فصل الحاء مع الطاء
  قال الجَوْهَرِيُّ: فإِن حَقَّرْتَ فأَنْتَ بالخِيَارِ، إِنْ شِئْتَ حَذَفْتَ النُّونَ وأَبْدَلْت من الأَلِفِ ياءً، فقُلْتَ: حُبَيْطٍ، بكسرِ الطّاءِ مُنَوّناً، لأَنَّ الأَلِفَ ليست للتَّأْنِيثِ فيُفْتَح ما قَبْلها، كما يُفْتَح في تَصْغِيرِ حُبْلَى وبُشْرَى، وإِنْ بَقَّيْتَ النُّونَ وحَذَفْتَ الأَلِفَ قُلْتَ: حُبَيْنِطٌ، وكذلِكَ كُلُّ اسْمٍ فيه زِيَادَتانِ للإِلْحاقِ، فاحْذِفْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ، وإِن شِئْتَ عَوَّضْتَ من المَحْذُوفِ في المَوْضِعَيْنِ، وإِن شِئْتَ لم تُعَوِّضْ. فإِنْ عَوَّضْتَ في الأَوّلِ قُلتَ: حُبَيِّطٍ، بتَشْدِيدِ الياءِ والطّاءِ مكسورةٌ، وقُلْتَ في الثّانِي: حُبَيْنِيطٌ، وكذلِكَ القَوْلُ في عَفَرْنَى. انتهى. ونَقَل الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ هذِه العِبَارَةَ بعَينِهَا.
  والحَبِطُ، ككَتِفٍ ويُحَرَّكُ، والَّذِي في الصِّحاحِ: بالتَّحْرِيكِ والفَتْح، وهو الحَارِثُ بنُ عَمْرِو بنِ تَمِيمٍ، كما في الصّحاحِ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: هو الحَارِثُ بنُ مالِكِ بنِ عَمْرِو بن تَمِيمٍ فزادَ مالِكاً بينَ الحارِث وعَمْرو. وفي أَنْسَابِ أَبي عُبَيْدٍ مثلُ ما للجَوْهَرِيِّ(١)، واخْتُلِفَ في سَبَبِ تَلْقِيبِه إِيّاه، فقيل: لأَنَّه كانَ في سَفَرٍ فأَصَابَهُ مِثْلُ الحَبَط الذِي يُصِيبُ المَاشِيَةَ، كما في الصّحاحِ. وقال ابنُ الكَلْبِيّ: كان أَكَلَ طَعَاماً فأَصَابَهُ منه هَيْضَةٌ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: كان أَكَل صَمْغاً فحَبِطَ عنه - ويُسَمَّى(٢) بَنُوه الحَبِطَاتِ، بفتحِ الباءِ وبكَسْرِهَا، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِم، كذَا في بَعْضِ نُسَخِ الصّحاحِ(٣)، وفي بَعْضِهَا: إِلَيْه، حَبَطِيٌّ مُحَرَّكةً، كالنِّسْبَةِ إِلى بَنِي سَلِمَةَ، وبَنِي شَقِرَةَ، فتقول: سَلَمِيٌّ وشَقَرِيّ، بفتح الّلامِ والقافِ، وذلِكَ لأَنَّهُم كَرِهُوا كَثْرَةَ الكَسَرَاتِ ففَتَحُوا، أَي والقِيَاسُ الكَسْرُ.
  وقِيلَ: الحَبَطَاتُ: الحارِثُ بنُ عَمْرِو بنِ تَمِيمٍ، والعَنْبَرُ بنُ عَمْرو، والقُلَيْبُ بنُ عَمْرٍو، ومازِنُ بنُ مالِكِ بن عَمْرٍو.
  وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ، ولَقِيَ دَغْفَلٌ رجلاً، فقَال له: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قال: مِنْ بَنِي عَمْرِو بنِ تَمِيمٍ. قال: إِنَّمَا عَمْرٌو عُقَابٌ جاثِمَة، فالحَبِطاتُ عُنُقُهَا، والقُلَيْبُ رأْسُهَا، وأُسَيِّدٌ والهُجَيْمُ جَنَاحَاها، والعَنْبَرُ جِثْوَتُهَا، ومَازِنٌ مِخْلَبُهَا، وكَعْبٌ ذَنَبُهَا. يَعِني بالجثْوَةِ بَدَنَها(٤). قلتُ: وهذَا هو الَّذِي صَرَّحَ به النَّسّابةُ، والهُجَيْمُ وأُسَيِّدٌ هُمَا إِخْوَةُ العَنْبَرِ، وكَعْبٌ، والقُلَيْبُ، وأُلَيْهَةُ، وكذلِكَ بَنُو الهُجَيْم الخَمْسَةُ: عامِرٌ وسَعْدٌ ورَبِيعَةُ وأَنْمَارٌ وعَمْرو(٥)، يُعْرَفُون بالحَبِطاتِ.
  والمُحْبَوْبِطُ: الجَهُولُ السَّرِيعُ الغَضَبِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
  والحَبَطِيطَةُ، مُحَرَّكَةً، كحَمَصِيصَةٍ: الشَّيْءُ الحَقِيرُ الصَّغِيرُ.
  ويُقَال: احْبَنْطَى الرَّجُلُ، إِذا انْتَفَخَ بَطْنُهُ ومِنْهُ الحَدِيثُ في السِّقْطِ: «يَظَلُّ مُحْبَنْطِئاً على باب الجَنَّةِ» يُرْوَى بالهَمْزِ وبِغَيْرِ الهَمْزِ، وقال أَبُو زَيْدٍ: المُحْبَنْطِئُ، مهموزٌ وغيرُ مَهْمُوز: المُمْتَلِئُ غَضَباً، وقال غيرُه في تَفْسِيرِ الحَدِيث: المُحْبَنْطِي، هو المُتَغَضِّبُ، وقيل: هو المُسْتَبْطِئُ للشَّيْءِ، وبالهَمْزِ: العَظِيمُ البَطْنِ. وقال ابنُ الأَثِيرِ: المُحْبَنْطِئُ، بالهَمْز وتَرْكِه: المُتَغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ للشَّيْءِ، وقِيلَ: هو المُمْتَنِعُ امْتِنَاعَ طَلَبٍ لا امْتِنَاعَ إِباءٍ. وحكَى ابنُ بَرِّيّ: المُحْبَنْطِي، بغيرِ همْزٍ: المُتَغَضِّبُ، وبالهَمْزِ: المُنْتَفِخُ.
  * ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:
  أَحْبَطَه الضَّرْبُ: أَثَّرَ فيه.
  وإِبِلٌ حَبَطَةٌ، مُحَرَّكةً، كحَبَاطَى، نَقَلَه ابنُ سِيدَه.
  والحَبَطُ، مُحَرَّكةً: اللَّحْمُ الزّائِدُ على النُّدُوب، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ.
  وحَبِط ماءُ البِئْرِ، كفَرِحَ: مثلُ أَحْبَطَ، قال:
  فحَبِطَ الجَفْرُ وما إِنْ جَمَّا
  ويُقَال: فَرَسٌ حَبِطُ القُصَيْرَى، إِذا كان مُنْتَفِخَ الخاصِرَتَيْنِ، ومنه قَوْلُ [النابغة] الجَعْدِيِّ:
  فَلِيقُ النَّسَا حَبِطُ المَوْقِفَيْ ... نِ يَسْتَنُّ كالصَّدَعِ الأَشْعَبِ(٦)
(١) الذي في اللسان: «الحارث بن مازن بن عمرو بن تميم». وفي التهذيب: الحارث بن مازن بن عمرو بن تميم.
(٢) عن القاموس وبالأصل «وتسمى».
(٣) وهو في الصحاح المطبوع.
(٤) في اللسان: بدنها ورأسها.
(٥) في جمهرة ابن حزم ص ٢٠٩ ولد الهجيم بن عمرو بن تميم: عمرو وسعد وربيعة وأنمار بن عوف بن محارب بن مر - قال: وقد ذكرنا أنه انتسب إليه فقيل: أنمار بن الهُجيم.
(٦) عجزه في المعاني الكبير لابن قتيبة ١/ ١٥٢.
يستن كالتيس في الحلب