فصل الفاء مع الطاء
  وقال النّابِغَةُ الذُّبْيانَيُّ:
  وَقَفْتُ بِهَا القَلُوصَ على اكتِئابٍ ... وذاكَ تَفَارُطُ الشَّوْقِ المُعَنِّي
  ويُرْوَى: «لِفَارِطِ».
  وتَفَارَطَ الشَّيْءُ: تَأَخَّرَ وَقْتُه فلم يَلْحَقْه مَنْ أَرَادَهُ، ومنه حَدِيثُ كَعْبِ بن مَالِكٍ الأَنْصَارِيِّ، ¥، في تَخَلُّفه عن غَزْوَةِ تَبُوك: «فلم يَزَلْ بي حَتَّى أَسْرَعُوا، وتَفَارَطَ الغَزْوُ».
  وقال بعضُ الأَعْرَابِ: هو لا يُفْتَرَطُ إِحْسَانُه وبَرُّه، أَي لا يُفْتَرَضُ، فلا يُخَافُ فَوْتُه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللِّسَانِ.
  والفَرْطَةُ: المَرَّةُ الوَاحِدَةُ من الخُرُوجِ.
  وبالضَّمِّ: الاسْمُ، وفِي الصّحاحِ: الفُرْطَةُ، بالضَّمِّ: اسمٌ للخُرُوجِ والتَّقَدُّمِ، والفَرْطَةُ، بالفَتْح: المَرَّةُ الوَاحِدَةُ، مثل غُرْفَةٍ وغَرْفَةٍ وحُسْوَةٍ وحَسْوَةٍ. ومنه قَوْلُ أُمِّ سَلَمَةَ لعائشَةَ، رَحِمَهُما الله تَعالى: «إِنَّ رَسُولَ الله ﷺ نَهَاكِ عن الفُرْطَةِ في البِلاد» انتهَى.
  قلتُ: وقال غيرُه(١): قالت أُمُّ سَلَمَة لعائشَةَ ®: «إِنَّ رَسُولَ الله ﷺ نَهَاكِ عن الفُرْطَةِ في الدِّين» يعني: السَّبْقَ والتَّقَدُّمَ ومُجاوَزَةَ الحَدِّ.
  وقال ابنُ عَبّادٍ: بَعِيرٌ، ورَجُلٌ فرَطِيٌّ، كجُهَنِيٍّ، وعَرَبِيٍّ: صَعْبٌ لم يُذَلَّل. إِلاّ أَنَّ نَصَّ المُحِيط: بالضَّمِّ وبالتَّحْرِيك.
  وقولُه تَعَالَى وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ.
  بفتْح الراءِ، أَي مَنْسِيُّون، كما قالَهُ مُجَاهِدٌ. وقِيلَ: مُضَيَّعُون مَتْرُوكُون. وقال الفَرّاءُ: مَنْسِيُّون في النّارِ، أَو الأَصْلُ فيه أَنَّهُمْ مُقَدَّمُونَ إِلى النّارِ مُعَجَّلُون إِليها، يقال: أَفْرَطَه: قَدَّمَه، نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ وقُرِئَ «مُفْرِطُونَ»، بكَسْر الرّاءِ، أَي مُجَاوِزُونَ لما حُدَّ لَهُمْ، وهي قراءَةُ قُتَيْبَةَ وأَبِي جَعْفَرٍ ونَافِعٍ، من أَفْرَطَ في الأَمْرِ، إِذا تَجَاوَزَ فيهِ عن الحَدّ والقَدْرِ. وقُرِئَ أَيضاً: «مُفَرِّطُونَ» بتَشْدِيدِ الرّاءِ المَكْسُورَةِ، أَي على أَنْفُسِهِم في الذُّنُوب.
  وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: يُقَال: فَارَطَهُ، وأَلْفَاهُ، وصَادَفَهُ، وفَالَطَه، ولَافَطَه، كُلُّه بمعنىً وَاحِدٍ. وفَارَطَه مُفَارَطَةً وفِرَاطاً: سَابَقَه.
  ويُقَالُ: تَكَلَّمَ فُلانٌ فِرَاطاً، ككِتَابٍ، أَي سَبَقَتْ منه كَلِمَةٌ، وهو مَصْدَرُ فَارَطَهُ وفِرَاطاً.
  وافْتَرَطَ فُلانٌ وَلَداً، أَي ماتَ وَلَدُه، ونَصُّ الصّحاحِ: يُقَال: افْتَرَطَ فُلانٌ فَرَطاً، إِذا ماتَ له وَلَد صَغِير قَبْلَ أَن يَبْلُغَ الحُلُمَ، أَي مَبْلَغَ الرِّجَالِ(٢).
  * ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:
  فَرَّطَه تَفْرِيطاً: قَدَّمَه، أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
  يُفَرِّطُهَا عَنْ كَبَّةِ الخَيْلِ مَصْدَقٌ ... كَرِيمٌ وشَدٌّ ليسَ فيهِ تَخَاذُلُ
  أَي يُقَدِّمها.
  وفَرَّطَه في الخُصُومةِ: جَرَّأَهُ، كأَفْرَطَه، عن ابْنِ دُرَيْدٍ.
  وفَرَطَ في حَوْضِهِ فَرْطاً، إِذا مَلأَهُ، أَو أَكْثَرَ من صَبِّ الماءِ فيهِ.
  والفَارِطُ: مُتَقَدِّمُ الوَارِدَةِ - كالفَرَطِ - والمُتَقَدِّمُ لحَفْرِ القَبْرِ، جَمْعُهُ: فُرَّاطٌ، ومنه قولُ أَبي ذُؤَيْب:
  وقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهُمْ فتَأَثَّلوا ... قَلِيباً سَفَاهَا كالإِماءِ القَوَاعِدِ
  كذا في شَرْحِ الدِّيوَانِ، وقد يُجْمَعُ الفَارِطُ على فَوَارِطَ، وهو نَادِرٌ، كفَارِسٍ وفَوَارِسَ، كما في العُبَابِ، وو أَنْشَدَ للأَفْوَهِ الأَوْدِيّ:
  كُنّا فَوَارِطَهَا الَّذِين إِذا دَعَا ... دَاعِي الصَّباحِ إِلَيْهم لا يُفْزَعُ
  قال شَيْخُنا: يُزَاد على نُظَرَائه الثَّلاثَة، انظر في «ف ر س».
  وفُرَّاطُ القَطَا: مُتَقَدِّمَاتُهَا إِلى الوَادِي والماء، نقلهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للرّاجِزِ، وهو نُقَادَةُ الأَسَدِيُّ:
(١) يعني بغيره أي غير الجوهري.
(٢) في التهذيب: وافترط فلانٌ فَرَطاً له أي أولاداً لم يبلغوا الحلم.