تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة مع الطاء

صفحة 287 - الجزء 10

  أَن يَسْقُطَ فيُخْطِئَ أَو يَكْذِبَ أَو يَبُوحَ بما عِنْدَه، وهو مَجازٌ، كتَسَقَّطَهُ، وسَيَأْتِي ذلِكَ للمُصَنِّفِ في آخِرِ المادّة.

  والسَّوَاقِطُ: الَّذِين يَردُون اليَمَامَةَ لامْتِيَارِ التَّمْرِ، وهو مَجَازٌ، من سَقَطَ إِليه، إِذا أَقْبَلَ عليه.

  والسِّقَاطُ ككِتَابٍ: ما يَحْمِلُونَه من التَّمْرِ، وهو مَجَازٌ أَيْضاً، كأَنَّه سُمِّيَ به لكَوْنِه يَسْقُطُ إِليه من الأَقْطارِ.

  والسَّاقِطُ: المُتَأَخِّر عن الرِّجَالِ، وهو مَجازٌ.

  وسَاقَطَ الشَيْءَ مُساقَطَةً وسِقَاطاً: أَسْقَطَهُ، كما في الصّحاحِ، أَو تَابَعَ إِسْقَاطَه، كما في اللِّسَانِ، وهذا بعَيْنِهِ قد تَقَدَّم في كَلامِ المُصَنِّف، وتَفْسِيرُ الجَوْهَرِيِّ وصاحبِ اللِّسَان وَاحِدٌ، وإِنَّمَا التَّعْبيرُ مختلِفٌ، بل صاحِبُ اللسان جَمَعَ بينَ المَعْنَيَيْنِ فقال: أَسْقَطَه، وتابَعَ إِسْقَاطَه، فهو تَكْرَارٌ محضٌ في كَلامِ المُصَنِّفِ، فتَأَمَّلْ.

  ومن المَجَاز: ساقَطَ الفَرَسُ العَدْوَ سِقَاطاً: جاءَ مُسْتَرْخِياً فيهِ، وفي المَشْيِ، وقِيلَ: السِّقَاطُ في الفَرَس أَن لا يَزَالَ مَنْكُوباً. ويُقَالُ للفَرَسِ: إِنّه لسَاقِطُ الشَّدِّ⁣(⁣١)، إِذا جاء منه شَيْءٌ بعدَ شيْءٍ، كما فِي الأَسَاسِ. وقال الشاعر:

  بِذي مَيْعَةٍ كَأَنَّ أَدْنَى سِقَاطِه ... وتَقْرِيبِه الأَعْلَى ذَآلِيلُ ثَعْلَبِ

  ومن المَجَاز: سَاقَطَ فُلانٌ فُلاناً الحديثَ، إِذا سَقَطَ من كُلٍّ على الآخَرِ. وسِقَاطُ الحَدِيثِ بأَنْ يَتَحَدَّثَ الوَاحِدُ ويُنْصِتَ له الآخَرُ، فإِذا سَكَتَ تَحَدَّثَ الساكِتُ، قال الفَرزدقُ:

  إِذا هُنَّ ساقَطْنَ الحَدِيثَ كَأَنَّه ... جَنَى النَّحْلِ أَو أَبْكارُ كَرْمٍ تُقَطَّفُ

  قلتُ: وأَصْلُ ذلِكَ قولُ ذِي الرُّمَّة:

  ونِلْنَا سِقَاطاً من حَدِيثٍ كَأَنَّهُ ... جَنَى النَّحْلِ مَمْزُوجاً بمَاءِ الوَقَائعِ

  ومنه أَخَذ الفرزدقُ وكَذلِكَ البُحْتِريُّ حَيْثُ يَقولُ:

  ولَمَّا الْتَقَيْنَا والنَّقَا مَوْعِدٌ لَنَا ... تَعَجَّبَ رائِي الدُّرِّ مِنَّا ولَاقِطُهْ

  فمِن لُؤْلُؤٍ تَجْلُوه عِنْدَ ابْتِسَامِها ... ومن لُؤْلُؤٍ عند الحَدِيثِ تُسَاقِطُهْ

  وقيل: سِقَاطُ الحَدِيثِ هو: أَنْ يُحَدِّثَهم شَيْئاً بعد شَيْءٍ، كما في الأَساسِ⁣(⁣٢). ومن أَحْسَنِ ما رَأَيْتُ في المُسَاقَطَةِ قولُ شَيْخِنا عبدِ الله بن سلام المُؤَذِّنِ يُخَاطِبُ به المَوْلَى عليَّ بنَ تاجِ الدِّينِ القلعيّ، رَحِمَهُما الله تَعَالَى وهو:

  أُساقِطُ دُرًّا إِذْ تَمَسُّ أَنامِلِي ... يَرَاعِي وِعقْيَاناً يَرُوقُ وَمرْجانَا

  أُحَلِّي بها تاجَ ابنَ تَاجٍ عَلِيَّنَا ... فلا زَالَ، مَوْلَانَا الأجَلَّ ومَرْجانَا

  ورَوْضَا النَّدَى والجُودِ قالا لنا اطْلُبُوا ... جَمِيعَ الَّذِي يُرْجَى فكَفّاهُ مَرْجانَا

  والسَّقاطُ، كشَدَّادِ وسَحَابٍ، وعَلَى الأَوّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ وصاحِبُ اللِّسَانِ: السَّيْفُ يَسْقُطُ من وَرَاءِ الضَّرِيبَةِ ويَقْطَعُهَا حتّى يَجُوزَ إِلى الأَرضِ، وفي الصّحاح: يَقْطَعها، وأَنْشَدَ للمُتَنَخِّلِ:

  يُتِرُّ العَظْمَ سَقّاطٌ سُرَاطِي⁣(⁣٣)

  أَو يَقْطَعَ الضَّرِيبَةَ، ويَصِلَ إِلى ما بَعْدَها، وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: سَيفٌ سَقّاطٌ هو الَّذِي يَقُدُّ حتَّى يَصِلَ إِلى الأَرْضِ بعدَ أَنْ يَقْطَع، وفي شَرْح الدِّيوَانِ: أَيْ يَجُوزُ الضَّرِيبَةَ فيَسْقُطُ، وهو مجاز.

  والسِّقَاطُ، ككِتَابٍ: ما سَقَطَ من النَّخْلِ ومن البُسْرِ، يَجُوزُ أَنْ يكونَ مُفْرداً، كما هو ظاهِرُ صَنِيعِه، أَو جَمْعاً لسَاقِطٍ.

  ومن المَجَاز: السِّقَاطُ: العَثْرَةُ والزَّلَّةُ، كالسَّقْطَةِ، بالفَتْح، قال سُوَيْدُ بنُ أَبِي كاهِلٍ اليَشْكُرِيُّ:


(١) الذي في اللسان: «إنه ليساقط الشيء» ونبه مصححه بهامشه إلى عبارة الأساس. وفي التهذيب كاللسان.

(٢) عبارة الأساس: وتذاكرنا سقاط الأحاديث، وساقطهم أحسن الحديث وهو أن يحادثهم شيئاً بعد شيء.

(٣) صدره في اللسان:

كلون الملح ضربتُه هبيرٌ