تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حثط]:

صفحة 217 - الجزء 10

  وأنْشَدَ قُطْرُبٌ:

  إِنَّ حِرِي حُطَائِطٌ بُطَائط

  وقد تَقَدَّم أَنّ بُطَائطاً إِتْبَاعٌ لحُطَائِطٍ، وهو مَجَازٌ. واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على ذِكْرِ الثّانِيَةِ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: يُقَال للشَّيْءِ إِذا استَصْغَرُوه حَطَاطَة، قال أَبُو حاتِمٍ، هو عَرَبِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ.

  ومن المَجَازِ: أَلْيَةٌ مَحْطُوطَةٌ أَي لا مَأْكَمَةَ لَهَا، كأَنَّما حُطَّت بالمِحَطِّ.

  ومن المَجَازِ: المُنْحَطُّ من المَنَاكِبِ: المُسْتَفِلُ الَّذِي لَيْسَ بمُرْتَفِعٍ ولا مُسْتَقِلٍّ، وهو أَحْسَنُهَا.

  والحَطَاطُ، كسَحَابٍ: البَثْرُ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ، وقِيلَ شِبْهُ البَثْرِ، وفي المُحْكَمِ: مثلُ البَثْر يَخْرُجُ في بَاطِنِ الحُوقِ أَو حَوْلَهُ، وهذا عن الجَوْهَرِيُّ، ونَصُّه: الحَطَاطُ: شَبِيهٌ بالبُثُورِ يكونُ حَوْلَ الحُوقِ. وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ لزِيَادِ الطَّمَّاحِيّ:

  قامَ إِلى عَذْرَاءَ بالغُطَاطِ ... يَمْشِي بمِثْلِ قائمِ الفُسْطَاطِ

  بمُكْفَهِرِّ اللَّوْنِ ذي حَطَاطِ

  قال ابنُ بَرّيّ: الَّذِي رَوَاهُ أَبُو عَمْرٍو:

  «بِمُكْرَهِفِّ الحُوقِ» ...

  أَي بمُشْرِفِه، وبَعْدَه:

  هامَتُه مثْلُ الفَنِيقِ السَّاطِي ... نِيطَ بِحَقْوَيْ شَبِقٍ شِرْوَاطِ

  فبَكَّهَا مُوَثَّقُ النِّياطِ ... ذُو قُوَّةٍ ليسَ بذي وَبَاطِ

  فدَاكَهَا دَوْكاً على الصِّرَاطِ ... ليسَ كَدَوْكِ بَعْلِهَا الوَطْوَاطِ

  وقَامَ عَنْهَا وهْو ذُو نَشَاطِ ... ولُيِّنَتْ من شِدَّة الخِلَاطِ

  قد أَسْبَطَتْ وأَيَّمَا إِسْبَاطِ

  وقال الرّاجِزُ:

  ثُمَّ طَعَنْتُ في الجَمِيشِ الأَصْفَرِ⁣(⁣١) ... بذِي حَطَاطٍ مثْلِ أَيْرِ الأَقْمَرِ

  قال الجَوْهَرِيّ: ورُبَّمَا كانَتْ في الوَجْه تَقِيحُ ولا تُقَرِّحُ، ومنه قولُ المُتَنَخِّلِ الهُذَلِيِّ:

  ووَجْهٍ قد جَلَوْتُ أُمَيْمَ صَافٍ ... كقَرْنِ الشَّمْسِ ليسَ بذِي حَطَاطِ

  هكَذَا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ. قلتُ: والَّذِي رَوَاهُ السُّكَّرِيُّ:

  ووَجْهٍ قد طَرَقْتُ أُمَيْمَ صَافٍ ... أَسِيلٍ غَيْرِ جَهْمٍ ذِي حَطَاطِ⁣(⁣٢)

  كما قَرَأْتُه في الدِّيوَانِ، وهكَذَا أَنْشَدَه الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ، وفي غيرِهِمَا من كُتُب اللّغَة مثل، ما رَوَاه الجَوْهَرِيُّ، الوَاحِدَة حَطَاطَةٌ، بهَاءٍ، وقال أَبُو زَيْدٍ: الأَجْرَبُ العَيْن: الذِي تَبْثُر عَيْنُه ويَلزمُهَا⁣(⁣٣) الحَطَاطُ، وهو الظَّبْظَابُ، والجُدْجُدُ⁣(⁣٤).

  والحَطَاطُ أَيْضاً: زُبْدُ اللَّبَنِ. نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ وابنُ دُرَيْدٍ، كأَنَّهُ سُمِّيَ به لكَوْنِه يُحَطُّ عنه، أَي يُحَتُّ.

  وقِيلَ: الحَطَاطُ من الكَمَرَةِ: حُرُوفُهَا، نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه.

  وقد حَطَّ وَجْهُهُ يَحُطُّ: خَرَجَ به الحَطَاطُ، أَي البَثْرُ، أَو حَطَّ: سَمِنَ وَجْهُهُ، وقيل: تَهَيَّجَ، كأَحَطَّ فِيهِنَّ، أَي في المَعَانِي الثَّلاثَةِ.

  ومن المَجَازِ: حَطَّ البَعِيرُ حِطَاطاً، بالكَسْرِ، إِذا اعْتَمَدَ في الزَّمَامِ على أَحَدِ شِقَّيْهِ، قالَ ابنُ مُقْبِلٍ:

  برَأْسٍ إِذا اشْتَدَّتْ شَكِيمَةُ وَجْهِه ... أَسَرَّ حِطَاطاً ثُمَّ لَانَ فبَغَّلَا

  وقال الشَّمّاخ:

  إِذا ضُرِبَتْ على العِلاّتِ حَطَّتْ ... إِلَيْك حِطَاطَ هَادِيَةٍ شَنُونِ⁣(⁣٥)

  هكَذَا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ، كانْحَطَّ انْحِطاطاً، يُقَالُ: نَجِيبَةٌ مُنْحَطَّةٌ في سَيْرِهَا: حَطَّتْ فِي سَيْرِهَا، وانْحَطَّت، أَي اعْتَمَدَت، وقَال أَبو عَمْرٍو: أَي أَسْرَعَت.


(١) عن اللسان وبالأصل «الأصغر».

(٢) ديوان الهذليين ٢/ ٢٣ وفي شرحه قال: يريد صافي البشرة أسيل: سهل لم يكثر لحمه حتى يتبثر.

(٣) الأصل واللسان وفي التهذيب: يلازمها.

(٤) في اللسان: والحد حد، والأصل كالتهذيب.

(٥) الهادية: الأتان الوحشية المتقدمة في سيرها. والشنون: التي بين السمينة والهزيلة، عن اللسان.