تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الباء مع العين

صفحة 23 - الجزء 11

  وِتَبَضَّعَ العَرَقُ، مِثْلُ تَبَصَّعَ أَي سالَ، وبالمُعْجَمَةِ أَصَحُّ ... وهُنَا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقَدْ صَحَّفَه اللَّيْثُ، وتَبِعَهُ ابنُ دُرَيْدٍ وابنُ بَرّيّ، كما تَقَدَّمَ. قال الجَوْهَرِيُّ: ويقالُ: جَبْهَتُهُ تَبَضَّعُ عَرَقاً، أَيْ تَسِيلُ، وأَنْشَدَ لِأَبِي ذُؤَيْبٍ:

  تَأْبَى بِدِرَّتِهَا إذا ما اسْتُكْرِهَتْ ... إلَّا الحَمِيمَ فإِنَّهُ يَتَبَضَّعُ

  قال الأَصْمَعِيُّ: وكانَ أَبُو ذُؤَيْبٍ لا يُجِيدُ وَصْفَ الخَيْل، وظَنَّ أَنَّ هذا مِمَّا تُوصَفُ بِهِ. انْتَهَى.

  قُلْتُ: وقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّ أَبِي سَعِيدٍ السُّكَّرِيّ عَلَيْهِ. ومَعْنَى يَتَبَضَّعُ: يَتَفَتَّحُ بالعَرَقِ ويَسِيلُ مُتَقَطِّعاً.

  وقال ابنُ بَرِّيّ: ووَقَعَ في نُسْخَةِ ابنِ القَطّاعِ «إذا ما اسْتُضْغِبَتْ» وفَسَّرَهُ بفُزَّعَتْ، لِأَنَّ الضَّاغِبَ هو الَّذِي يَخْتَبِئُ في الخَمَرِ، ليُفَزِّعَ بمِثْلِ صَوْتِ الأَسَد. والضُّغَابُ: صَوْتُ الأَرْنَبِ، وتَقَدَّمَ شَيْءُ من ذلِكَ في «ب ص ع» قَرِيباً، فَرَاجِعْهُ.

  وِانْبَضَعَ: انْقَطَعَ، هو مُطَاوعُ بَضَعْتُهُ بمَعْنَى قَطَعْتُهُ.

  وِابْتَضَعَ: تَبَيَّنَ، وهو مُطَاوعُ بَضَعَهُ بمَعْنَى بَيَّنَهُ، هكَذَا في التَّكْمِلَة.

  وفي اللِّسَانِ: بَضَعْتُه فانْبَضَع وبَضَعَ⁣(⁣١)، أَي بَيَّنْتَه فَتَبَيَّن.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  ويُجْمَع بَضْعَةُ اللَّحْمِ عَلَى بَضِيعٍ، وهو نَادِرٌ، ونَظِيرُه الرَّهِينُ جَمْع الرَّهْنِ، وَكلِيبٌ ومَعِيزٌ جَمْعُ كَلْبٍ ومَعْزٍ.

  وِالبَضِيعُ أَيْضاً: اللَّحْمُ كما في الصِّحاح. قالَ: يُقَالُ: دَابَّةٌ كَثِيرَةُ البَضِيعِ، وهُوَ ما انْمَازَ من لَحْمِ الفَخِذِ. الوَاحِدَةُ بَضِيعَةٌ.

  ويقَالُ: رَجلٌ خَاظِي البَضِيعِ، أَيْ سَمِينٌ.

  قال ابنُ بَرِّي: يُقَالُ: سَاعِدٌ خاظِي البَضِيع، أَي مُمْتَلِئُ اللَّحْمِ. قال الحَادِرَة:

  وِمُنَاخِ غَيْرِ تَبيئةٍ⁣(⁣٢) عَرَّسْتُهُ ... قَمِنٍ مِنَ الحَدَثانِ نَابِي المَضْجَعِ

  عَرَّسْتُهُ ووسَادُ رَأْسِيَ سَاعِدٌ ... خَاظِي البَضِيعِ عُرُوقُه لَمْ تَدْسَعِ

  أَي عُرُوقُ سَاعِدِهِ غَيْرُ مُمْتَلِئَةٍ مِنَ الدَّمِ، لِأَنَّ ذلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِلشُّيُوخِ.

  ويُقَالُ: إنّ فُلاناً لَشَدِيدُ البَضْعَةِ حَسَنُها، إذَا كان ذا جِسْمٍ وسِمَنٍ.

  وقولُهُ:

  وِلا عَضِلٍ جَثْلٍ كَأَنَّ بَضِيعَهُ ... يَرابِيعُ فَوْقَ المَنْكِبَيْنِ جُثُومُ

  يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ بَضْعَةٍ، وهو أَحْسَنُ، لِقَوْلِهِ: يَرَابِيع، ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّحْم.

  ويقال: سَمِعْتُ للسِّيَاطِ خَضَعَةً، وللسُّيُوفِ بَضَعَةً، بالتَّحْرِيكِ فِيهِمَا، أَيْ صَوْتَ وَقْعٍ، وصَوْتَ قَطْعٍ، كما فِي الأَساسِ.

  وِالمَبْضُوعَةُ: القَوْسُ. قَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:

  وِمَبْضُوعَةً مِنْ رَأْسِ فَرْعٍ شَظِيَّةً⁣(⁣٣)

  يَعْنِي قَوْساً بَضَعَها، أَيْ قَطَعَها.

  وِبَضَعْتُ من فُلان: إذا سَئِّمْتَ مِنْهُ، علَى التَّشْبِيهِ، كما في الصّحاح.

  وفي الأَساسِ: سَئِمْتَ مِنْ تَكْرِيرِ نُصحهِ فقطعتَه.

  وِالبُضْعُ «بالضَّمِّ»: مِلْكُ الوَلِيِّ العَقْدَ لِلْمَرْأَةِ. ويُقَالُ: البُضْع: الكُفْءُ، ومِنْهُ الحَدِيث: «هذا البُضْعُ لا يُقْرَع أَنْفُهُ» أَرادَ صاحِبَ البُضْعِ، يُريدُ: هذا الكُفءُ لا يُرَدُّ نَكَاحُهُ⁣(⁣٤)، ولا يُرْغَبُ عَنْهُ. وقَرْعُ الأَنْفِ عِبَارَةٌ عن الرَّدِّ.

  وقالَ ابنُ الأَثِيرِ: الاسْتِبْضاعُ: نَوْعٌ مِن نِكَاحِ الجاهِلَيَّةِ، وذلِكَ أَنْ تَطْلُبَ المَرْأَةُ جِمَاعَ الرَّجُلِ لِتَنالَ مِنْهُ الوَلَدَ فَقَط، كانَ الرَّجُلُ مِنْهُم يَقُولُ لِأَمَتِهِ أَو امْرَأَتِهِ: أَرْسِلِي إلى فُلانٍ فاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، ويَعْتَزِلُهَا فَلا يَمَسُّها، حَتَّى يَتَبَيَّن حَمْلُها من ذلِكَ الرَّجُلِ، وإنّمَا يَفْعَلُ ذلِكَ رَغْبَةً في نَجَابَةِ الوَلَدِ.


(١) العبارة في التهذيب، وهو قول الليث. أما عبارة اللسان: وبضع الكلام فانبضع بيّنه فتبيّن. وبضع من صاحبه ... الخ.

(٢) كذا بالأصل واللسان وبهامشه: كذا بالأصل هنا، وسيأتي في دسع تاءية ولعله نيئة بنون أوله أي أرض غير مرتفعة.

(٣) ديوان أوس ص ٢١ وعجزه:

بطود تراه بالسحاب مكلّلا

(٤) قال ابن الأثير: وأصله في الإبل أن الفحل الهجين إذا أراد أن يضرب كرائم الإبل قرعوا أنفه بعصا أو غيرها ليرتدّ عنها ويتركها.