلدان.

(٧) أي أهل قرى اليمامة، كما في معجم البلدان.

(٨) انظر أسد الغابة ٥/ ٣٥.