تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[هلطس]:

صفحة 45 - الجزء 9

  والهَمْسُ: مَضْغُ الرَّجُلِ الطَّعَامَ والفَمُ مُنْضَمٌّ، عن أَبي زَيْدٍ، وأَنْشَد في نَوَادِرِه:

  يَأْكُلْنَ ما فِي رَحْلِهِنَّ هَمْسَا

  ومنه أَكْلُ العَجُوزِ الدَّرْدَاءِ سُمِّيَ هَمْساً، عن أَبِي الهَيْثَم، وقيل: الهَمْسُ: المَضْغُ الَّذِي لا يُفغَر به الفَمُ.

  وقال أَبو عمْرٍو: الهَمْسُ: السَّيْرُ باللَّيْلِ، أَي بلا فُتُورٍ.

  أَو هو قِلَّةُ الفُتُورِ باللَّيْلِ والنَّهَارِ، قالَهُ أَبو السَّمَيْدَعِ.

  وقِيلَ: الهَمْسُ: حِسُّ الصَّوتِ في الفَمِ، مِمّا لا إِشْرَابَ لهُ من صَوْتِ الصَّدْرِ ولا جَهَارَةَ في المَنْطِق، ولكِنَّه كَلامٌ مَهْمُوسٌ في الفَمِ كالسِّرِّ، قالَه اللَّيْثُ.

  والحُرُوفُ المَهْمُوسَةُ عَشْرة، يَجْمَعُهَا قولُكَ: حَثّه شَخْصٌ فسَكَتَ وإِنما سُمِّيَ الحَرْفُ مَهْمُوساً لأَنه أُضْعِفَ الاعتمادُ في مَوْضِعِهِ حتّى جَرَى معه النَّفَسُ، نقله الجَوْهَرِيّ.

  قلتُ: وهكذا علَّلَه به سِيبَوَيْه، وقال ابنُ جِنِّي: فأَمَّا حُرُوفُ الهَمْسِ فإِنَّ⁣(⁣١) الصَوْتَ الّذي يَخْرُجُ معه نَفَسٌ، ولَيْسَ من صَوْتِ، إِنّما يَخرُجُ مُنْسَلًّا.

  قُلْتُ: وقد جَمَعَه بعضُ القُرّاء في هذِه الأَبْيَات:

  شُهُودُ حُزْنِي خافتِي ... هَجَرْتُمُونِي سَادَتِي

  تَرَكْتُمونِي كُلُّكُم ... ثُمَّتَ خُنْتُم صُحْبَتِي

  والهَمُوسُ، كصَبُور: السَّيّارُ باللَّيْلِ، عن هِشامٍ، وأَنشدَ قَول أَبِي زُبَيْدٍ:

  بَصِيرٌ بالدُّجَى هادِ هَمُوسُ

  يُقَالُ: هَمَسَ لَيْلَهُ أَجْمَعَ.

  والهَمُوسُ: الأَسَدُ الكَسّارُ لفَرِيسَتِه، وقيل: الشَّدِيدُ الغَمْزِ بضِرْسِه، كالهَمَّاسِ، ككَتّانٍ، وقِيلَ: سُمّىَ الأَسَدُ هَمُوساً، لأَنَّه يَهْمِسُ في الظُّلْمَةِ، وقال أَبو الهَيْثَم: لأَنّه يَمْشِي مَشْياً بخُفْيَةٍ فلا يُسْمَع صَوْتُ وَطْئه. وأَسَدٌ هَمُوسٌ: يَمْشِي قَلِيلاً، وهو مَعْنَى قَولِ الجَوْهَرِيّ: الأَسَدُ الهَمُوسُ: الخَفِيُّ الوَطْءِ، قال رؤْبَةُ يَصِف نَفْسَه بالشِّدَّةِ:

  لَيْثٌ يَدُقُّ الأَسَدَ الهَمُوسَا ... والأَقْهَبَيْنِ الفِيلَ والجَامُوسَا

  والهَمِيسُ، كأَمِير: صَوْتُ نَقْلِ أَخْفافِ الإِبِلِ، وبه فُسِّر ما رُوِي عن ابنِ عبّاسٍ، رَضِيَ الله تَعالَى عنهما، أَنّه تَمَثَّلَ فَأَنْشَد:

  وهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا ... إِنْ يَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسَا

  وفي اللّسَان، أَنَّ الهَمُوسَ والهَمِيسَ جَمِيعاً كالهَمْسِ في جَمِيعِ ما ذُكِر من المَعَانِي.

  والمُهَامَسَةُ: المُسَارَّةُ، كالتَّهَامُسِ، قال الشّاعِر:

  فتَهَامَسُوا سِرَّاً وقالُوا: عَرِّسُوا ... في غَيْرِ تَمْئِنَةٍ بغيرِ مُعَرَّسِ

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  الهَمْسُ: الشِّدَّة، وأَخَذَه أَخْذاً هَمْساً، أَي شَدِيداً، نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ.

  وهَمَسَ الشَّيْطَانُ في الصَّدْرِ: وَسْوَسَ، ومنه الحَدِيثُ: «أَنَّه كانَ يَتَعَوَّذُ من هَمْزِ الشَّيْطَانِ ولَمْزِهِ وهَمْسِه.

  والهَمِيسُ: المَشْيُ الخَفِيُّ الحِسِّ. والهَمُوسُ، كصَبُورٍ: النّاقَةُ، قال الكُمَيْتُ:

  غُرَيْرِيَّةَ الأَنْسَابِ أَو شَدْقَمِيَّةً ... هَمُوساً تُبَارِي اليَعْمَلَاتِ الهَوَامِسَا

  وذِئْبٌ هَامِسٌ: شَدِيدٌ.

  ويقال: عَضٌّ هَمّاسٌ، قال رُؤْبَة:

  في نَمِرَاتٍ لِبْدُهُنّ أَحْلاسْ ... عَادَتُهَا خَبْطٌ وعَضٌ هَمّاسْ⁣(⁣٢)

  والهَمْسُ: القَبْرُ، عن ابنِ عبّاد.

  وهَمَسَهُ: مَضَغَه.


(١) عن اللسان وبالأصل «فإنه».

(٢) جعل زبرته لارتفاعها كالحلس على كتفيه.