تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حرفض]:

صفحة 37 - الجزء 10

  الجَوْهَرِيّ وغَيْرُه، وهو قَوْلُهُم: عِنْدَ مُنْقَطَعِ الجَبَلِ أَو أَسْفَله أَو غَيْر ذلِكَ، ويَشْهَدُ لذلِكَ ما جَاءِ في الحَدِيث: «أَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ الله هَدِيَّةُ فلم يَجِدْ شَيْئاً يَضَعُهَا عَلَيْه فقال: ضَعْهُ بِالْحَضِيضِ، فإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ العَبْدُ» يَعْنِي بالعَبْدِ نَفْسَهُ.

  والحُضضُ، كزُفَر، وعُنُق، كِلَاهُمَا عن ابْنِ دُرَيْد، وهكذا ضَبَطَهَا الجَوْهَرِيُّ وابنُ سِيدَه، وفيه لُغَاتٌ أُخْرَى، رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ اليَزِيدِيّ: الحُضَضُ، والحُضَظُ والحُظَظُ [والحُظُظُ]⁣(⁣١). قال شَمِرٌ: ولم أَسْمَعِ الضَّادَ مع الظَّاءِ إِلاّ في هذا. وقال ابنُ بَرَّيّ: قال ابنُ خَالَوَيْه: الحُظُظُ والحُظَظُ: وزاد الخَلِيلُ: الحُضَظُ، بضَادٍ بَعْدَهَا ظَاء. وقال أَبو عُمَرَ الزَّاهِد: الحُضُذُ، بالضَّاد والذَّال. رَوَى ابنُ الأَثِير هذِه الأَوْجُهَ ما خَلَا الضَّادَ والذَّالَ. وقالَ الصَّاغَانِيُّ: هو عُصَارَةُ شَجَرٍ، وهو نَوْعَانِ: العَرَبِيُّ، منه عُصَارَةُ الخَوْلانِ، ويُعْرَفُ بالمَكِّيِّ أَيْضاً، يُطْبَخ فيُجْعَل في أَجْرِبَةٍ، وهو الأَجْوَدُ، قال: والهِنْدِيُّ عُصَارَةُ شَجَرَةِ الفِيْلَزَهْرَجِ. وقال أَبو حَنِيفَةَ عن أَبي عُبَيْدَةَ: المَقِرُ يَخْرُجُ منه الصَّبِرُ أَوَّلاً، ثمّ الْحُضَضُ، ثُمَّ ثُفْلُه، وقال صاحِبُ المِنْهَاج: ويُغَشُّ المَكِّي بالدِّبْسِ البَصْرِيّ المُغْلَى فيه صَبِرٌ، ومُرٌّ، وزَعْفَرَانٌ، وعُرُوقُ ماءِ الآسِ، وماءُ قُشُورِ الرُّمَّانِ. قال: ويُغَشُّ الهِنْدِيُّ بعُصَارَةِ الأَمْيَرِ بَارِيس، يُطْبَخ بالماءِ حَتَّى يَجْمُدَ، وكِلاهُمَا، أَي النَّوْعَيْن نَافِعٌ لِلْأَوْرَامِ الرِّخْوَةِ والخَوَّارَةِ، والقُرُوحِ والنُّفَّاخَاتِ والنَّمْلَة والخَبثَةِ والدَّوَاحِسِ خاصَّةً بماءِ وَرْدٍ، وهو يَشُدُّ الأَعْضَاءَ، ويَنْفَعُ من القُلَاع. والرَّمَدِ، وغِشَاوَةِ العَيْنِ، وجَرَبِ العَيْن، والجُذَامِ، والبَوَاسِيرِ، وشُقُوقِ السِّفْلِ، والإِسْهَالِ المُزْمِنِ، ونَفْثِ الدَّمِ، والسُّعَالِ، واليَرَقَانِ الأسْوَدِ، والطِّحَالِ، شُرْباً وضِمَاداً، ولَسْعِ الهَوَامِّ والخَوَانِيقِ غَرْغَرَةً بمَائِهِ.

  والهِنْدِيُّ منه يَشْفِي من عَضَّةِ الكَلْبِ الكَلِب طِلاءً وشُرْباً كُلَّ يَوْم نِصْفَ مِثْقَالٍ بماءٍ. وفي الهِنْدِيُّ تَحْلِيلٌ وقَبْضٌ يَسِيرٌ يَنْفَعُ كُلَّ نَزْفٍ، وهو يُغَزِّر الشَّعَرَ ويُحمِّرُه ويُقَوِّيه، ويُقَال: المَكِّيّ أَجودُ للأَوْرَام، والهِنْدِيّ أَجْوَدُ للشَّعرِ⁣(⁣٢). وقِيلَ: هو نَبَاتٌ يُعْمَلُ بعُصَارَتِه هذا الدّواءُ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: هو صَمْغٌ من نَحْوِ الصَّنَوْبَرِ والمُرِّ وما أَشْبَهَهُما، مِمَّا له ثَمَرةٌ كالفُلْفُلِ، وتُسَمَّى شَجَرَتُهُ الحُضَضَ. وقِيلَ: هو دَوَاءٌ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ، ووَقَعَ في نُسَخِ المُحْكَمِ: دَواءٌ، وقِيلَ: دَوَاءُ.

  وفي حَديث سُلَيْمَانَ⁣(⁣٣) بنِ مُطَيْرٍ «إِذا أَنا برَجُلٍ قد جَاءَ كأَنَّه يَطْلُب دَوَاءً أَو حُضَضاً».

  وهذا يَقتضِي أَن الحُضَضَ غَيْرُ الدَّوَاءِ، وقِيلَ: هو دَوَاءُ آخَرُ يُتَّخَذُ مِنْ أَبْوالِ الإِبِل، قالَهُ اللَّيْثُ. وفي بَعْض الأُصُولِ: يُعْقَدُ، وهذا القَوْلُ قد دَفَعَه الصّاغَانِيّ في العُبَابِ وصَوَّب ما ذَكَرْناهُ أَوَّلاً أَنَّه عُصَارَةُ شَجَرٍ.

  والحَضُوضُ، كصَبُورٍ⁣(⁣٤): نَهْرٌ كَان بَيْنَ القَادِسِيَّةِ والحِيرَةِ.

  وفي الجَمْهرَة: الحُضْحُضُ كقُنْفُذٍ: نَبْتٌ، عن أَبي مالِكٍ.

  وحَضَوْضَى كشَرَوْرَى، ويقال أيَضاً: حَضُوضٌ، مثل صَبُورٍ: جبَلٌ في البَحْرِ أَو جَزِيرَةٌ فيه، كانَتِ العَرَبُ تَنْفِي إِلَيْهِ خُلَعَاءَهَا، كما في العُبَاب والتَّكْمِلَة.

  والْحَضَوْضَى: البُعْدُ، عن ابن عَبّاد.

  والحَضَوْضَى: النَّارُ، عنه أَيْضاً.

  والحَضَوْضَاةُ: الضَّوْضَاةُ، عنه أَيْضاً.

  ويُقَالُ: مَا عِنْدَه حَضَضٌ ولا بَضَضٌ، مُحَرَّكَتَيْن، أَي شَيْءٌ عنه أَيْضاً.

  ويُقَالُ: أَخْرَجْتُ إِليه حَضِيضَتِي وبَضِيضَتِي، أَي مِلْكَ يَدِي، عنه أَيْضاً.

  والْمُحَاضَّةُ: أَنْ يَحُضَّ، أَي يَحُثَّ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ. وقَرَأَ شُعْبَةُ بن الحَجّاجِ: {ولا يُحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ}⁣(⁣٥) بالتَّحْتَيَّةَ المَضْمُومَة. وقَرَأَ ابنُ المُبَارَكِ بالمُثَنَّاة الفَوْقِيّة المَضْمُومَةَ. وقَرَأَ أَهْلُ المَدِينَةِ: ولا يَحُضُّونَ، وقَرَأَ الحَسَنُ: ولا تَحُضُّونَ⁣(⁣٦).


(١) زيادة عن التهذيب واللسان.

(٢) انظر في خواصه وميزاته تذكرة داوود «حضض».

(٣) في النهاية واللسان: سُليم.

(٤) قيدها ياقوت بضمتين فوق الحاء والضاد، ضبط قلم.

(٥) سورة الفجر الآية ١٨.

(٦) في التهذيب عن الحسن «ولا يحضّون» والأصل كاللسان وفي التهذيب عن أَهل المدينة: «ولا تحضّون».