تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قبض]:

صفحة 132 - الجزء 10

  ويُقَال: كَلَّمَهُ فما أَفَاضَ بكَلِمَةٍ، أَي ما أَفْصَحَ.

  وفَاضَ صَدرُه من الغَيْظ⁣(⁣١)، وهو مَجاز.

  وفَيّاضٌ، كشَدَّادٍ: مَوْضِعٌ⁣(⁣٢).

  وقد كُنِّيَ أَبا الفَيْضِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو الفَيْضِ مُوسَى بنُ أَيّوبَ الشّامِيُّ، ويُقَالُ ابنُ أَبِي أَيُّوبَ، رَوَى عن سُلَيْمِ بنِ عَامِرٍ، وعَنْهُ شُعْبَةُ.

  وأَبُو الفَيْضِ: تَابِعِيٌّ، عن أَبِي ذَرٍّ، وعَنْهُ مَنْصُورُ بنُ المُعْتَمِرِ. كَذَا في «الكُنَى» لابْنِ المُهَنْدِس.

  والفَيَّاضُ أَيْضاً: لَقَبُ عِكْرِمَةَ بن رِبْعِيّ، من وَلَدِ مَالِكِ بْنِ تَيْمِ الله.

فصل القاف مع الضاد

  [قبض]: قَبَضَهُ بيَدِه يَقْبِضُهُ: تَنَاوَله بيَدِه مُلامَسَةً، كما في العُبَاب، وهو أَخَصَّ مِنْ قَوْلِ الجَوْهَرِيّ: قَبَضْتُ الشَّيْءَ قَبْضاً: أَخَذْتُه، ويَقْرُب منه قَوْلُ اللَّيْثِ: القَبْضُ: جَمْعُ الكَفِّ عَلَى الشَّيْءِ. وقِيلَ: القَبْضُ: الأَخْذُ بأَطْرَافِ الأَنَامِل، وهذا نَقَلَهُ شَيْخُنَا، وهو تَصْحِيفٌ. والصَّوابُ أَنَّ الأَخْذَ بأَطْرَافِ الأَنَامِلِ هو القَبْصُ، بالصَّادِ المُهْمَلَة، وقد تَقَدَّم.

  وقَبَضَ عَلَيْهِ بَيَدِه: أَمْسَكَه. ويُقَالُ: قَبَضَ عَلَيْه، وبِهِ، يَقْبِض قَبْضاً، إِذا انْحَنَى عَلَيْه بجَمِيعِ كَفِّه.

  وقَبَضَ يَدَهُ عَنْه: امْتَنَعَ عَن إِمْسَاكِه، ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: {وَ} يَقْبِضُونَ {أَيْدِيَهُمْ}⁣(⁣٣) أَي عن النَّفَقَةِ، وقِيلَ: عن الزَّكاةِ، فهو قَابِضٌ وقَبَّاضٌ، حَكَاه أَبو عُثْمَانَ المَازِنِيّ، قال: وهو لُغَةُ أَهْل المَدِينَة في الَّذِي يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ، وقَبّاضَةٌ، بزِيَادَةِ الهاءِ، ولَيْسَتْ للتَّأْنِيث.

  وقَبَضَهُ: ضِدُّ بَسَطَه، ويُرَادُ به التَّضْيِيقُ. ومِنْهُ قَولُه تَعَالَى {وَاللهُ} يَقْبِضُ {وَيَبْصُطُ}⁣(⁣٤)، أَيْ يُضَيِّقُ عَلَى قَوْم ويُوَسِّعُ على قَوْمٍ.

  ورَوَى المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ، عَنِ النَّبِيّ أَنَّهُ قال: «فَاطِمَةُ بَضْعةٌ مِنِّي، يَقْبِضُنِي ما قَبَضَهَا ويَبْسُطُنِي ما بَسَطَهَا»⁣(⁣٥) وقال اللَّيْثُ: يُقَالُ: إِنَّه لَيَقْبِضُنني ما قَبَضَكَ. قال الأَزْهَرِيُّ: مَعْنَاه أَنَّهُ يُحْشِمُنِي ما أَحْشَمَكَ⁣(⁣٦).

  وقَبَضَ الطائِرُ وغَيْرُه: أَسْرَعَ في الطَّيَرَان، أَو المَشْيِ وأَصلُ القَبْضِ، في جَناحِ الطَّائِر، هُوَ أَنْ يَجْمَعَهُ لِيَطِيرَ، وقد قَبَضَ، وهُوَ قابِضٌ، وقَبَضَ فهو قَبِيضٌ بَيِّنُ القَبَاضَة والقَبَاضِ والقَبَضِ، بفَتْحَتِهنّ، وفيه لَفٌّ ونَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّب، أَيْ مُنكَمِشٌ سَريعٌ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ للرَّاجز:

  أَتَتْكَ عِيسٌ تَحْمِلُ المَشِيَّا ... ماءً مِنَ الطَّثْرَةِ أَحْوَذِيَّا

  يُعْجِلُ ذَا القَبَاضَةِ الوَحِيَّا ... أَنْ يَرْفَعَ المِئْزَرَ عَنْهُ⁣(⁣٧) شَيَّا

  ومنه قَولُه تَعَالَى: والطَّيْر صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ هكَذا في سائِر النُّسَخ وهو غَلَطٌ، فإِنَّ الآيَةَ {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَ} يَقْبِضْنَ⁣(⁣٨) وأَمَّا آيَةُ النُّور {وَالطَّيْرُ صَافّاتٍ}⁣(⁣٩) ليْسَ فِيها {وَ} يَقْبِضْنَ، وكَأَنَّهُ سَقَطَ لَفْظُ فَوْقَهُمْ من أَصل نُسْخَةِ المُصَنِّف، إِمَّا سَهْواً أَو مِنَ النُّسّاخِ، وقد ذَكَر الجَوْهَرِيُّ الآيَةَ عَلَى صِحَّتِهَا، وكذا الصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللّسَان، إِلاّ أَنَّهَما اقْتَصَرَا على {صافّاتٍ وَ} يَقْبِضْنَ، ولَمْ يَذْكُرا أَوَّلَ الآيَةِ، فتأَمَّل.

  ورجُلٌ قَبِيضُ الشَّدِّ، هكَذا في سائِر النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ، والصَّوابُ: فَرَسٌ قَبِيضُ الشَّدِّ، أَيْ سَريعُ نَقْلِ القَوَائِم، كما في الصّحاح والعُبَاب. وفي اللّسَان: القَبيضُ من الدَّوابِّ: السَّريعُ نَقْلِ القَوَائِم. قال الطِّرِمّاح:

  سَدَتْ بقَبَاضَةٍ وثَنَتْ بلِينِ⁣(⁣١٠)

  ولكنْ في قَوْل تَأَبَّطَ شَرّاً ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يُقَالُ رَجُلٌ قَبِيضُ الشَّدِّ، وهو قَوْلُهُ:


(١) الأساس، وشاهده فيه، قوله:

شكوت وما الشكوى لمثلي عادةً ... ولكن تفيض النفس عند امتلائها

(٢) الذي في معجم البلدان: فياض: نهر بالبصرة قديم واسع عليه قرى ومزارع، قاله نصر، والمعروف الفيص.

(٣) سورة التوبة الآية ٦٧.

(٤) من الآية ٢٤٥ من سورة البقرة.

(٥) أي أكره ما تكرهه وأتجمع مما تتجمع منه، كما في النهاية.

(٦) زيد في التهذيب: ونقيضه: إنه ليبسطني ما بسطك.

(٧) عن اللسان وبالأصل «منه».

(٨) سورة الملك الآية ١٩.

(٩) من الآية ٤١ من سورة النور.

(١٠) ملحق ديوانه، وصدره:

مبرّزة إذا أيدي المنايا