(فصل الخاء) المعجمة مع السين
  الأَوّلَ والآخِرَ اليَوميْنِ اللَّذَيْنِ شَرِبَتْ فيهما، ومثلُه قولُ أَبِي زَكَرِيَّا.
  والخَمْسُ: اسمُ رجُلٍ ومَلِكٍ باليَمَن، وهو أَوَّلُ مَن عُمِلَ له البُرْدُ المَعْرُوفُ بالخِمْسِ، نُسِبَتْ إِليه. وسُمِّيَتْ به، ويُقَال لها أَيضاً: خَمِيسٌ، قال الأَعْشَى يصفُ الأَرْضَ:
  يَوْماً تَرَاهَا كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ الْ ... خِمْسِ ويَوْماً أَدِيمَها نَغِلَا(١)
  وكان أَبو عَمْرٍو(٢) يقولُ: إِنما قيلَ للثَّوْبِ: خَمِيسٌ؛ لأَنَّ أَوَّلَ مَن عَمِلَه مَلِكٌ باليَمن يُقَالُ له: الخِمْسُ، بالكَسْر، أَمَرَ بعَمَلِ هذِه الثِّيَابِ فنُسِبَتْ إِليه، وبه فُسِّر حَدِيثُ مُعَاذٍ السابقُ. قال ابنُ الأَثِيرِ: «وجَاءَ في البُخَارِيِّ «خَمِيص»، بالصَّادِ، قال: فإِنْ صَحَّت الرِّوَايَةُ فيكونُ(٣) اسْتَعارَها للثَّوْبِ. وقد أَهْمَلَه المُصنِّف عندَ ذِكْرِ الخَمِيسِ، وهو مُسْتَدْرَكٌ عَلَيْه.
  وقال الأَزْهَرِيُّ: فَلاةٌ خِمْسٌ، إِذَا انْتَاطَ مَاؤُهَا حتّى يكُونَ وِرْدُ النَّعَمِ اليومَ الرَّابعَ، سِوَى اليومِ الذي شَرِبَتْ وصَدَرَتْ فيه. هكذا ساقَهُ في ذِكْرِه على اللَّيْثِ، كما تَقَدَّم قريباً.
  ويُقَال: هُمَا في بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ، أَي تَقَارَبَا(٤) واجْتَمَعَا واصْطَلَحَا. وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ:
  صَيَّرَنِي جُودُ يَدَيْهِ ومَنْ ... أَهْوَاه في بُرْدَةِ أَخْمَاسِ
  فسَّرَه ثَعْلَبٌ، فقال: قَرَّبَ ما بَيْنَنا حتى كأَنّي وهو في خَمْسِ أَذْرُعٍ. وقال الأَزْهَرِيّ، وتَبِعه الصّاغَانِيُّ: كأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ جَارِيَةً، أَو ساقَ مَهْرَ امْرَأَتِه عنه.
  وقال ابنُ السِّكِّيتِ يُقَالُ في مَثَلٍ: «لَيْتَنَا في بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ» أَي لَيْتَنَا تَقَارَبْنَا. ويُرَادُ بأَخْمَاسٍ، أَي طُولُها خَمْسَةُ أَشْبَارٍ. أَو يُقَالُ ذَلك إِذا فَعَلَا فِعْلاً وَاحِداً يَشْتَبِهَانِ فيه، كأَنَّهما في ثَوْبٍ وَاحِدٍ لاشْتِباهِهِما. قاله ابنُ الأَعْرَابِيّ.
  ومن أَمْثَالِهِم: يَضْرِبُ أَخْمَاساً لأَسْدَاسٍ، أَي يَسْعَى في المَكْرِ والخَدِيعَةِ. وأَصْلُه من أَظْمَاءِ الإِبل، ثمّ ضُرِبَ مَثَلاً للَّذِي يُرَاوِغ صاحِبَه ويُرِيه أَنَّهُ يُطِيعُه. كذا في اللِّسَانِ.
  وقِيلَ: يُضْرَب لمَنْ يُظْهِر شَيْئاً ويُرِيدُ غَيْرَه، وهو مأْخوذٌ من قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، ونَصُّه: قالوا: «ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْدَاسٍ». يُقَال للذي يُقَدِّمُ الأَمْرَ يُرِيدُ به غَيرَه فيَأْتِيه من أَوَّلِه، فيَعْملُ [فيه](٥) رُوَيْداً رُوَيْداً. وقوله: لأَنَّ إِلى آخره، مأْخوذٌ من قَوْلِ رَاوِيةِ(٦) الكُمَيْتِ، ونَصُّه: أَنَّ الرَّجُلَ إِذا أَرادَ سَفَراً بَعِيداً عَوَّدَ إِبِلَهُ أَنْ تَشْرَبَ خِمْساً(٧) سِدْساً، حتى إِذا دَفَعَتْ(٥) في السَّيْرِ صَبَرَتْ. إِلى هُنَا نَصُّ عبارَةِ رَاوِيَةِ(٨) الكُمَيتِ. وضَرَبَ بمعْنَى: بَيَّنَ، أَي يُظْهِر أَخْمَاساً لأَجْلِ أَسْدَاسٍ، أَي رَقَّى إِبِلَه من الخِمْس إِلى السِّدْس. وهو معنَى قَوْلِ الجَوْهَرِيّ: وأَصْلُه من أَظْمَاءِ الإِبل.
  وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: العَرَبُ تَقُولُ لمَنْ خاتَلَ: «ضَرَبَ أَخْمَاساً لأَسْدَاسٍ». وأَصْلُ ذلِكَ أَنَّ شَيْخاً كانَ في إِبلهِ ومَعَهُ أَولادُه رِجالاً يَرْعَوْنَهَا، قد طالَتْ غُرْبَتُهُم عن أَهْلِهِم، فقال لهم ذاتَ يومٍ: ارْعَوْا إِبِلَكم رِبْعاً، فرَعَوْا رِبْعاً نَحْوَ طريقِ أَهْلِهِم، فقالُوا له: لو رَعَيْنَاها خِمْساً: فزادوا يوماً قِبَلَ أَهلِهِم؛ فقالُوا: لو رَعَيْنَاها سِدْساً: فَفَطَنَ الشيخُ لِمَا يُرِيدُون فقالَ: ما أَنْتُم إِلاّ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْداسٍ، ما هِمَّتُكم رَعْيُهَا، إِنَّمَا هِمَّتُكُم أَهْلُكُم، وأَنشَأَ يَقولُ:
  وذلكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرَاهُ ... لأَسْدَاسٍ عَسَى أَلاّ تَكُونَا
  وأَخَذَ الكُمَيْتُ هذا البيتَ لأَنَّه مَثَلٌ فقال:
  وذلِكَ ضَرْبُ أَخْمَاسٍ أُرِيدَتْ ... لأَسْداسٍ عَسَى أَلاّ تَكُونَا
(١) ويروى: أردية العصب.
(٢) في التهذيب: أبو عمرو بن العلاء.
(٣) عبارة النهاية: فيكون مذكر الخميصة، وهي كساء صغير، فاستعارها للثوب.
(٤) الأصل والقاموس والتهذيب والتكملة، وفي اللسان دار المعارف: تقارنا.
(٥) زيادة عن التهذيب.
(٦) عن اللسان وبالأصل «رواية» وهو محمد بن سهل كما في التهذيب، وقد نقل قوله.
(٧) في التهذيب: خمساً ثم سادساً.
(٨) في التهذيب: «حتى إذا رُفعت في السقي صبرت» والأصل كاللسان.