فصل الحاء المهملة
  مُسْتَحُقِبُو حَلَقِ المَاذِيِّ خَلْفُهُمُ(١) ... شُمَّ العَرَانِينِ ضَرَّابُونَ لِلْهَامِ
  وفي حديث حُنَيْن «ثمَّ انْتَزَعَ طَلْقاً مِنْ حَقَبِهِ»(٢) أَي منَ الحَبْلِ المَشْدُودِ على حَقْوِ البَعِيرِ أَو من حَقِيبَتِه، وهي الرِّفَادَةُ(٣) التي تُجْعَلُ في مُؤَخَّرِ القَتَبِ وَالوِعَاءُ الذي يَجْعَلُ فيه الرَّجُلُ زَادَهُ.
  والمُحْقِبُ(٤) كمُحْسِنٍ: المُرْدِفُ، وأَحْقَبَه: أَرْدَفَهُ، وفي حديث ابن مَسْعُودٍ(٥) «فيكمُ اليوْمَ المُحْقِبُ النَّاسَ دِينَهُ»(٦) أَرَادَ الذي يَجْعَلُ دِينَهُ تابعاً لدِينِ غَيْرِه بلا حُجَّةٍ ولا بُرْهَانٍ ولا رَوِيَّةٍ، وهو من الإِرْدَافِ عَلَى الحَقِيبَةِ.
  والمُحْقَبُ بفَتْحِ القَافِ: الثَّعْلَبُ لِبَيَاضِ إِبْطَيْهِ(٧)، وأَنْشَدَ بعضُهم لأُمِّ الصَّرِيحِ الكِنْدِيَّةِ، وكانَتْ تَحْتَ جَرِيرٍ فَوَقَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِ جريرِ لِحَاءٌ وفخَارٌ فقالَتْ:
  أَتَعْدِلِينَ مُحْقَباً بِأَوْسِ ... والخَطَفَى بِأَشْعَثَ بنِ قَيْسِ
  مَا ذَاكِ بالحَزْمِ ولَا بالكَيْس
  عَنَتْ بذلكَ أَنَّ رِجَالَ قَوْمِهَا عِنْدَ رِجَالِهَا كالثَّعْلَبِ عند الذِّئْبِ، وأَوْسٌ هو الذِّئبُ.
  واحْتَقَبَهُ على ناقَتِه: أَرْدَفَهُ خَلْفَهُ على حَقِيبَةِ الرَّحْلِ، وهو مَجَازٌ، واحْتَقَبَ فلانٌ الإِثْمَ: جَمَعَهُ، واحْتَقَبَه من خَلْفِهِ، وقال الأَزهريّ: الاحْتِقَابُ: شَدُّ الحَقِيبَةِ من خَلْفٍ، وكذلك ما حُمِلَ من شيءٍ من خَلْف، يقال احْتَقَب واستَحْقَبَ، واحْتَقَبَ خَيْراً أَوْ شَرَّاً.
  واسْتَحْقَبَه: ادَّخَرَه، على المَثَلِ، لأَنَّ الإِنسانَ حَامِلٌ لِعَمَلِه ومُدَّخِرٌ له، وفي الأَساس: ومن المجاز: احْتَقَبَهُ واسْتَحْقَبَهُ أَي احْتَمَلَهُ(٨)، قال الأَزهريّ: ومِنْ أَمْثَالِهِم «اسْتَحْقَبَ الغَزْوُ أَصْحَابَ البَرَاذِينِ»(٩) يقالُ ذلكَ عند تَأْكِيدِ كُلِّ أَمْرٍ ليس منه مَخْرَجٌ.
  والحِقْبَةُ، بالكَسْرِ، من الدَّهْرِ: مُدَّةٌ لا وَقْتَ لها، والسَّنَةُ، ج حِقَبٌ كِعنَبٍ، وحُقُوبٌ مِثْلٌ حُبُوبٍ كحِلْيَةٍ وحُلِيٍّ.
  والحُقْبَةُ بالضَّمِ: سُكُونُ الرِّيحِ، يَمَانِيَةٌ، يقال: أَصَابَتْنَا حُقْبَةٌ في يَوْمِنَا.
  والحُقْبُ بالضَّمِ والحُقُبُ بِضَمَّتَيْنِ: ثَمَانُونَ سَنَةً والسَّنَةُ ثَلَاثمائَة وسِتُّونَ يَوْماً، اليَوْمُ منها: أَلْفُ سَنَةٍ من عَدَدِ الدُّنْيَا، كذا قالَهُ الفَرَّاءُ في قوله تعالى {لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً}(١٠) ومثلُه قال الأَزهريُّ، أَوْ أَكْثَرُ من ذلك، والحُقْبُ: الدَّهْرُ والحُقْبُ: السَّنَةُ أَو السِّنُونَ، وهما لِثَعْلَبٍ، ومنهم من خَصَّصَ في الأَوّل لُغَةَ قَيْسٍ خَاصَّةً ج الحُقْبِ: حِقَابٌ، مِثْلُ قُفٍّ وقِفَاف، وجَمْعُ الحُقُبِ بضَمَّتَيْنِ أَحْقَابٌ وأَحْقُبٌ حَكَاهُ الأَزهريُّ، وقال الأَحْقَابُ: الدُّهُورُ، وقِيلَ: بلِ الأَحْقَابُ والأَحْقُبُ جَمْعُهُمَا.
  والحَقْبَاءُ: فَرَسُ سُرَاقَةَ بن مِرْدَاسٍ أَخِي العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ، لِمَا بِحَقْوَيْهَا مِن البَيَاضِ والحَقْبَاءُ القَارَة المَسْتَرِقَّة(١١) الطَّوِيلَةُ في السَّمَاءِ قال امرؤ القَيْسِ:
  تَرَى القُبَّةَ الحَقْبَاءَ مِنْهَا كَأَنَّهَا ... كُمَيْتٌ تُبَارِي رَعْلَةَ الخَيْلِ فَارِدُ
  في لسان العَرب: وهَذَا البَيْتُ مَنْحُولٌ، قال الأَزهَرِيّ: وقَالَ بعضُهُم: لا يُقَالُ [لها](١٢) حَقْبَاءُ إِلَّا وَقَدِ الْتَوَى السَّرَابُ بِحَقْوَيْهَا، أَو القَارَةُ الحَقْبَاءُ هِيَ الَّتِي في وَسَطِهَا تُرَابُ أَعْفَرُ بَرَّاقٌ تراه يَبْرُقُ لبياضه مَعَ بُرْقَةِ سَائِرِه، وهُو قولَ الأَزهريّ.
  * ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
  الحَاقِبُ: هو الذي احْتَاجَ إِلى الخَلَاءِ يَتَبَرَّزُ وقد حَصَرَ(١٣)
(١) اللسان: مستحقبي حلق الماذي يقدمهم.
(٢) اللسان: «طَلَقاً من حَقِبة» وفي النهاية: حَقَبِه.
(٣) كذا بالأصل والأساس وفي النهاية واللسان: الزيادة.
(٤) في نسخة ثانية من القاموس: والمحتَقِب.
(٥) في النهاية: الإمّعَة فيكم.
(٦) زيد في النهاية: وفي رواية؛ الذي يحقب دينه الرجال أراد الذي يُقلد دينه لكل أحد.
(٧) اللسان: بطنه.
(٨) عبارة الأساس: واحتقب خيراً أو شراً، واستحقبه: احتمله وادّخره.
(٩) في الطبعة الكويتية «البرازين» بالزاي، تصحيف.
(١٠) سورة النبأ الآية ٢٣.
(١١) اللسان: المستدقة.
(١٢) زيادة عن اللسان.
(١٣) بالأصل هنا «حضر» تصحيف، وقد مرت في المادة صواباً «حصر».