تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء مع الضاد

صفحة 35 - الجزء 10

  حَدِيث عَطاءٍ، وقيل: هو العُصْفُر الذي يُجعَل في الطَّبْخ، وقيل: هو حَبُّ العُصْفُرِ، قال الرَّاجِزُ:

  أَرَّقَ عَيْنَيْكَ عَن الغُمُوضِ ... بَرْقٌ سَرَى في عَارِضٍ نَهُوضِ

  مُلْتَهِبُ كَلَهَبِ الْإِحْرِيض ... يُزْجِي خَرَاطِيمَ غَمَامٍ بِيضٍ

  وحَرِضَ، كفَرِحَ: لَقَطَهُ. وحَرِضَ الرَّجُلُ: فَسَدَتْ مَعِدَتُهُ، فهو حَرِضٌ.

  وأَحْرَضَه الحُبُّ: أَفْسَدَه، قاله أَبو عُبَيْدَة، وأَنْشَدَ للعَرْجِيّ:

  إِنّي امْرُؤٌ لَجَّ بِي حُبٌّ فأَحْرَضَنِي ... حَتَّى بَلِيتُ وحَتَّى شَفَّنِي السَّقَمُ

  أَي أَذَابَنِي، كما في الصّحاح.

  ويُقَالُ: أَحْرَضَه المَرَضُ، فهو حَرِضٌ، وحارِضٌ، إِذَا أَفْسَدَ بَدَنَهُ، وأَشْفَى على الهَلاكِ، وهو مَجَازٌ.

  وأَحْرَضَ فُلانٌ وَلَدَ سَوْءٍ، نقله الجَوْهَرِيّ.

  وحَرَّضَهُ تَحْرِيضاً: حَثَّه على القِتَالِ وأَحْمَاهُ عَلَيْه، كما في الصّحاح. وقال ابنُ سِيَده: التَّحْرِيضُ: التَّحْضِيضُ.

  قال الله تَعَالَى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ} حَرِّضِ {الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ}⁣(⁣١). وقال الزَّجَّاجُ: تَأْوِيلُه حُثَّهُمْ على القِتَالِ. قال: وتَأْوِيلُ التَّحْرِيضِ في اللُّغَةِ: أَن تَحُثَّ الإِنْسَانَ حَثًّا يعْلَمُ منه⁣(⁣٢) أَنَّه حَارِضٌ إِن تَخَلَّفَ عَنْه. قال: والحَارِضُ: الَّذِي قَدْ قَارَبَ الهَلَاكَ.

  وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: حَرَّضَ زَيْدٌ: شَغَلَ بِضَاعَتَه في الحُرْضِ، أَي الأُشْنَانِ. وقال أَيضاً: حَرَّضَ ثَوْبَهُ، إِذا صَبَغَهُ بالْإِحْرِيضِ، أَي العُصْفُر.

  وحَرَضَ الثّوْبُ إِذا بَلِيَ حَرَضُهُ، وهو حاشِيَتُه وطُرَّتُهُ وصَنِفَته. مُقْتَضَى سِيَاقِه أَنَّه من باب التَّفْعِيل، والصَّوَابُ أَنَّهُ من حَدَّ فَرِحَ كما فِي العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ.

  وقال اللَّحْيَانيّ: المُحَارَضَةُ: المُدَاوَمَةُ على العَمَلِ، وكَذلِكَ المُوَاظَبَةُ، والمُوَاصَبَة، والمُوَاكَبَة، وقِيلَ في تَفْسِيرِ الآية: حَرِّضِ {الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ}، أَيُ حُثَّهُمْ عَلَى أَنْ يُحَارِضُوا على القِتَال حَتَّى يُثْخِنُوهُم.

  وقال ابنُ عَبَّادٍ: الْمُحَارَضَةُ: المُضَارَبَةُ بالقِدَاحِ، وقد حارَضَ.

  * وممّا يُسْتَدْرَك عليه:

  حَرَضَهُ المَرَضُ، كَأَحْرَضَهُ، إِذا أَشْفَى منه على شَرَفِ المَوْتِ. وفي التَّهْذِيب: الْمُحْرَضُ الهَالِكُ مَرَضاً، الَّذِي لا حَيُّ فيُرْجَى، ولا مَيّتٌ فيُوأَسُ منه. قال امرؤ القيْس:

  أَرى المَرْءَ ذَا الأَذْوَادِ يُصْبِحُ مُحْرَضاً ... كَإِحْرَاضِ بَكْرٍ في الدِّيَارِ مَرِيضِ

  ويُرْوَى مُحْرِضاً⁣(⁣٣).

  وأَحْرَضَهُ المَرَضُ: أَدْنَفَهُ وأَسْقَمَهُ. ويُقَال: كَذَبَ كَذْبَةً فَأَحْرَضَ نَفْسَه، أَي أَهْلَكَهَا.

  وجَاءَ بقَوْلٍ حَرَضٍ، أَي هَالِكٍ.

  ونَاقَةٌ حُرْضَانُ، بالضَّمِّ: ساقِطَةٌ.

  وجَمَلٌ حُرْضَانُ: هَالِكٌ، وكَذلِكَ النَّاقَةُ بغَيْر هَاءٍ.

  وأَحْرَضَهُ: أَسْقَطَهُ. ومنه قولُ أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيّ: سُوءُ حَمْلِ الفَاقَةِ⁣(⁣٤) يُحْرِضُ الحَسَبَ، ويُذْئِرُ العَدُوَّ، ويُقَوِّي الضَّرُورَةَ. قال: أَي يُسْقِطُه.

  وكُلُّ شَيْءٍ ذَاوٍ: حَرَضٌ، بالتَّحْريك.

  والْأَحْرَاضُ: السَّفِلَةُ من النَّاسِ، والَّذِين اشْتَهَرُوا بالشَّرِّ، أَو هُمُ الَّذِين أَسْرَفُوا في الذُّنُوب فأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُم. ومنه حَدِيث مُحْلَّم بنِ جَثَّامَةَ قالَ: «كُلُّنَا إِلاَّ الْأَحْرَاض»⁣(⁣٥). وقيل أَرادَ بِهِ الَّذِينَ فَسَدَتْ مَذَاهِبُهم. وقال الجَوْهَرِيّ: الْأَحْرَاضُ: الضِّعافُ الَّذِين لا يُقَاتِلُون، كَالْحُرْضانِ.


(١) سورة الأنفال الآية ٦٥.

(٢) في التهذيب واللسان: «معه».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ويروى محرضاً أي بكسر الراء، والرواية الأولى بفتحها ا ه».

(٤) بالأصل: «سؤ حمل الناقة ... ويدير العدو» والمثبت عن التهذيب.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: كلنا إلا الأحراض، عبارة اللسان: وفي حديث عوف بن مالك: رأيت محلم بن جثامة في المنام فقلت: كيف أنتم؟ فقال: بخير، وجدنا ربنا رحيما غفر لنا، فقلت: لكلكم؟ قال: لكلنا غير الأحراض ... الخ ا ه». ومثله في النهاية.