[فخش]:
  الفَرْشُ في الآيَةِ مَصْدَراً، سُمِّيَ بهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرَشَهَا الله فَرْشاً، أَيْ بَثَّها بَثًّا.
  وقالَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ: إِنَّ البَقَرَ والغَنَم من الفَرْشِ، واسْتَدَلَّ بقولِه تَعالَى: {ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ}(١) فلَمَّا جاءَ هذا بَدَلاً مِنْ قَوْلِه {حَمُولَةً وَ} فَرْشاً جَعَلَهُ للبَقَرِ والغَنَمِ مَعَ الإِبِلِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ، وأَنْشَدَ عَنْ بَعْضِهمْ ما يُحَقِّقُ قَوْلَ أَهلِ التّفْسِيرِ:
  ولَنَا الحامِلُ الحَمُولَةُ والفَرْ ... شُ مِنَ الضَّأْنِ والحُصُونُ الشُّيُوفُ
  وقِيلَ: هُوَ من الإِبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ الَّتِي لا تَصْلُحُ إِلاَّ لِلذَّبْحِ.
  والفَرْشُ: اتِّسَاعٌ قَلِيلٌ في رِجْلِ البَعِيرِ، وهُوَ مَحْمُودٌ، وإِذا كَثُرَ وأَفْرَطَ الرَّوَحُ حَتَّى اصْطَكَّ العُرْقُوبانِ فهُوَ العَقَلُ، وهُوَ مَذْمُومٌ.
  ونَاقَةٌ مَفْرُوشَةُ الرِّجْلِ، إِذا كانَ فِيها انْحِنَاءٌ، قالَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَد الجَعْدِيُّ:
  مَطْوِيَّة الزَّوْرِطَيَّ البِئْرِ دَوْسَرَة ... مَفْرُوشَة الرِّجْلِ فَرْشاً لم يَكُنْ عَقَلَا
  ويُقَالُ: الفَرْشُ في الرِّجْلِ: هُوَ أَن لا يَكُونَ فِيهَا انْتِصَابٌ ولا إِقْعَادٌ، قَالَهُ الجَوْهَرِيُّ، أَيْضاً.
  ومِنَ المَجَازِ: الفَرْشُ: الكَذِبُ. وقد فَرَشَ، إِذا كَذَبَ، ويُقَال: كَمْ تَفْرُشُ، أَي كَمْ تَكْذِبُ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ، وهو مِنْ حَدِّ نَصَرَ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
  والفَرْشُ: وَادٍ بَيْنَ عَمِيسِ(٢) الحَمَائِمِ وصُخَيْرَاتِ اليَمَامَةِ، هكذا بالياء في سائر النُّسَخِ، والصَّوابُ الثُّمَامَة بضَمِّ الثاء المُثَلَّثَةِ، هكذا نَقَلَه الصّاغَانِيّ.
  قُلْتُ: وهُوَ بالقُرْبِ من مَلَلٍ، قُرْبَ المَدِينَةِ، عَلَى ساكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ويُقَالُ له أَيْضاً: فَرْشُ مَلَلٍ، هكَذَا في كَلامِ المُصَنِّفِ، | حِينَ تَعْرِيفِه بَعْضَ المَواضِعِ الَّتِي بَيْنَ الحَرَمَيْنِ، نَزَلَه رَسُولُ الله، ﷺ حِينَ مَسِيرِهِ إِلى بَدْرٍ، وقَدْ ذَكَرَهُ أَهْلُ السِّيَرِ وعَرَّفُوه بِمَا ذَكَرْنا، وكَذلِكَ عَمِيسُ الحَمَائِمِ: أَحَدُ مَنازِلِه، ﷺ، حِينَ سَارَ إِلَى بَدْرٍ، وقَدْ تَقَدَّمَ ذلِكَ.
  وفَرْشُ(٣) الحَيَا: ع، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
  أَهاجَكَ بَرْقٌ آخِرَ اللَّيْلِ وَاصِبُ ... تَضَمَّنَه فَرْشُ الحَيَا فالمَسَارِبُ
  والفَرَاشَةُ، بالفَتْحِ: الَّتِي تَطِيرُ، وتَهافَتُ فِي السِّراجِ لإِحْرَاقِ نَفْسِهَا، ومِنْهُ المَثَلُ «أَطْيَشُ مِنْ فَراشَةٍ» ج: فَرَاشٌ، قالَ الله تعالَى: {كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ}(٤) قالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مَا تَرَاهُ كصِغَارِ البَقِّ يَتَهَافَتُ في النّارِ، وقَالَ الفَرّاءُ: يُرِيدُ كالغَوْغاء مِنَ الجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُه بَعْضاً، كَذلِكَ الناسُ يَجُولُ يَوْمَئِذِ بَعْضُهم في بَعْضٍ، وأَنْشَدَ اللّيْثُ في الفَرَاشِ:
  أَرْدَى بحِلْمِهِمُ الفِيَاشُ فحِلْمُهُمْ ... حِلْمُ الفَرَاشِ غَشِينَ نَارَ المُصْطَلِي(٥)
  والفَرَاشَةُ من القُفْلِ: ما يَنْشَبُ فيهِ، يُقَال: أَقْفَلَ فَأَفْرَشَ، كَذَا في الصّحاح، وقِيلَ: فَرَاشُ القُفْلِ: مَناشِبُه، وَاحِدَتُهَا فَرَاشَةٌ، حَكَاهَا أبو عُبَيْدٍ، قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: لا أَحْسَبُهَا عَرَبِيّةً.
  وفَرَاشُ الرّأْسِ: عِظَامٌ رِقَاقٌ تَلِي القَحْفَ، كما قالَهُ الجَوْهَرِيُّ(٦). وقِيلَ: الفَرَاشُ: عَظْمُ الحَاجِبِ، وقِيلَ: هُوَ ما رَقَّ مِنْ عَظْمِ الهَامَةِ، وقِيلَ: كُلُّ عَظْمٍ ضُرِبَ فطَارَتْ مِنْهُ عِظَامٌ رِقَاقٌ فهي الفَرَاشُ: وقِيلَ: كُلُّ قُشُورٍ تَكُونُ على العَظْمِ دونَ اللَّحْمِ، وقِيلَ: هي العِظَامُ الَّتِي تَخْرُجُ من رَأْسِ الإِنْسَانِ إِذا شُجَّ وكُسِر. وقِيلَ: كُلُّ عَظْمٍ رَقِيقٍ فَرَاشَةٌ، وبِهِ سُمِّيَتْ فَرَاشَةُ القُفْلِ؛ لرِقَّتِهَا، ويُقَالُ: ضَرَبَه فأَطارَ فَرَاشَةَ(٧) رَأْسِهِ، وذلِكَ إِذا طَارَت العِظَامُ رِقَاقاً مِنْ
(١) سورة الأنعام الآية ١٤٣.
(٢) في معجم البلدان «الفرش»: غميس. وورد صواباً في ترجمة مستقلة «العميس».
(٣) كذا بالأصل والقاموس هنا وفي الشاهد، وفي معجم البلدان «فرش الجبا» قال: وهو موضع في الحجاز.
(٤) سورة القارعة الآية ٤.
(٥) البيت لجرير، وروايته في ديوانه:
أزرى بحلمكم الفياش فأنتم ... مثل الفراش غشين نار المصطلي
(٦) في التهذيب: وفِراش الرأس: طرائق رقاق من القحف، وضبطت فراش بالكسر.
(٧) في التهذيب واللسان: فراش.