[قأش]:
  كِنَانَةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ الْيَاسِ بنِ مُضَرَ، فكُلُّ مَنْ كانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ فهُوَ قُرَشِيٌّ دُونَ وَلَدِ كِنَانَةَ وَمَنْ فَوْقَه، كَذا في الصّحاح.
  قُلْتُ: وعِنْدَ أَئِمَّةِ النَّسَبِ كُلُّ مَنْ لَمْ يَلِدْهُ فِهْرٌ فلَيْسَ بقُرَشِيٍّ، قالهُ ابنُ الكَلْبِيِّ(١)، وهو المَرْجُوعُ إِلَيْهِ في هذَا الشّأْنِ، لتَجَمُّعِهِمْ في الحَرَمِ مِنْ حَوَالَيْ مَكَّةَ بَعْدَ تَفَرُقِهِم في البِلَادِ، حينَ غَلَبَ عليها قُصَيُّ بنُ كِلَابٍ.
  ويُقَال: تَقَرَّشَ القَوْمُ، إِذا اجْتَمَعُوا، قالُوا: وبِه سُمِّيَ قُصَيٌّ مُجَمِّعاً.
  قُلْتُ: وقِيلَ: إِنَّمَا لُقِّبَ قُصَيٌّ مُجَمِّعاً لِجَمْعِه [قبائل](٢) قُرَيْشٍ بالرِّحْلَتَيْنِ، ولِكَوْنِه أَوّلَ مَنْ جَمّعَ يومَ الجُمُعَةِ فخَطَب، وفِيه يَقُولُ مَطْرُود بنُ كَعْبٍ الخُزاعِيُّ:
  أَبُوكُمْ قُصَيٌّ كَانَ يُدْعَى مُجَمِّعاً ... بِهِ جَمَّعَ الله القَبَائِلَ مِنْ فِهْرِ(٣)
  أَو لأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَقَرَّشُونَ البِيَاعَاتِ فيَشْتَرُونَهَا، أَوْ لأَنَّ النَّضْرَ بنَ كِنَانَةَ اجْتَمَعَ في ثَوْبِه يَوْماً، فقالوا تَقَرَّشَ، فغَلَبَ عليه اللَّقَبُ، أَو لأَنّه جاءَ إِلى قَوْمِه يَوْماً فقالُوا: كأَنَّهُ جَمَلٌ قَرِيشُ، أَيْ شَدِيدٌ فلُقِّبَ به، أَوْ لأَنَّ قُصَيَّا كان يُقَالُ له: القُرَشِيُّ، وهُوَ الّذِي سَمّاهم بهذا الاسْمِ، قالَهُ المُبَرِّدُ ونَقَلَهُ السُّهَيْلِيُّ في مُبْهمِ القُرْآنِ، أَوْ لأَنَّهُمْ كَانُوا يُفَتِّشُونَ الحاجَ، بالتَّخْفِيفِ، جَمْعُ: حاجةٍ فيَسُدُّونَ خَلَّتَها، فمَنْ كان مُحْتَاجاً أَغْنَوْهُ، ومَنْ كان عارِياً كَسَوْه، ومَنْ كان مُعْدِماً وَاسَوْهُ ومَنْ كانَ طَريداً آوَوْه، ومَنْ كان خائِفاً حَمَوْه، ومَنْ كان ضالًّا هَدَوْهُ، وهذا قَوْلُ مَعْرُوفِ ابنِ خَرَّبُوذَ، أَو سُمِّيَتْ بمُصَغَّرِ القِرْشِ، وهِيَ دَابَّةٌ بَحْرِيَّةٌ تَخَافُهَا دَوَابُّ البَحْرِ كُلُّها، وقِيلَ: إِنّهَا سَيِّدةُ الدّوابِّ، إِذا دَنَتْ وَقَفَت الدَّوابُّ، وإِذا مَشَتْ مَشَتْ، وكَذلِكَ قُرَيْشٌ ساداتُ النّاسِ جاهِلِيَّةً وإِسْلَاماً، وهذا القَوْلُ نَقَلَه الزُّبَيْرُ بنُ بَكّارٍ بسَنَدِه عن ابنِ عَبّاسٍ، وأَنْشَدَ قَوْلَ المُشَمْرِجِ الحِمْيَرِيّ:
  وقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ البَحْ ... رَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
  أَو سُمِّيَتْ بقُرَيْشِ بنِ مَخْلَدِ(٤) بنِ غالِبِ بنِ فِهْرٍ، وكانَ صاحِبَ عِيرِهم، فكانُوا يَقُولُون: قَدِمَتْ عِيرُ قُرَيْشٍ، وخَرَجَتْ عِيرُ قُرَيْشٍ، فَلُقِّبُوا بِذلِكَ.
  وقال السُّهَيْلِيُّ، ¦ - في مُبْهَمِ القُرْآنِ، في آل عِمْران، عِنْدَ ذِكْرِ بَدْرٍ -: هُوَ أَبُو بَدْرٍ، وهُوَ ابنُ قُرَيْشِ بنِ الحَارِثِ بن يَخْلُدَ بنِ النَّضْرِ، وكَانَ قُرَيْشٌ أَبُوهُ دَلِيلاً بَينَ فِهْرِ بنِ مالكٍ في الجاهلية، فكانت عِيرُهم إِذا وَرَدَتْ بَدْراً يقال: قد جاءَت عِيرُ قُرَيْشٍ، يُضِيفُونَهَا إِلى الرّجُلِ، حَتَّى ماتَ وبَقِيَ الاسْمُ، فهذِهِ ثَمانِيَةُ أَوْجُهٍ ذَكَرها في سَبَبِ تَلْقِيبِ النّضْرِ قُرَيْشاً، سَبْعَةٌ مِنْهَا نَقَلَها إِبراهِيمُ الحَرْبِيُّ في غَرِيبِ الحَدِيثِ مِنْ تَأْلِيفِه، وفاتَهُ ما نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ وغيرُه: سُمِّيَتْ بِذلِكَ لِتَبَحُّرِهَا وتَكَسُّبِهَا وضَرْبِهَا في البَلَادِ تَبْتَغِي الرِّزْقَ، وقِيلَ: لأَنّهُم كانُوا أَهْلَ تِجَارَةٍ ولَمْ يَكُونوا أَصْحَابَ ضَرْعٍ وزَرْعٍ، من قَوْلهم: فلانٌ يَتَقَرَّشُ المالَ، أَيْ يَجْمَعُه، فَهذِه عَشَرَةُ أَوْجُه، والمَشْهُورُ من ذلِكَ الوَجْهُ الأَوّلُ الَّذِي نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عَنِ الفرّاء، ثُمَّ مَا ذَكَرَه الزُّبَيْرُ بنُ بَكّارٍ، نَسّابَةُ العَرَبِ، وحُكِيَ لِبَعْضِهِم في تَسْمِيَتِهم بقُرَيْشٍ عِشْرُونَ قَوْلاً.
  وهُم اثْنَانِ: قُرَيْشُ الظَّوَاهِرِ، وقُرَيْشُ البِطَاحِ، وقد ذُكِرَ في «ظ هـ ر»، فراجِعْهُ.
  قال الجَوْهَرِيُّ: فإِنْ أَرَدْتَ بقُرَيْشٍ الحَيَّ صَرَفْتَه، وأَنْ أَرَدْتَ بِهِ القَبيلَةَ لَمْ تَصْرِفْه، قالَ الشاعرُ في تَرْكِ الصَّرْفِ:
  غَلَبَ المَسامِيحَ الوَلِيدُ سَمَاحَةً ... وكَفَى قُرَيْشَ المُعْضِلاتِ وسَادَهَا
(١) وفي جمهرة ابن حزم ص ١٢ ولد فِهر ... وهم قريش لا قريش غيرهم، ولا يكون قُريشي إلا منهم، ولا من ولد فهر أحد إلا قُريشي.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) البيت في جمهرة ابن الكلبي ص ٢٥ ونسبه إلى حذافة بن غانم قاله لأبي لهب. وضبطت فيه جمع بدون تشديد. وفي نسب قريش ص ٣٧٥:
أبو عتبة الملقي إلي حباء ... أغرّ هجان اللون من نفر زهرِ
أبوهم قصي كان يدعى مجمعاً ... به جمع الله القبائل من فهر
(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «يخلد» وفي جمهرة ابن حزم ص ١١ «قريش بن بدر بن يخلد بن النضر» وفي جمهرة ابن الكلبي ص ٢١ يخلد من ولد النضر.