تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة مع السين المهملة

صفحة 191 - الجزء 8

  وكانت العَرَبُ القُدَمَاءُ يُسَمُّونَ يومَ الخَميس مُؤْنِساً؛ لأَنَّهُم كانُوا يمِيلُونَ فيهِ إِلى المَلاذِّ، بَلْ وَرَدَ في الآثارِ عن عَليٍّ رَضيَ الله تعالى عنه: أَنّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى خَلَقَ الفِرْدَوْسَ يومَ الخَميسِ وسَمّاهَا مُؤْنِسَ.

  وابنُ الأَنَس: هو المُقيمُ⁣(⁣١).

  ومَكانٌ مَأْنُوسٌ: فيه أَنْسٌ⁣(⁣٢) كمَأْهُولٍ: فيه أَهْلٌ، قالَه الزَّمَخْشَريُّ.

  وفي اللِّسَان: إِنّمَا هُوَ عَلَى النَّسَب؛ لأَنّهُمْ لم يَقُولُوا: أَنَسْتُ المَكَانَ، ولا أَنِسْتُه، فلما لم نَجدْ له فِعْلاً، وكانَ النَّسَبُ يَسُوغُ في هذا، حَمَلْنَاهُ عليه، قال جَريرٌ:

  فالْحِنْوُ أَصْبَحَ قَفْراً غَيرَ مَأْنُوسِ⁣(⁣٣)

  وجاريَةٌ أَنُوسٌ، كصَبُور، من جَوَارٍ أَنُسٍ، قال الشّاعرُ يَصفُ بَيْضَ نَعَامٍ:

  أَنُسٌ إِذَا ما جِئْتَها ببُيُوتِهَا ... شُمُسٌ إِذا دَاعِي السِّبَابِ دَعَاهَا

  جُعلَتْ لَهُنَّ مَلَاحِفٌ قَصَبيَّةٌ ... يُعْجِلْنَهَا بالعَطِّ قَبْلَ بِلاهَا

  والمَلَاحفُ القَصَبيَّةُ يعني بها ما عَلى الأَفْرُخِ من غِرْقِئِ البَيْضِ.

  واسْتَأْنَسَ الشَّيْءَ: رآهُ، عن ابن الأَعْرَابيِّ، وأَنْشَدَ:

  بعَيْنَيَّ لم تَسْتَأْنِسَا يَومَ غُبْرَةٍ ... ولم تَرِدَا جَوَّ العِرَاقِ فثَرْدَمَا

  وقال ابنُ الأَعْرَابيِّ: أَنِسْتُ بفلانٍ: فَرِحْتُ به.

  واسْتَأْنَسَ: اسْتَعْلَمَ.

  والاسْتئْنَاسُ: التَّنَحْنُحُ، وبه فَسَّرَ بعضُهُم الآيَةَ.

  وفي حديث ابن مَسْعُود ¥: «كَانَ إِذا دَخَلَ دَارَهُ اسْتَأْنَسَ وتَكَلَّمَ»، أَي اسْتَعْلَمَ وتَبَصَّرَ قَبْلَ الدُّخول. والإِينَاسُ: المَعْرِفَةُ والإِدْرَاكُ واليَقينُ، ومنه قولُ الشّاعر:

  فإِنْ أَتاكَ امْرُؤٌ يَسْعَى بكِذْبَته ... فانْظُرْ، فإِنَّ اطِّلاعاً غَيرُ إِيناسِ

  الاطِّلاعُ: النّظَرُ، والإِينَاسُ: اليَقينُ. وقالَ الفَرّاءُ: من أَمْثَالهم: «بَعْدَ اطِّلاعٍ إِيناسٌ» يقول: بعد طُلُوعٍ إِيناسٌ.

  وتَأَنَّسَ البَازِيُّ: جَلَّى بطَرْفه ونَظَرَ رافِعاً رأْسَه طامِحاً بطَرْفه.

  وفي الحَديث: «لو أَطَاعَ الله النّاسَ في النّاس لم يَكُنْ ناسٌ» قيل: معناه أَنَّ النّاسَ يُحبُّونَ أَن لا يُولَدَ لهم إِلاَّ الذُّكْرَانُ⁣(⁣٤) دُونَ الإِنَاث، ولو لم تَكُنْ الإِناثُ ذَهَبَ النّاسُ، ومَعْنَى أَطَاعَ اسْتَجَابَ دُعَاءَهُ⁣(⁣٥).

  وأُنُسٌ، بضمَّتَيْن: ماءٌ لبَني العَجْلان، قال ابنُ مُقْبل:

  قالَتْ سُلَيْمَى ببَطْنِ القَاعِ من أَنُسٍ: ... لا خَيْرَ في العَيْش بَعدَ الشَّيْبِ والكِبَرِ⁣(⁣٦)

  وقد سَمَّوْا مُؤْنِساً، وأَنَسَةَ، والأَخيرُ مَوْلى النبيِّ ، ويُقَال: أَبُو أَنَسَةَ، ويقال إِنّ كُنْيَتَه أَبو مَسْرُوحٍ، شَهدَ بَدْراً، واسْتُشْهِدَ به، وفيه خلافٌ.

  وإِنْسَانُ، بالكسر: قبيلةٌ من قَيْسٍ: ثمّ من بني نَصْر، قاله البرقيُّ، استدرَكه شيخُنا. قلْتُ: بَني نَصْرِ بن مُعَاويَةَ بن أَبي بَكْر بن هَوَازِنَ.

  وإِنْسَانُ، أَيضاً، في بَني جُشَمَ بن مُعَاويَة، أَخي نَصْرٍ هذا، وهو إِنْسَانُ بنُ عوارة بن غَزِيَّةَ بن جُشَمَ، ومنهم ذُو الشَّنَّة وَهْبُ بنُ خالد بن عَبْد بن تَميم بن مُعَاويَةَ بن إِنْسَان⁣(⁣٧) الإِنْسانيُّ، وأَما أَبو هَاشم كثيرُ بنُ عبد الله الأَيْليُّ الأَنسَانيُّ فمُحَرّكةٌ، نُسِبَ إِلى قَرْيَةِ أَنس بن مَالك، ورَوَى عنه، وهو أَصْلُ الضُّعَفَاءِ، قال الرُّشاطيُّ: وإِنّمَا قيلَ له كذا ليُفْرَق بينَه وبينَ [المَنْسُوب إِلى] أَنَس.

  وأَبو عَامر الأَنَسيّ، محرّكة، شَيْخٌ للمَالينيّ.


(١) كذا ونص الأساس: وابن الأنَس المقيمُ؟

(٢) ضبطت عن الأساس.

(٣) اللسان وصدره:

حتى الهِدملة من ذات المواعيس

(٤) عن النهاية وبالأصل «ذكران».

(٥) النهاية: «دعاءهم» والأصل كاللسان».

(٦) وقيل أبا مسرح؛ انظر أسد الغابة.

(٧) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «الإنسان».