تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[غضض]:

صفحة 111 - الجزء 10

  الصّحاح. وأَهْلُ نَجْدٍ يَقُولُونَ في الأَمْر منْهُ: غُضَّ طَرْفَكَ.

  وأَهْلُ الحِجَاز يَقُولُونَ: اغْضُضْ. وفي التَّنْزِيلِ: {وَ} اغْضُضْ {مِنْ صَوْتِكَ}⁣(⁣١) أَيْ اخْفِضِ الصَّوْتَ. وقَال جَريرٌ:

  فغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ من نُمَيْرٍ ... فلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كِلَابَاً

  مَعْنَاه: غُضَّ الطَّرْفَ ذُلًّا ومَهَانَةً.

  ويُقَال: غَضَّ طرفَهُ: احْتَمَلَ المَكْرُوهِ. نَقَلَهُ الجَوْهَريّ، وقال: أَنْشَدَنَا أَبُو الغَوْثِ:

  ومَا كانَ غَضُّ الطَّرْفِ مِنّا سَجِيَّةً ... ولكِنَّنَا في مَذْحِجٍ غُرُبَانِ

  قُلْت: البَيْتُ لِطَهْمَانَ بْنِ عَمْرِو ابن سَلَمَةَ.

  وغَضَّ مِنْه يَغُضُّ، بالضَّمِّ، غَضّاً: نَقَصَ، وقَصَّرَ به، ووَضَعَ مِنْ قَدْرِهِ، وعِبَارَةُ الصّحاح: وَضَعَ ونَقَصَ من قَدْرِه.

  وقَوْلُه تَعَالَى: {وَ} اغْضُضْ {مِنْ صَوْتِكَ} أَي انقُصْ مِن جَهَارَتِهِ. وقَوْلُه تَعَالَى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ} يَغُضُّوا {مِنْ أَبْصارِهِمْ}⁣(⁣٢) أَي يَحْبِسُوا منْ نَظَرِهِمْ. قال الصّاغانِيّ: وذَهَبَ بَعْضُ النَّحْوِيّينَ إِلى أَنْ «مِنْ» زائدَةٌ، وأَنَّ المَعْنَى يَغُضُّوا أَبْصَارَهُمْ، فخَالَف ظَاهِرَ القْرآنِ، وادّعَى فيه الصِّلَةَ، وتَكَلَّفَ ما هُوَ غَنِيٌّ عنه. ومَعْنَى الكَلامِ ظاهِرٌ، أَيْ يَنْقُصُوا من نَظَرِهم عَمّا حُرِّمَ عليهم، فقد أَطْلَقَ الله لَهُمْ ما سِوَى ذلِكَ.

  ورَوَى ابنُ الفَرَجِ عن بَعْضِهم: غَضَّ الغُصْنَ وغَضَفَه، إِذا كَسَرَهُ فَلَمْ يُنْعِمْ كَسْرَهُ، كما في اللّسان.

  والغَضِيضُ: الطَّرِيُّ من كُلِّ شَيْءٍ. والغَضِيضُ: الطَّلْعُ النَّاعِمُ حِينَ يَبْدُو، وقِيلَ هو الثَّمَرُ أَوَّلَ ما يَطْلُعُ، الغَضِّ، فيهما. يُقَالُ: شَيْءٌ غَضٌّ وغَضِيضٌ، أَي طَرِيٌ. ومنه الحَديثُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآنَ غَضّاً كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْ قِرَاءَةَ ابنِ أُمِّ عَبْدٍ». وقَال الأَصْمَعِيٌ: إِذَا بَدَا⁣(⁣٣) الطَّلْعُ فهو الغَضِيضُ، فإِذا اخْضَرَّ قِيلَ: خَضَبَ النَّخْلُ، ثُمَّ هو البَلَحُ.

  وقَال ابنُ الأَعْرَابِيّ: يُقَال للطَّلْعِ الغِيضُ والغَضِيضُ والإِغْرِيضُ.

  والغَضِيضُ من الطَّرْفِ: الفَاتِرُ، كالمَغْضُوضِ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ، ومنه قَصِيدُ كَعْبٍ:

  وما سُعَادُ غَدَاةَ البَيْنِ إِذْ رَحَلْوا ... إِلاَّ أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ

  وفي الصّحاح: ظَبْيٌ غَضِيضُ الطَّرْف، أَي فَاتِرُه، ويُقَال: إِنَّك لَغَضِيضُ الطَّرْفِ نَقِيُّ الظَّرْفِ، يُرَادُ بالظَّرْف وِعَاؤُهُ. يَقُول: لَسْتَ بخَائنٍ⁣(⁣٤). و في حَديث أُمِّ سَلَمةَ: «حُمَادَيَاتُ النِّسَاءِ غَضُّ الأَطْرَافِ» في قَوْل القُتَيْبِيّ، وذلكَ أَنَّمَا يَكُونُ منَ الحَيَاءِ والخَفَرِ، وقد سَبَقَ ذِكْرُهُ في «خ ف ر».

  والغَضِيضُ: النَّاقِصُ الذَّليلُ، بَيِّنُ الغَضَاضَةِ، ج أَغِضَّةٌ وأَغِضّاءُ، وهو من غَضَّهُ يَغُضُّهُ غَضّاً، إِذا نَقَصَهُ، فهو غَاضٌّ، وذاكَ غَضِيضٌ.

  ولا أَغُضُّكَ دِرْهَماً، أَي لا أَنْقُصُكَ وإِذا ثَبَتَ النَّقْصُ لَحِقَهُ الذُّلُّ، فهذا قَوْلُ المُصَنِّف: النّاقِص الذَّلِيل.

  والغَضُّ: الحَديثُ النِّتَاجِ من أَوْلادِ البَقَر، ج الغِضَاضُ، كحِبَالٍ. قال أَبو حَيَّةَ النُّميْرِيّ:

  خَبَأْنَ بها الغُنَّ الغِضَاضَ فأَصْبَحَتْ ... لَهُنَّ مَرَاداً والسَّخَالُ مَخَابِئَا

  وغَضَضْتَ، كمَنَعْتَ وسَمِعْتَ، هكَذا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، وقولُهُ: كمَنَعْتَ، فيه نَظَرٌ لإِنْتفَاءِ الشَّرْطِ فيه، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ من بابِ تَدَاخُلِ اللُّغَاتِ، وقد تَقَدَّمَ الكَلَامُ عَلَيْه مِرَاراً، غَضَاضَةً بالفَتْحِ، وغُضُوضَةً بالضَّمِّ، نَقَلَهُمَا الجَوْهَرِيُّ، فأَنْتَ غَضٌّ بَيِّنُ الغَضَاضَةِ والغُضُوضَةِ، أَي نَاضِرٌ. قال ابنُ بَرّيّ: أَنْكَرَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ غَضَاضَةً، وقال: غَضٌّ بَيِّنُ الغُضَوضَةِ، لا غَيْرُ. قالَ: وإِنَّمَا يُقَالُ ذلك فيما يُغْتَضُّ منه ويُؤْنَفُ، والفِعْلُ منهُ غَضَّ واغَتَضَّ، أَي وَضَعَ ونَقَصَ. قال ابنُ بَرّيّ: وقد قَالُوا بَضٌّ بَيِّنُ البَضَاضَةِ والبُضُوضَةِ، فهذا يُؤيِّدُ⁣(⁣٥) قَوْلَ الجَوْهَريّ في الغَضَاضَةِ.

  وفي التَّهْذيب: واختُلِفَ في فَعَلْتَ مِنْ غَضَّ، فقَال⁣(⁣٦)


(١) سورة لقمان الآية ١٩.

(٢) سورة النور الآية ٣٠.

(٣) التهذيب: «بدأ».

(٤) انظر مجمع الأمثال للميداني ١/ ٤٢.

(٥) اللسان: يقوّي.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: فقال بعضهم: غضضت تغض،