تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة

صفحة 434 - الجزء 1

  مُسْتَحُقِبُو حَلَقِ المَاذِيِّ خَلْفُهُمُ⁣(⁣١) ... شُمَّ العَرَانِينِ ضَرَّابُونَ لِلْهَامِ

  وفي حديث حُنَيْن «ثمَّ انْتَزَعَ طَلْقاً مِنْ حَقَبِهِ»⁣(⁣٢) أَي منَ الحَبْلِ المَشْدُودِ على حَقْوِ البَعِيرِ أَو من حَقِيبَتِه، وهي الرِّفَادَةُ⁣(⁣٣) التي تُجْعَلُ في مُؤَخَّرِ القَتَبِ وَالوِعَاءُ الذي يَجْعَلُ فيه الرَّجُلُ زَادَهُ.

  والمُحْقِبُ⁣(⁣٤) كمُحْسِنٍ: المُرْدِفُ، وأَحْقَبَه: أَرْدَفَهُ، وفي حديث ابن مَسْعُودٍ⁣(⁣٥) «فيكمُ اليوْمَ المُحْقِبُ النَّاسَ دِينَهُ»⁣(⁣٦) أَرَادَ الذي يَجْعَلُ دِينَهُ تابعاً لدِينِ غَيْرِه بلا حُجَّةٍ ولا بُرْهَانٍ ولا رَوِيَّةٍ، وهو من الإِرْدَافِ عَلَى الحَقِيبَةِ.

  والمُحْقَبُ بفَتْحِ القَافِ: الثَّعْلَبُ لِبَيَاضِ إِبْطَيْهِ⁣(⁣٧)، وأَنْشَدَ بعضُهم لأُمِّ الصَّرِيحِ الكِنْدِيَّةِ، وكانَتْ تَحْتَ جَرِيرٍ فَوَقَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِ جريرِ لِحَاءٌ وفخَارٌ فقالَتْ:

  أَتَعْدِلِينَ مُحْقَباً بِأَوْسِ ... والخَطَفَى بِأَشْعَثَ بنِ قَيْسِ

  مَا ذَاكِ بالحَزْمِ ولَا بالكَيْس

  عَنَتْ بذلكَ أَنَّ رِجَالَ قَوْمِهَا عِنْدَ رِجَالِهَا كالثَّعْلَبِ عند الذِّئْبِ، وأَوْسٌ هو الذِّئبُ.

  واحْتَقَبَهُ على ناقَتِه: أَرْدَفَهُ خَلْفَهُ على حَقِيبَةِ الرَّحْلِ، وهو مَجَازٌ، واحْتَقَبَ فلانٌ الإِثْمَ: جَمَعَهُ، واحْتَقَبَه من خَلْفِهِ، وقال الأَزهريّ: الاحْتِقَابُ: شَدُّ الحَقِيبَةِ من خَلْفٍ، وكذلك ما حُمِلَ من شيءٍ من خَلْف، يقال احْتَقَب واستَحْقَبَ، واحْتَقَبَ خَيْراً أَوْ شَرَّاً.

  واسْتَحْقَبَه: ادَّخَرَه، على المَثَلِ، لأَنَّ الإِنسانَ حَامِلٌ لِعَمَلِه ومُدَّخِرٌ له، وفي الأَساس: ومن المجاز: احْتَقَبَهُ واسْتَحْقَبَهُ أَي احْتَمَلَهُ⁣(⁣٨)، قال الأَزهريّ: ومِنْ أَمْثَالِهِم «اسْتَحْقَبَ الغَزْوُ أَصْحَابَ البَرَاذِينِ»⁣(⁣٩) يقالُ ذلكَ عند تَأْكِيدِ كُلِّ أَمْرٍ ليس منه مَخْرَجٌ.

  والحِقْبَةُ، بالكَسْرِ، من الدَّهْرِ: مُدَّةٌ لا وَقْتَ لها، والسَّنَةُ، ج حِقَبٌ كِعنَبٍ، وحُقُوبٌ مِثْلٌ حُبُوبٍ كحِلْيَةٍ وحُلِيٍّ.

  والحُقْبَةُ بالضَّمِ: سُكُونُ الرِّيحِ، يَمَانِيَةٌ، يقال: أَصَابَتْنَا حُقْبَةٌ في يَوْمِنَا.

  والحُقْبُ بالضَّمِ والحُقُبُ بِضَمَّتَيْنِ: ثَمَانُونَ سَنَةً والسَّنَةُ ثَلَاثمائَة وسِتُّونَ يَوْماً، اليَوْمُ منها: أَلْفُ سَنَةٍ من عَدَدِ الدُّنْيَا، كذا قالَهُ الفَرَّاءُ في قوله تعالى {لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً}⁣(⁣١٠) ومثلُه قال الأَزهريُّ، أَوْ أَكْثَرُ من ذلك، والحُقْبُ: الدَّهْرُ والحُقْبُ: السَّنَةُ أَو السِّنُونَ، وهما لِثَعْلَبٍ، ومنهم من خَصَّصَ في الأَوّل لُغَةَ قَيْسٍ خَاصَّةً ج الحُقْبِ: حِقَابٌ، مِثْلُ قُفٍّ وقِفَاف، وجَمْعُ الحُقُبِ بضَمَّتَيْنِ أَحْقَابٌ وأَحْقُبٌ حَكَاهُ الأَزهريُّ، وقال الأَحْقَابُ: الدُّهُورُ، وقِيلَ: بلِ الأَحْقَابُ والأَحْقُبُ جَمْعُهُمَا.

  والحَقْبَاءُ: فَرَسُ سُرَاقَةَ بن مِرْدَاسٍ أَخِي العَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ، لِمَا بِحَقْوَيْهَا مِن البَيَاضِ والحَقْبَاءُ القَارَة المَسْتَرِقَّة⁣(⁣١١) الطَّوِيلَةُ في السَّمَاءِ قال امرؤ القَيْسِ:

  تَرَى القُبَّةَ الحَقْبَاءَ مِنْهَا كَأَنَّهَا ... كُمَيْتٌ تُبَارِي رَعْلَةَ الخَيْلِ فَارِدُ

  في لسان العَرب: وهَذَا البَيْتُ مَنْحُولٌ، قال الأَزهَرِيّ: وقَالَ بعضُهُم: لا يُقَالُ [لها]⁣(⁣١٢) حَقْبَاءُ إِلَّا وَقَدِ الْتَوَى السَّرَابُ بِحَقْوَيْهَا، أَو القَارَةُ الحَقْبَاءُ هِيَ الَّتِي في وَسَطِهَا تُرَابُ أَعْفَرُ بَرَّاقٌ تراه يَبْرُقُ لبياضه مَعَ بُرْقَةِ سَائِرِه، وهُو قولَ الأَزهريّ.

  * ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:

  الحَاقِبُ: هو الذي احْتَاجَ إِلى الخَلَاءِ يَتَبَرَّزُ وقد حَصَرَ⁣(⁣١٣)


(١) اللسان: مستحقبي حلق الماذي يقدمهم.

(٢) اللسان: «طَلَقاً من حَقِبة» وفي النهاية: حَقَبِه.

(٣) كذا بالأصل والأساس وفي النهاية واللسان: الزيادة.

(٤) في نسخة ثانية من القاموس: والمحتَقِب.

(٥) في النهاية: الإمّعَة فيكم.

(٦) زيد في النهاية: وفي رواية؛ الذي يحقب دينه الرجال أراد الذي يُقلد دينه لكل أحد.

(٧) اللسان: بطنه.

(٨) عبارة الأساس: واحتقب خيراً أو شراً، واستحقبه: احتمله وادّخره.

(٩) في الطبعة الكويتية «البرازين» بالزاي، تصحيف.

(١٠) سورة النبأ الآية ٢٣.

(١١) اللسان: المستدقة.

(١٢) زيادة عن اللسان.

(١٣) بالأصل هنا «حضر» تصحيف، وقد مرت في المادة صواباً «حصر».