تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قربض]:

صفحة 137 - الجزء 10

  ومن أَمْثالِهِمْ: «حَال الجَرِيضُ دُونَ القَريضِ». قَاله عَبِيد بنُ الأَبْرصِ حِينَ أَرادَ المُنْذِرُ قَتْلَهُ فَقَالَ: أَنْشِدْنِي مِنْ قَوْلِكَ، فَقَال ذلِكَ، وقد تَقَدَّمَ في ج ر ض قِيلَ: الجَرِيض: الغُصَّةُ.

  والقَرِيضُ: مَا يَرُدُّهُ البَعِيرُ من جِرَّتِهِ، كما نَقَلَه الجوْهَرِيّ. وقال اللَّيْثُ: القَرِيضُ: الجِرَّةُ، لأَنَّه إِذا غُصَّ لَمْ يَقْدِرْ على قَرْضِ جِرَّتِهِ. وقال ابنُ سِيدَه: قَرَضَ البَعِيرُ جِرَّتَهُ يَقْرِضُهَا قَرْضاً، وهي قَرِيضٌ: مَضَغَهَا أَوْ رَدَّهَا. وقال كُراع: إِنَّما هي الفَرِيضُ «بالفَاءِ» وقد تَقَدَّم في مَوْضِعِهِ. وقِيلَ الجرِيضُ في المثَلِ: الغَصَصُ، والقَرِيضُ الشِّعْرُ، كما نَقَلَهُ الجوْهَرِيُّ أَيْضاً، أَي حالَ ما هالهُ دُون شِعْره، ولِذَا صارَ يقُولُ:

  أَقْفَرَ من أَهْلِه عَبِيدُ ... فاليَوْمَ لا يُبْدِي ولا يُعِيدُ

  والشِّعْرُ قَرِيضٌ، فَعِيلٌ بمعْنَى مفْعُولٍ، كالقَصِيدِ ونَظَائرِه. قال ابنُ بَرِّيّ وقد فَرَّقَ الأَغْلَبُ العِجْلِيُّ بيْنَ الرَّجَزِ والقَرِيضِ بقَوْله:

  أَرجزاً تُرِيدُ أَمْ قَرِيضا ... كِلَيْهِمَا أُجِيدُ مُسْتَرِيضَا

  والقُرَاضَةُ، بالضَّمِّ: ما سقَطَ بالقَرْضِ، أَيْ بقَرْضِ الفَأْر من خُبْزٍ، أَوْ ثَوْب، أَوْ غيْرِهِما، وكذلِك قُرَاضَاتُ الثَّوْبِ التي⁣(⁣١) يَقْطَعُهَا الخَيَّاطُ ويَنْفِيهَا الجلَمُ، وكَذلِكَ قُراضَةُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ.

  والمِقْرَاضُ: وَاحِدُ الْمَقَارِيضِ، هكَذا حَكَاهُ سِيبَوَيْه بالإِفْرَاد. وأنْشَد ابنُ بَرّيّ لِعَدِيِّ بنِ زَيْدٍ:

  كُلُّ صعْلٍ كأَنَّمَا شَقَّ فِيهِ ... سَعَفَ الشرْي شَفْرَتَا مِقْراضِ

  وقال ابنُ مَيّادَةَ:

  قد جُبْتُها جَوْبَ ذِي المِقْراضِ مِمْطَرَةً ... إِذَا اسْتَوَى مُغْفِلَاتُ البِيِد والحدَب⁣(⁣٢)

  وقال أَبُو الشِّيصِ:

  وجنَاحِ مقْصُوصٍ تَحيَّفَ رِيشَهُ ... رَيْبُ الزَّمانِ تَحَيُّفَ المِقْرَاضِ

  فقالوا مِقْراضاً فأَفْرَدُوه. وقال ابنُ بَرّيّ: ومِثْلُهُ المِفْراضُ، «بالفَاءِ والصّاد»، وقد تَقَدَّمَ في مَوْضِعِه.

  وهُمَا مِقْراضانِ تَثْنِيةُ مِقْراضٍ وقال غَيْرُ سِيبَوَيْه من أَئِمَّةِ اللُّغَةِ: المِقْراضانِ: الجَلَمانِ، لا يُفْرَدُ لَهُما وَاحِدٌ.

  والقَرْضُ، بالفَتْحِ كما هو المَشْهُور، ويُكْسَرُ، وهذِه حكاها الكِسَائيُّ، كما نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقال ثَعْلَبٌ: القَرْضُ المَصْدَر، والقِرْضُ⁣(⁣٣) الاسْمُ. قال ابنُ سِيدَه: لا يُعْجِبُني.

  وفي اللّسان: هو ما يَتَجَازَى بِهِ النَّاسُ بَيْنَهُم ويَتَقَاضَوْنَهُ، وجمْعُهُ قُرُوضٌ. قال الجوْهرِيّ: هو ما سَلَّفْتَ مِنْ إِساءَةٍ أَوْ إِحْسان، وهو مَجَازٌ على التَّشْبِيهِ، وأَنْشَدَ لِلشَّاعِرِ، وهو أُميَّةُ ابنُ أَبِي الصَّلْتِ:

  كُلُّ امرئِ سوْفَ يُجْزَى قَرْضَهُ حَسَناً ... أَوْ سَيِّئاً أَوْ مَدِيناً مِثْلَ مادَانَا⁣(⁣٤)

  وأَنْشَد الصَّاغَانِيُّ لِلَبِيدٍ، ¥:

  وإِذا⁣(⁣٥) جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِهِ ... إِنَّمَا يَجْزِي الفَتَى لَيْس الجَمَلْ

  وفي اللّسان: معْنَاهُ إِذَا أُسدِيَ إِلَيْك مَعْرُوفٌ فَكَافِئْ علَيْهِ.

  وفي الصّحاح: القَرْضُ: ما تُعْطِيهِ من المالِ لِتُقْضَاهُ.

  وقال أَبُو إِسْحَاقَ النَّحْوِيُّ في قَوْله تَعالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي} يُقْرِضُ {اللهَ} قَرْضاً {حَسَناً}⁣(⁣٦) قال: مَعْنَى القَرْضِ: البَلاءُ الحَسَنُ. تَقُولُ العَربُ: لَكَ عِنْدِي قَرْضٌ حَسنٌ، وقَرْضٌ سيِّيءٌ. وأَصْلُ القَرْضِ: ما يُعْطِيهِ الرَّجُلُ أَو يَفْعَلُهُ لِيُجَازَى عَلَيْهِ. والله ø لا يَسْتَقْرِضُ مِنْ عَوَزٍ ولكِنَّه يبْلُو عِبَادَهُ، فالقَرْضُ كما وَصَفْنا. قال: وهو في الآيةِ اسْمٌ لِكُلِّ ما يُلْتَمَسُ عَلَيْه الجَزَاءُ، ولَوْ كانَ


(١) عن اللسان وبالأصل «الذي».

(٢) اللسان وبهامشه: «قوله مغفلات كذا فيما بأيدينا من النسخ ولعله معقلات جمع معقلة بفتح فسكون فضم وهي التي تمسك الماء.

(٣) ضبطت في الكويتية بالفتح، وما أثبت عن اللسان.

(٤) عجزه في التهذيب:

أو سيئاً ومدينا كالذي دانا

(٥) ديوانه ط ليدن: فإذا جوزيت.

(٦) سورة البقرة الآية ٢٤٥.