تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أمر]

صفحة 361 - الجزء 10

  وأَفْرَاطٌ أَيْضاً، وتَقَدَّم شاهِدُه في قول وَعْلَةَ الجَرْمِيّ، كما أَنْشَدَهُ الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي نَصْرٍ.

  وهو في نَوَادِرِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ لِوَعْلَة أَيْضاً، ونَصُّه:

  سَائِلْ مُجَاوِرَ جَرْمٍ: هَل جَنَيْتُ لهم ... حَرْباً تُزَيِّلُ بَيْنَ الجِيرَة الخُلُطِ

  أَم هَلْ سَمَوْتُ بجَرّارٍ له لَجَبٌ ... يَغْشَى مَخَارِمَ بينَ السَّهْلِ والفُرُطِ

  وبما سَرَدْنا يَظْهَرُ لك ما في عِبَارَةِ المُصَنِّفِ من القُصُور، فتَأَمَّلْه.

  وفي الأَسَاسِ: ومن المَجَازِ؛ بَدَتْ لنا أَفْرَاطُ المَفَازَةِ: وهي ما اسْتَقْدَمَ من أَعْلامِهَا.

  والفَرْطُ، بالفَتْحِ: الحِينُ، يُقَال: لَقِيتُه في الفَرْطِ بعدَ الفَرْطِ أَي الحِينِ بَعْدَ الحِينِ، كما في الصّحاحِ. ويُقَال أَيْضاً: إِنَّمَا آتِيه الفَرْطَ، أَي حيناً. وقِيل: الفَرْطُ: أَنْ تَأْتِيَه في الأَيّامِ مَرَّةً. وقال أبُو عُبَيْدٍ: الفَرْطُ أَنْ تَلْقَى الرَّجُلَ بَعْدَ الأَيَّام، يُقَال: إِنّمَا أَلْقَاه في الفَرْطِ. وقال ابنُ السِّكِّيتِ: الفَرْطُ: أَنْ يُقَال: آتِيكَ فَرْطَ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْن، والفَرْطُ: اليَوْمُ بينَ اليَوْمَيْنِ. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِلَبِيدٍ:

  هَل النَّفْسُ إِلاّ مُتْعَةٌ مُسْتَعارَةٌ ... تُعَارُ⁣(⁣١) فتَأْتِي رَبَّهَا فَرْطَ أَشْهُرِ

  وقال ابُو عُبَيْدٍ: ولا يَكُونُ الفَرْطُ في أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، هكذَا في النُّسَخِ. وفي الصّحاحِ: من خَمْسَ عَشَرَةَ لَيْلَةً، قال غيرُه: ولا يَكُونُ أَقَلَّ من ثَلاثَةٍ، وفي حَدِيثِ ضُبَاعَةَ: «كان النَّاسُ إِنّمَا يَذْهَبُون فَرْطَ يَوْمٍ أَو يَوْمَيْنِ فيَبْعَرُون كما تَبْعَرُ الإِبِلُ» أَي بعدَ يَوْمَيْنِ. وقالَ بعضُ العَرَبِ: مَضَيْتُ فَرْطَ سَاعَةٍ ولم أُومِنْ أَنْ أَنْفَلتَ. فقيل له: ما فَرْطَ ساعة؟ فقال: كَمُذْ أَخَذْتَ في الحَدِيثِ، فأَدْخَلَ الكافَ على مُذْ. وقولُه: ولم أَومِنْ، أَي: لم أَثِقْ ولم أُصَدِّقْ أَنَّي أَنْفَلِتُ.

  والفَرْطُ: طَرِيقٌ، عن أَبِي عَمْرٍو أَو: ع، بتِهَامَةَ قُرْبَ الحِجَازِ. قال غَاسِلُ بنُ غُزَيَّةَ الجُرَبِيُّ:

  سَرَتْ من الفَرْطِ أَو مِنْ نَخْلَتَيْن⁣(⁣٢) فَلَمْ ... يَنْشَبْ بها جَانِبا نَعْمَانَ فالنُّجُدُ

  وقال عبدُ مَنَاف بنُ رِبْعٍ الهُذَلِيُّ:

  فما لَكُم والفَرْطَ لا تَقْرَبُونَهُ ... وقَدْ خِلْتُه أَدْنَى مَآبٍ لقَافِلِ

  قلت: ويُرْوَى «أَدْنَى مَزَارٍ لقائلِ»، من القَيْلُولَة.

  والقَصِيدَةُ يَرْثي بها دُبَيَّةَ⁣(⁣٣) السُّلَمِيَّ سَادِنَ العُزَّى، وأُمُّه هُذَلِيَّةٌ.

  والفَرَطُ، بالتَّحْرِيكِ: المُتَقَدِّمُ إلى الماءِ، كالرّائِدِ في الكَلَاءِ، أَي يَتَقَدَّمُ على الوَارِدَةِ فيُهَيِّئُ لهم الأَرْسانَ والدِّلاءَ ويَمْدُرُ الحِيَاضَ ويَسْتَقِي لهم، وهو فَعَلٌ بمَعْنَى فاعِل، مثلُ تَبَعٍ بمَعْنَى تابعٍ، يكونُ للوَاحِدِ والجَمْعِ⁣(⁣٤)، يُقَال رَجُلٌ فَرَطٌ، وفي الحَدِيثِ: «أَنْتُم لنا فَرَطٌ ونَحْنُ لكُمْ تَبَعٌ».

  وكانَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ إِذا صَلَّى على الصَّبِيِّ قال: «اللهُمَّ اجْعَلْه لنا سَلَفاً وفَرَطاً وأَجْراً» و في الحَدِيثِ: «فأَنَا فَرَطُكُم على الحَوْضِ».

  و فيه أَيْضاً: «من كانَ له فَرَطانِ مِنْ أُمَّتِي دَخَلَ الجَنَّةَ».

  و في حَدِيثِ ابْنُ عَبّاسٍ قال لعائشةَ، ¤: «تَقْدَمِينَ على فَرَطِ صِدْقٍ» يَعْنَي رَسُولَ الله وأَبَا بَكْرٍ ¥.

  والفَرَطُ أَيضاً: الماءُ المُتَقَدِّم لغَيْرِه من الأَمْوَاهِ، وهو مَجَازٌ.

  ومن المَجَازِ أَيضاً: الفَرَط: ما تَقَدَّمَك من أَجْرٍ وعَمَلٍ.

  وكذا ما لَمْ يُدْرِكْ من الوَلَدِ، أَي لَمْ يَبْلُغ الحُلُمَ، جَمعُه أَفْرَاطٌ. وقيل: الفَرَط يَكُونُ وَاحِداً وجَمْعاً.

  والفُرُطُ، بضَمَّتَيْن: الظُلْمُ والاعْتِداءُ، وبه فُسّر قولُه تعالَى {وَكانَ أَمْرُهُ} فُرُطاً⁣(⁣٥) وقيل: الأَمْرُ الفُرُطُ: المُجَاوَزُ فيهِ عن الحَدِّ⁣(⁣٦)، يُقَال كلُّ أَمْرِ فُلانٍ فُرُطٌ، أَي مُفْرَطٌ فيه مُجَاوَزٌ حَدُّه، كما في الأسَاسِ والصّحاحِ.


(١) عن اللسان والصحاح والتهذيب وبالأصل «تعاد».

(٢) في معجم البلدان «فرط» من رملتين.

(٣) عن ديوان الهذليين ٢/ ٤٣ وبالأصل «رببة» انظر قصة قتله خزانة الأدب ج ٣/ ١٧٤.

(٤) في القاموس: والجميع.

(٥) سورة الكهف الآية ٢٨.

(٦) في اللسان: وأمر فُرُط أي مجاوز فيه الحدّ.