تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الخاء) المعجمة مع السين

صفحة 266 - الجزء 8

  وأَنشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ لرَجُلٍ من طَيِّيءٍ:

  في مَوْعِدٍ قالَه لِي ثُمّ أَخْلَفَهُ ... غَداً غَداً ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْداسِ

  وقال خُرَيْمُ بنُ فاتِكٍ الأَسَدِيّ:

  لكِنْ رَمَوْكُمْ بشَيخٍ مِن ذَوِي يَمَنٍ ... لم يَدْرِ ما ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لِأَسْدَاسِ

  ونَقَلَ ابنُ السِّكِّيتِ عن أَبِي عَمْرٍو، عند إِنْشَادِ قولِ الكُمَيْتِ: هذا كقَولك: شَشْ بَنْجْ، يعني: يُظْهِر خمسةً ويُرِيدُ سِتَّةً.

  ونَقلَ شَيْخُنَا عن المَيْدَانِيِّ وغيرِه، قالُوا: «ضَرَبَ أَخْمَاسَه في أَسْدَاسِه» أَي صَرَف حَوَاسَّه الخَمْسَ في جِهَاتِه السِّتِّ، كِنايةً عن استِجْمَاعِ الفِكْرِ للنَّظَرِ فيما يُرَادُ، وصَرْفِ النَّظَرِ في الوُجُوه.

  والخُمْسُ بالضّمّ، وبه قرأَ الخَلِيلُ: فَأَنَّ لله خُمْسَهُ⁣(⁣١) وبضَمَّتَيْنِ، وكذلِك الخَمِيسُ، وعلى ما نَقَلَه ابنُ الأَنْبَارِيّ من اللُّغَوِيِّين، يَطَّردُ ذلِك في جَمِيعِ هذِه الكُسُورِ، فيما عَدَا الثَّلِيث. كذا قرأْته في مُعْجَم الحافظ الدِّمْيَاطِيِّ، فهو مُسْتَدْرَكٌ عَلَى المُصَنِّفِ: جُزْءٌ من خَمْسَةٍ والجَمْعُ: أَخْمَاسٌ.

  وجَاءُوا خُمَاسَ ومَخْمَسَ، أَي خَمْسَةً خَمْسَةً، كما قالوا: ثُنَاءَ ومَثْنَى، ورُبَاعَ ومَرْبَعَ.

  وخَمَاسَاءُ، كبَرَاكَاءَ: ع، وهو اللِّسَان في ح م س، وذكره الصاغانيُّ ها هنا وأَخْمَسُوا: صاروا خَمْسَةً.

  وأَخْمَسَ الرَّجُلُ: وَرَدَتْ إِبِلُه خِمْساً. ويقَال لصاحِبِ تلك الإِبِل: مُخْمِسٌ. وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ لامْرِئِ القَيْسِ:

  يُثِيرُ ويُبْدِي⁣(⁣٢) تُرْبَهَا ويَهِيلُهُ ... إِثارَةَ نَبَّاثِ الهَوَاجِرِ مُخْمِسِ

  وخَمَّسَهُ تَخْمِيساً: جَعَلَه ذَا خَمْسةِ أَرْكَانٍ. ومنه المُخَمَّسُ من الشِّعْرِ: ما كانَ على خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، وليسَ ذلِكَ في وَضْعِ العَرُوض. وقال أَبُو إِسحاق: إِذا اخْتَلَطت القَوَافِي فهو المُخَمَّس.

  وقال ابنُ شُمَيْلٍ: غُلامٌ خُمَاسِيٌّ ورُبَاعِيٌّ: طالَ خَمْسَةَ أَشْبَارٍ، وأَرْبعةَ أَشْبَارٍ، وإِنّمَا يُقَال: خُمَاسِيّ ورُبَاعِيٌّ فيمَن يَزْدَادُ طُولاً، ويقال في الثَّوْب: سُبَاعِيٌّ. وقالَ اللَّيْثُ: الخُمَاسِيُّ، والخُمَاسِيَّةُ من الوَصائفِ: ما كان طُولُه خَمْسَة أَشْبَارٍ. قال: ولا يُقَال: سُدَاسِيٌّ ولا سُبَاعِيٌّ إِذا بَلَغَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ وسَبْعَةً. وقالَ غيرُه: ولا فِي غَيْرِ الخَمْسَةِ؛ لأَنّه إِذا بَلَغَ سِتَّةَ⁣(⁣٣) أَشْبَارٍ فهو رَجُلٌ. وفي اللِّسَان: إِذا بَلَغ سَبْعَةَ أَشْبَارٍ صار رَجُلاً.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  الخَمْسُونَ من العَدد معروف. وقولُ الشّاعِرِ، فيما أَنْشَدَه الكِسَائِيُّ وحكاهُ عنه الفَرّاءُ:

  فِيمَ قَتَلْتُمْ رَجُلاً تَعَمُّدَا ... مُذْ سَنَةٌ وخَمِسُونَ عَدَدَا

  بكسرِ الميمِ من «خَمسُون» لأَنَّه احتاجَ إِلى حَرَكَةِ الميمِ لإِقامَةِ الوَزْنِ، ولم يَفْتَحْها لئَلاَّ يُوهِمَ أَنَّ الفَتْحَ أَصْلُهَا. وفي التَّهْذِيبِ: كَسَرَ المِيمَ من «خَمسُون، والكلامُ خَمْسُون، كما قالوا: خَمْسَ عَشِرَةَ، بكسر الشينِ. وقالَ الفَرَّاءُ: رواه غيرُه بفتحِ المِيمِ، بَنَاهُ على خَمَسَةٍ وخَمَسَاتٍ.

  وجَمْعُ الخِمْسِ من أَظماءِ الإِبِل: أَخْمَاسٌ: قال سِيبَوَيْه: لم يُجَاوَزْ به هذا البناء.

  ويُقَال: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، وقَعْقَاعٌ، وحَثْحَاتٌ، إِذا لم يَكُنْ في سَيْرِها إِلى الماءِ وَتِيرَةٌ ولا فُتُورٌ لبُعْدِه. قالَ العَجّاجُ:

  خِمْسٌ كحَبْلِ الشَّعَرِ المُنْحَتِّ

  أَي خِمْس أَجْرَدُ كالحَبْلِ المُنْجَرِدِ.، من اعْوِجَاجٍ⁣(⁣٤).


(١) سورة الأنفال الآية ٤١.

(٢) في التهذيب: «ويذري تربها» ويروى: يهيل ويذري تربها ويثيره.

(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: خمسة.

(٤) كذا بالأصل وهي في اللسان تفسير لقوله: من أمتِ وقد وردت في شطر آخر وروايته فيه: ما في انطلاق ركبه من أمْتِ