تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الباء مع الضاد

صفحة 24 - الجزء 10

  يَبُوضُهُ، كما في الصّحاح والعَباب، وهو مُطَاوِعُ بَايَضَهُ فَبَاضَهُ، كما قاله الجَوْهَرِيّ.

  وقال ابنُ عَبَّادٍ: بَاضَ العُودُ، إِذا ذَهَبَتْ بِلَّتُهُ ويَبِسَ، فهُوَ يَبِيضُ بُيُوضاً، وهو مَجَاز.

  وباضَ بالمَكانِ: أَقَامَ به، كما في العُبَاب، وهو مَجَازٌ.

  وبَاضَ السَّحَابُ، إذا مَطَرَ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ، وهو مَجَاز، وأَنْشَدَ:

  بَاضَ النَّعَامُ بِهِ فنَفَّرَ أَهْلَهُ ... إِلاَّ المُقِيمَ عَلَى الدَّوا المُتَأَفِّنِ

  قال: أَراد مَطَراً وَقَعَ بَنوْءِ النَّعائم. يَقُولُ: إِذا وَقَعَ هذا المَطَرُ هَرَبَ العُقَلاءُ وأَقَامَ الأحمَقُ⁣(⁣١)، كما في العَباب.

  وقال ابنُ بَرّيّ: وَصَفَ هذَا الشاعرُ وَادِياً أَصابَهُ المَطَرُ فأَعْشَبَ. والنَّعَامُ هُنَا النَّعَائِمُ من النُّجُوم، وإِنَّمَا تُمْطِرُ النَّعَائمُ في القَيْظِ فَيَنبُتُ في أُصُول الحَلِيَّ نَبْتٌ يقال له النَّشْرُ، وهو سُمٌّ إِذا أَكَلَه المالُ مَوَّتَ. ومعنَى باضَ: أَمْطَرَ. والدَّوَا بمَعْنَى الدّاءِ. وأَرادَ بالمُقِيمِ المُقيمَ به على خَطَرِ أَن يَمُوت. والمُتَأَفَّنُ: المُتَنَقِّص. قال: هكذا فَسَّره المُهَلَّبِيُّ في باب المقْصور لابْنِ وَلاّدٍ، في بابِ الدّال.

  وقال الفَرَّاءُ: تَقُولُ العَرَبُ: امْرَأَةٌ مُبْيَضَةٌ، إِذا وَلَدَت البِيضَانَ، قال، ومُسْوَدَةٌ ضدُّها. قال: وأَكْثَرُ ما يَقُولُون: مُوضِحَة، إِذا وَلَدَت البِيضَانَ، كما في العُبَاب.

  قال الفَرّاءُ: ولهم لُعْبَةُ، يقولون: أَبِيضي حَبَالاً⁣(⁣٢) وأَسِيدِي حَبَالاً، هكذا نَقَلَه الصَّاغَانِيّ في كِتَابَيْه.

  وبَيَّضَهُ تَبْيِيضاً: ضِدُّ سَوَّدَهُ. يُقَالُ: بَيَّضَ اللهُ وَجْهَهُ.

  ومن المَجاز: بَيَّضَ السِّقَاءَ: إذا ملاه من المَاءِ والَّلبَنِ، نقله الجَوْهَرِيّ والصَّاغَانِيّ. وبَيَّضَهُ أَيضاً، إِذا فَرَّغَهُ، وهو ضِدٌّ، نَقَلَه الصَّاغَانِيّ وصَاحِبُ اللِّسَان، وهو مَجَاز.

  وَالمُبَيِّضَةُ، كمُحَدِّثَةٍ: فِرْقَةٌ من الثَّنَوِيَّة. قال الجَوْهَرِيّ: وهُمْ أَصْحَابُ المُقَفَّعِ، سُمُّوا بِذلِكَ لِتَبْيِيضِهِمْ ثِيَابَهُمْ مُخَالَفَةً للمُسَوِّدَةِ من العَبَّاسِيِّينَ، أَي لِأَنَّ شِعَارَهُمْ كانَ السَّوادَ.

  يَسْكُنُون قَصْرَ عُمَيْرٍ.

  وابْتَاضَ الرَّجُلُ: لبِسَ البَيْضَةَ من الحَدِيد.

  ومن المَجَازِ: ابْتَاضَ القَوْمَ، أَي اسْتَأْصَلَهُمْ. يُقَال: أَوْقَعُوا بِهم فَابْتَاضُوهُم، أَي استَأْصَلُوا بَيْضَتَهُم فابْتِيضُوا: اسْتُؤْصِلُوا، وأُبِيحَتْ بَيْضَتُهُمْ.

  وابْيَضَّ الشَّيْءُ، وابْيَاضَّ: ضِدُّ اسْوَدَّ، واسْوَادّ، وهو مُطَاوِعُ بَيَّضْتُ الشَّيْءَ تَبْيِيضاً، كما في الصّحاح.

  وأَيَّامُ الْبِيضِ، بالإضَافَةِ، لِأَنَّ الْبِيضَ من صِفَةِ اللَّيَالِي، أَيْ أيّامُ الّليَالِي الْبِيضِ، وهي الثالث عَشَرَ إِلى الخامِسَ عَشَرَ، وهو القَوْلُ الصَّحِيحُ، كما قَالَه النَّوَوِيُّ وغَيْرُهُ، وإِنَّمَا سُمِّيَتْ لَيَالِيهَا بِيضاً لِأَنَّ القَمَرَ يَطْلُعُ فيها من أَوَّلِها إِلى آخِرِها. أَو هِيَ من الثَّانِي عَشَرَ إِلى الرابعَ عَشَرَ، وهو قَوْلٌ ضَعِيفٌ شَاذُ. قال شيْخُنَا: ولا يَصِحُّ إِطْلاقُ البَيَاضِ على الثَّانِي عَشَرَ، لأَنَّ القَمَرَ لا يَسْتَوْعِبُ لَيْلَتهُ، ولَا تَقُل: الأَيَّامُ البِيضُ، قاله ابنُ بَرِّيّ، وابنُ الجَوَالِيقِيّ، ولكِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ هكذا: «كانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَصُومَ الأَيّامَ البِيضَ»، وقد أَجابَ شُرَّاح البُخَارِيّ عَمّا أَنْكَرَاهُ، مع أَنَّ المُصَنِّف قد ارْتَكبَه بنَفْسِهِ في «وض ح» فَفَسَّر الأَوَاضِحَ هُنَاكَ بالأَيّامِ الْبِيضِ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَليْه:

  أَبَاضَ الشَّيْءُ مِثْلُ ابْيَضَّ، وكذلِكَ ابْيَضَضَّ، في ضَرُورَة الشِّعْر، قال الشاعر:

  إِن شَكْلِي وإِنَّ شَكْلَكَ شَتَّى ... فالْزَمِي الخُصَّ واخْفِضِي تَبْيَضِضِّي

  فإِنَّه أراد: تَبْيَضِّي، فزَادَ ضَاداً أُخْرَى ضَرُورَةً لِإِقَامَةِ الوَزْنِ⁣(⁣٣)، أَوْرَدَهُ الجَوْهَرِيّ هكَذا في مادة «خ ف ض».

  ويقال: أَعْطِنِي أَبْيَضَّهْ، بتشديد الضادِ، حَكَاهُ سِيبَوَيْه عن بَعْضِهِم، يُرِيدُ أَبْيَضَ، وأَلحَق الهَاءَ كما أَلحَقَهَا في هُنَّه، وهو يُرِيدُ: هُنَّ. ولكَوْنِ الضَّادِ الثّانيَة وهي الزّائدةُ ليْسَت بَحْرفِ الإِعْرَابِ لَحِقَتْه بَيَانَ الحَرَكَة. قال أَبو عَلِيٍّ⁣(⁣٤): وهي ضَعِيفَةٌ في القِيَاس.


(١) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وأقام الرجل الأحمق.

(٢) كذا بالأصل والقاموس، وفي أصول التهذيب: «حالاً» وصوبها محققة كما في القاموس واللسان. وفي التكملة: «حالاً».

(٣) قال ابن بري: وقد قيل إنما يجيء هذا في الشعر كقول الآخر:

لقد خشيت أن أرى جَدْبَبّا

أراد جدباً فضاعف الباء.

(٤) قول أبي علي كما نقله عنه في اللسان: وكان ينبغي ألاّ تحرك فحركتها لذلك ضعيفة في القياس.