تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء المهملة

صفحة 437 - الجزء 1

  وعن اللِّحْيَانيّ: هذه غَنَمٌ حَلْبٌ بسكون اللام، للضأْنِ والمَعِزِ، قال: وأُراه مُخَفَّفاً عن حَلَبٍ، وناقةٌ حَلُوبٌ: ذاتُ لَبَن، فإِذا صَيَّرْتَهَا اسْماً قلتَ: هذه الحَلُوبَةُ لفُلَانٍ، وقد يُخْرِجُونَ الهَاءَ من الحَلُوبَةِ وهم يَعْنُونَهَا، ومِثْلُه الرَّكُوبَةُ والرَّكُوبُ لِمَا يَرْكَبُونَ، وكذلك الحَلُوبَةُ والحَلُوبُ لِمَا يَحْلِبُونَ، ومِن الأَمْثَالِ: «حَلُوبَةٌ تُثْمِلُ وَلَا تُصَرِّحُ» قال المَيْدَانِيُّ: الحَلُوبَة: نَاقَةٌ تُحْلَبُ للضَّيْفِ أَو لأَهْلِ البيتِ وأَثْمَلَتْ إِذا كَثُرَ لَبَنُهَا، وصَرَّحَتْ إِذا كان لَبَنُهَا صُرَاحاً، أَي خالصاً، يُضْرَبُ لِمَنْ يَكْثُرُ وَعْدُهُ، ويَقِلُّ وَفَاؤُه، ويقال: دَرَّتْ حَلُوبَةُ المُسْلِمِينَ، إِذَا حَسُنَتْ حَقُوقُ بَيْتِ المَالِ، أَوْرَدَهُ السُّهَيْلِيُّ، كذا نَقَلَه شيخُنا.

  وعن ابن الأَعْرَابيّ: نَاقَةٌ حَلْبَانَةٌ وحَلْبَاةٌ زاد ابن سِيدَه وحَلَبُوتٌ مُحَرَّكَةً كما قالُوا: رَكْبَانَةٌ ورَكْبَاةٌ وَرَكَبُوتٌ أَي ذَاتُ لَبَنٍ تُحْلَبُ وتُرْكَبُ، قال الشاعر يَصِفُ ناقَةً:

  أَكْرِمْ لَنَا بناقَةٍ أَلُوفِ ... حَلْبَانَةٍ رَكْبَانَةٍ صَفُوفِ

  تَخْلِطُ بَيْنَ وَبَرٍ وصُوف

  رَكْبَانَة: تَصْلُحُ للرُّكُوبِ، وصَفُوف أَي تَصُفُّ أَقْدَاحاً من لَبَنِهَا إِذَا حُلِبَتْ لكَثْرَةِ ذلكَ اللَّبَنِ، وفي حَدِيثِ نُقَادَةَ الأَسَدِيِّ «أَبْغِنِي نَاقَةً حَلْبَانَةً رَكْبَانَةً» أَي غَزِيرَةً تُحْلَب، وذَلَولاً تُرْكَبُ، فهي صالحة لِلأَمْرَيْنِ، وزِيدَتِ الأَلِفُ والنُّونُ في بِنَائِهِمَا للمُبَالَغَةِ، وحَكَى أَبو زيدٍ: ناقَةٌ حَلَبَاتٌ، بلفظ الجَمْعِ، وكذلك حَكَى: نَاقَةٌ رَكَبَاتٌ وشَاةٌ تِحْلَابَةٌ بالكَسْرِ وتُحْلُبَةٌ، بضم التاء واللام وتَحْلَبَةٌ بفتحهما أَي التاء واللام وتِحْلِبَةٌ بكسرهما ( *) أي التاء واللام، وتُحْلَبَةٌ مع ضم التاء وكسرها مع فتح⁣(⁣١) اللام ذكر الجوهريّ منها ثلاثاً، واثنانِ ذكرهما الصاغانيّ وهما كَسْرُ التَّاء وفتحُ اللامِ فصار المجموعُ سِتَّةُ، وزاد شيخُنَا نقلاً عن الإِمامِ أَبي حَيَّانَ ضَمَّ التَّاءِ وكَسْرَ اللام، وفَتْحَ التَّاءِ مع كَسْرِ اللام، وفَتْحَ التاءِ مع ضمِّ اللام، فصار المجموعُ تِسْعَةً: إِذَا خَرَجَ من ضَرْعها شيء قبلَ أَنْ يُنْزَى عليها وكذلك الناقةُ التي تُحْلَبُ قبل أَن تَحْمِلَ، عن السيرافيّ، وعن الأَزْهَرِيّ: [أَبو زيد]⁣(⁣٢): بَقَرَةٌ مُحَلٌّ وشَاةٌ مُحَلٌّ وقَدْ أَحَلَّتْ إِحْلَالاً إِذا حَلَبَتْ [بفتح الحاء، قبل وِلادِها؛ قال: وحَلَبَتْ]⁣(⁣٢)، أَي أَنْزَلَتِ اللَّبَنَ قَبْلَ وِلَادِهَا.

  وحَلَبَهُ الشَّاةَ والنَّاقَةَ: جَعَلَهُمَا له يَحْلِبُهُمَا، كأَحْلَبَهُ إِيَّاهُمَا قال الشاعرُ:

  مَوَالِيَ حِلْفٍ⁣(⁣٣) لَا مَوَالِي قَرَابَةٍ ... ولكنْ قَطِيناً يُحْلَبُونَ الأَتَاوِيَا

  جَعَلَ الإِحْلَابَ بمنزلة الإِعْطَاءِ، وعَدَّى يُحْلَبُونَ إِلى مفعولين في معنى يُعْطَوْن، وحَلَبْتُ الرَّجُلَ أَي حَلَبْتُ له، تقول منه: احْلُبْنِي أَي اكْفِنِي الحَلْبَ، وأَحْلَبَهُ رُبَاعِيًّا: أَعَانَه على الحَلْبِ وأَحْلَبْتُهُ: أَعَنْتُه، مجاز، كذا في الأَساس، وسيأْتي وأَحْلَبَ الرَّجُلُ: وَلَدَتْ إِبلُهُ إِناثاً وأَجْلَبَ بالجيم إِذا وَلَدَت له ذُكُوراً، وقد تقدمتِ الإِشارةُ إِليه في حرف الجيم ومنه قولُهُمُ أَأَحْلَبْتَ ( *) أَمْ أَجْلَبْتَ رُبَاعِيَّانِ، كذا في الأُصولِ المُصَحَّحَةِ ومثلَّه في المحكم وكتاب الأَمثال للميدانيّ ولسان العرب، ويوجد في بعض النسخ ثُلَاثِيَّانِ، كذا نقله شيخُنَا، وهو خطأٌ صريحٌ لا يُلْتَفَتُ إِليه، فمعنى أَأَحْلَبْتَ: أَنُتِجَتْ نُوقُكَ إِنَاثاً، ومَعْنَى «أَمْ أَجْلَبْتَ» أَمْ نُتِجَتْ ذُكُوراً، ويقالُ: مَالَهُ أَجْلَبَ وَلَا أَحْلَبَ، أَي نُتِجَتْ إِبلُهُ كُلُّهَا ذُكُوراً ولا نُتِجَتْ إِنَاثاً وقَوْلُهُمْ: مَا لَهُ لَا حَلَبَ وَلَا جَلَبَ عن ابن الأَعْرابيّ، ولم يُفَسِّرْهُ قِيلَ دُعاءٌ عليه، وهو المشهور وقيل: لَا وَجْهَ له، قاله ابنُ سيده، ويدعو الرجل على الرجل فيقول، ما لَهُ لَا أَحْلَبَ ولَا أَجْلَبَ، ومَعْنَى أَجْلَبَ أَي وَلَدَتْ إِبلُه الإِنَاثَ دونَ الذكورِ، ولا أَجْلَبَ إِذَا دَعَا لإِبلِه أَنْ لَا تَلِدَ الذكورَ، لأَنه المَحْقُ الخَفِيُّ، لذهاب اللَّبَنِ وانقِطَاعِ النَّسْلِ.

  والحَلْبَتَانِ: الغَدَاةُ والعَشِيُّ، عن ابن الأَعْرَابيّ، وإِنما سُمِّيَتا⁣(⁣٤) بذلك لِلْحَلَب الذي يكون فيهما وعن ابن الأَعْرَابيّ: حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إِذا جَلَسَ على رُكْبَتَيْهِ، ويقال الحَلْب: الجُلُوسُ على رُكْبةٍ⁣(⁣٥) وأَنت تَأْكُلُ يقال: احْلُبْ


(*) في القاموس: وكسرهما.

(١) عن القاموس، وبالأصل «بفتح اللام».

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) عن اللسان، وبالأصل «حلب».

(*) في القاموس: أحْلَبْ وليس أَأَحْلَبْتَ.

(٤) عن اللسان، وبالأصل «سميا».

(٥) عن التكملة وبالأصل «ركبته» بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ركبته