تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع الطاء

صفحة 309 - الجزء 10

  وهُوَ نادِر، لأَن المُفَاضَلَةَ إِنَّما تَكُونُ من الفِعْلِ دُونَ الاسْمِ، وهو نَحوُ ما حَكاه سِيبَوَيْهِ من قَوْلِهِم: أَحْنَكُ الشَّاتَيْنِ؛ لأَنَّ ذلِكَ لا فِعْلَ له أَيْضاً عِنْدَه، وكذلِكَ آبَلُ النّاسِ، لا فِعْلَ له عند سِيبَوَيْهِ قال: وفي بعضِ نُسَخِ الإِصْلاح: الغَنَمُ أَشْرَاطُ المالِ. قلتُ: وهكَذا أَوْرَدَهُ الجَوْهَرِيُّ أَيْضاً. قال فإِن صَحَّ هذا فهو جَمْعُ شَرَط، مُحَرَّكَةً.

  وشَارَطَهُ مُشَارَطَةً: شَرَطَ كُلٌّ مِنْهُمَا على صاحِبِه، كما في اللّسَانِ والعُبَابِ.

  * ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  الشَّرْطُ، بالفَتْح: العَلَامَةُ، لغةٌ في التَّحْرِيكِ.

  والشَّرَطُ، مُحَرَّكَةً، من الإِبِلِ: ما يُجْلَبُ لِلْبَيْع، نحْوُ النّابِ والدَّبِر، يقال: إِن في إِبِلِكَ شَرَطاً؟ فيَقُولُ: لا، ولكِنَّهَا لُبَابٌ كُلُّهَا، كما في اللِّسانِ، وعِبَارَةُ الأَسَاسِ: يُقَالُ للحَالِبِ⁣(⁣١): هَلْ في حَلُوبَتِك شَرَطٌ؟ قال: لا، كُلُّهَا لُبَابٌ.

  وأَشْرَاطُ السّاعَةِ: ما يُنْكِرُه النّاسُ من صِغَارِ أُمُورِهَا قَبْلَ أَنْ تَقُومَ السّاعَةُ: نَقَلَه الخَطّابِيُّ. وقال غيرُه: هي أَسْبَابُهَا الَّتِي هي دُونَ مُعْظَمِهَا وقِيامِها.

  وشُرْطَةُ كلِّ شَيْءٍ، بالضَّمِّ: خِيَارُهُ، وكذلِكَ شَرِيطَتُه، ومنه الحَدِيثُ: «لا تَقُومُ السّاعَةُ حَتَّى يَأْخُذَ الله شَرِيطَتَه من أَهْلِ الأَرْضِ، فيَبْقَى عَجَاجٌ لا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً، ولا يُنْكِرُون مُنْكَراً» يَعنِي أَهل الخَيْرِ والدِّينِ. قالَ الأَزْهَرِيُّ: أَظُنُه شَرَطَتَه، أَي الخِيَارَ، إِلاَّ أَنَّ شَمِراً كذا رَوَاه.

  قالَ ابنُ بَرِّيّ: والنَّسَبُ إِلى الشّرَطَيْنِ شَرَطِيٌّ، كقَوْلِه:

  ومِنْ شَرَطِيٍّ مُرْثَعِنٍّ بعَامِرِ

  قال: وكذلِكَ النَّسَبُ إِلى الأَشْرَاطِ شَرَطِيٌّ، ورُبَّمَا نَسَبُوا إِليه عَلَى لَفْظِ الجَمْع أَشْرَاطِيّ، وقد تَقَدَّم شَاهِدُه⁣(⁣٢)، ومن ذلِكَ: رَوْضَةٌ أَشْرَاطيَّةٌ إِذا مُطِرَتْ بِنَوْءِ الشَّرَطَيْنِ، قال ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ رَوْضَةً:

  حَوَّاءُ قَرْحاءُ أَشْرَاطِيَّةٌ وَكَفَتْ ... فِيهَا الذِّهَابُ وحَفَّتْهَا البَرَاعِيمُ

  وحكَى ابنُ الأَعْرَابِيّ: طَلَعَ الشَّرَطُ. فجاءَ للشَّرَطَيْن بوَاحِدٍ، والتَّثْنِيَةُ في ذلِكَ أَعْلَى وأَشْهَرُ؛ لأَنَّ أَحَدَهُمَا لا يَنْفَصِلُ عن الآخَرِ، كأَبَانَيْنِ في أَنّهَما يُثَنَّيَانِ معاً وتَكُونُ حَالتُهما وَاحِدَةً في كلِّ شيْءٍ.

  ويُقَال: نَوْءٌ شَرَاطِيٌّ، هكذا هو في الأَسَاسِ⁣(⁣٣)، ولَعَلَّهُ شَرَطِيٌّ مُحَرَّكَةً، كما تَقَدَّم عن ابْنِ بَرِّيّ.

  وفي الصّحاحِ: وأَمّا قولُ حَسّانِ بنِ ثَابِتٍ:

  في نَدَامَى بِيضِ الوُجُوهِ كرَامٍ ... نُبِّهُوا بعد هَجْعَةِ الأَشْرَاطِ

  وفي العُبَاب: «بعد خَفْقَةِ الأَشْرَاطِ»، فيُقَالُ: إِنَّهُ أَرادَ به الحَرَسَ وسَفِلَةَ النّاسِ، أَي فالوَاحِدُ شَرَطٌ. قال الصّاغَانِيُّ: والصَّحِيحُ أَنَّه أَرادَ ما أَرَادَ الكُمَيْتُ وذُو الرُّمّةِ، وخَفْقَتُهَا: سُقُوطُهَا.

  وشَرَطٌ، مُحَرَّكَةً: لَقَبُ مالِكِ بنِ بُجْرَة، ذَهَبُوا في ذلك إِلى اسْتِرْذَالِهِ؛ لأَنَّه كان يُحَمَّقُ، قال خالدُ بنُ قَيْسٍ التَّيْمِيّ يَهْجُو مالِكاً هذا:

  لَيْتَكَ إِذْ رُهِنْتَ⁣(⁣٤) آلَ مَوْأَلَهْ ... حَزُّوا بنَصْلِ السَّيْفِ عندَ السَّبَلَهْ

  وحَلَّقَتْ بِكَ العُقَابُ القَيْعَلَهْ ... مُدْبِرَةً بشَرَطٍ لا مُقْبِلَهْ

  وأَشْرَطَ فِيهَا وبِهَا: اسْتَخَفَّ بِهَا وجَعَلَهَا شَرَطاً، أَي شَيْئاً دُوناً خَاطَرَ بها.

  وقال أَبو عَمْرٍو: أَشْرَطْتُ فُلاناً لِعَمَلِ كذا، أَي يَسَّرْتُهُ وجَعَلْته يَلِيه، وأَنْشَدَ:

  قَرَّبَ مِنْهُمْ⁣(⁣٥) كُلَّ قَرْمٍ مُشْرَطِ ... عَجَمْجَمٍ ذي كُدْنَةٍ عَمَلَّطِ


(١) كذا بالأصل والأساس، وفي المطبوعة الكويتية - عن الأساس: «للجالب» والذي في الأساس المطبوع الذي بيدي «للحالب» فلعلها نسخة أخرى وقعت بيده.

(٢) يعني قول العجاج:

من باكر الأشراط أشراطي

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: هكذا هو في الأساس، الذي في النسخة التي بأيدينا منه نوء أشراطي، واستشهد عليه بقوله:

من باكر الأشراط أشراطي

وهو موافق لقول ابن بري السابق وربما نسبوا الخ».

(٤) عن اللسان ط د المعارف، وبالأصل «رهبت».

(٥) كذا بالأصل هنا «منهم» وفي مادة «عملط»: منها.