تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أيس]:

صفحة 194 - الجزء 8

  وقيل: هو كُلُّ أَثَرٍ خَفيٍّ كأَثَر البَعيرِ ونَحْوِه.

  وقال أَبو عَمْرٍو: الآسُ: أَن تَمُرَّ النَّحْلُ فيَسْقُطَ منها نُقَطٌ من العَسَلِ على الحِجارَة فيُسْتَدَلَّ بذلك عَلَيْهَا.

  والمُسْتآسَةُ: المُسْتَعَاضَةُ، قالَ الجَعْديُّ:

  لَبِسْتُ أَنَاساً فأَفْنَيْتُهُمْ ... وأَفْنَيْتُ بعدَ أُنَاسٍ أُنَاسَا

  ثَلاثَة أَهْلينَ أَفْنَيْتُهُم ... وكانَ الإِلهُ هُو المُسْتَآسَا

  أَي المُسْتَعَاض، ويُقَال: اسْتَآسَنِي فأُسْتُه، أَي اسْتَعَاضَني.

  والمُسْتَآسَةُ: المُسْتَصْحَبَةُ والمُسْتَعْطاةُ والمُسْتَعَانَةُ، وقد اسْتَآسَه، إِذا طَلَبَ منه الصُّحْبَةَ والعَطيَّةَ والإِعَانَةَ.

  وأَوْسْ أَوْسْ، مبنيّانِ على السُّكُون: زَجْرٌ للغَنَم والبَقَر، كذا في التَّكْملَة، وفي اللِّسَان: المَعز، بدلَ الغَنَم⁣(⁣١).

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  الآسُ: البَلَحُ.

  والأَوَيْسِيّون قَومٌ تَربَّوا بالرُّوحَانيّة.

  وأَوْسُ الّلاتِ: رجُلٌ من الأَنْصَار ويُقَالُ له: أَوْسُ الله، مُحَوَّلٌ عن اللات، أَعقَب فلَه عِدَادٌ.

  [أيس]: أَيِسَ منه، كسَمِعَ، إِيَاساً: قَنَطَ، لغةٌ في يَئِسَ منه يَأْساً، عن ابن السِّكِّيت، وفي خُطْبَة المُحْكَم: وأَما يَئسَ وأَيِسَ فالأَخيرَةُ مقلُوبةٌ عن الأُولَى؛ لأَنَّه لا مَصْدَرَ لأَيِسَ، ولا يُحْتَجُّ بإِياسٍ اسم رَجُلٍ، فإِنّه فِعَالٌ من الأَوْس، وهو العَطَاءُ، فتأَمَّلْ.

  وآيَسْتُه وأَيَّسْتُه بمعنًى وَاحدٍ، وكذلك يَأَسْتُه.

  قال ابنُ سيدَه: أَيِسْتُ من الشيْءِ: مقلوبٌ عن يَئِسْتُ، وليس بلُغَةٍ فيه، ولولا ذلك لأَعَلُّوه فقالُوا: إِسْتُ أَآسُ، كهِبْتُ أَهابُ، فظُهُورُه صَحيحاً يدُلُّ على أَنَّهُ صَحَّ لأَنّه مَقْلُوبٌ عما تَصِحُّ عَينُه، وهو يَئِسْتُ؛ لتكونَ الصِّحَّةُ دليلاً على ذلكَ المَعْنَى، كما كانَتْ صِحَّةُ عَورَ دَليلاً على ما لا بُدَّ من صِحَّته وهو أَعْوَرُ. والأَيْسُ: القَهْرُ والذُّلُّ، وقد أَيِسَ أَيْساً: قُهِرَ وذَلَّ ولَانَ، قاله الأَصْمَعيُّ.

  وقال ابنُ بُزُرْجَ: إِسْتُ أَئِيسُ، بكَسْرهمَا، أَيْساً، بالفَتْح، أَي لِنْتُ.

  وحَكَى اللِّحْيَانيُّ أَنَّ الإِيسان* بالكَسْر والتَّحْتيَّة: لُغَةٌ في الإِنْسَان طائيَّة، قال عامرُ بنُ جُوَيْن⁣(⁣٢) الطّائيُّ:

  فيَا لَيْتَني من بَعدِ ما طَافَ أَهْلُهَا ... هَلَكْتُ ولم أَسْمَعْ بهَا صَوْتَ إِيسانِ

  قال ابنُ سيدَه: وكذا أَنْشَدَه ابنُ جِنِّي، وقال: إِلاّ أَنَّهُمْ قد قالُوا في جمْعه أَيَاسِيّ، بياءٍ قبلَ الأَلف، فعَلَى هذا [لَا] يَجُوزُ أَن تَكُونَ الياءُ غيرَ مُبْدَلَة، وجائزٌ أَيضاً أَن يكونَ من البَدَل الّلازمِ نحو عِيدٍ، وأَعْيَادٍ، وعُيَيْد، وقال اللِّحْيَانيُّ: أَي يَجْمَعُونَه أَياسينَ، وقال في كتَاب الله ø {يس ١ وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}⁣(⁣٣) بلُغَة طَيِّئٍ، قال الأَزْهَريُّ: وقَولُ العُلَمَاءِ: إِنّه من الحُرُوف المُقَطَّعَةِ. وقال الفَرّاءُ: العَرَبُ جَميعاً يَقُولُونَ الإِنْسَان، إِلا طَيِّئاً، فإِنّهم يَجْعَلُون مكانَ النُّون ياءً، قالَ الصّاغَانيُّ: وقرأَ الزُّهْريُّ وعِكْرمَةُ والكَلْبيُّ ويَحْيَى بنُ يَعْمُرَ، واليَمَانيُّ، بضمِّ النون على أَنّه نداءٌ مُفْردٌ، معناه يا إِنْسَانُ. قلت: وقد رَوَى في ذلك قَيْسُ بنُ سَعْد عن ابن عَبّاس أَيْضاً. ورَواهُ هَارُونُ عن أَبي بَكْر الهُذَليِّ عن الكَلْبيِّ.

  والتَّأْييسُ: الاسْتقْلالُ، قالَه اللّيْثُ، يُقَال: ما أَيَّسْنَا فُلاناً خَيْراً: أَي ما اسْتَقْلَلْنَا منْه خَيْراً؛ أَي أَرَدْتُه لأَسْتَخْرِجَ منه شَيْئاً فما قَدَرْتُ عليه.

  والتَّأْييسُ أَيضاً: التَّأْثيرُ في الشَّيْءِ، أَنْشَدَ أَبو عُبَيْد للشّمّاخ:

  وجِلْدُها منْ أَطُومٍ لا⁣(⁣٤) يُؤَيِّسُه ... طِلْحٌ بضَاحِيَةِ الصَّيْداءِ مَهْزُولُ

  أَي لا يُؤَثِّرُ فيه، والطِّلْحُ المهْزُولُ من القِرْدانِ.

  والتَّأْيِيسُ أَيضاً: التَّلْيِينُ والتَّذْليلُ، وقد أَيَّسهُ: ذَلَّلَه، قال العَبّاسُ بنُ مِرْدَاس، رضيَ الله تَعَالَى عنه:


(١) وفي التهذيب: «للعنز والبقر».

(*) بعدها في القاموس: ج أَياسِينُ.

(٢) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «جرير» تحريف.

(٣) الآيتان ١ و ٢ من سورة يس.

(٤) اللسان والتكملة: «ما».