تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[تبرع]:

صفحة 37 - الجزء 11

  تَبَاعاً، فِي الأَفْعَالِ. وتَبعَ الشَّيْءَ تُبُوعاً: سارَ في إِثْرِهِ.

  وِالتَّبِعَةُ، كَفَرِحَةٍ وكِتَابَةٍ: الشَّيْءُ الَّذِي لك فيه بُغْيَةٌ، شِبْهُ ظُلَامَةٍ ونَحْوِها، كما في العُبابِ والتَّهْذِيب. وفي اللّسَانِ: ما اتَّبَعْتَ به صاحِبَكَ من ظُلامَةٍ ونَحْوِهَا. يُقَالُ: ما عَلَيْه من الله في هذَا تَبِعَةٌ ولا تِبَاعَةٌ، ومِنْهُ الحَدِيثُ: «ما المالُ الَّذِي لَيْسَ فِيه تَبِعَةٌ مِنْ طالِبٍ ولا مِنْ ضَيْفٍ» يريد بالتَّبْعَةِ ما يَتْبَعُ المالَ مِنْ نَوَائبِ الحُقُوقِ، وهو من: تَبِعْتُ الرَّجُلَ بحَقِّي.

  وقالَ الشاعِرُ:

  أَكَلَتْ حَنِيفَةُ رَبَّهَا ... زَمَنَ التَّقَحُّمِ والمَجَاعَهْ

  لَمْ يَحْذَرُوا مِن رَبِّهِمْ ... سُوءَ العَوَاقِبِ والتِّبَاعَهْ

  وِالتَّبِعَاتُ والتِّباعَاتُ: ما فيه إِثْمٌ يُتْبَعُ به، قَالَ وَدّاكُ بنُ ثُمَيْلٍ:

  هِيمٌ إِلى الموت إِذا خُيِّروا ... بَيْنَ تِبَاعاتٍ وتَقْتَالِ

  وِالتَّبَعُ، مُحَرَّكَة: التَّابِعُ يَكُونُ وَاحِداً وجَمْعاً، ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: {إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً}⁣(⁣١) يَكُونُ اسْماً لجَمْعِ تابِعٍ، ويَكُونُ مَصْدَراً، أَي ذَوِي تَبَعٍ. وج: أَتْبَاعٌ* ووقالَ كُرَاع: جَمْعُ تابعٍ. ونَظِيرُهُ: خَادِمٌ وخَدَمٌ، وطَالِبٌ، وغَائِبٌ وغَيَبٌ، وسَالِفٌ وسَلَفٌ، ورَاصِدٌ، ورَصَدٌ، ورائِح ورَوَحٌ، وفَارِطٌ، وفَرَطٌ، وحَارِسٌ وحَرَسٌ، وعَاسِسٌ وعَسَسٌ، وقَافِلٌ من سَفره وقَفَلٌ، وخَائِلٌ، وَخَوَلٌ، وخَابِلٌ وخَبَلٌ، وهو الشَّيْطَانُ، وبَعِيرٌ هامِلٌ وهَمَلٌ، وهو الضّالُّ المُهْمَلُ، فكُلُّ هؤلاءِ جَمْعٌ. وقالَ سيبَوَيْه: إِنَّهَا أَسْمَاءٌ لِجَمْعٍ، وهو الصَّحِيحُ.

  وِالتَّبَعُ أَيْضاً: قَوَائمُ الدَّابَّةِ، وأَنْشَدَ سِيبَوَيه لأَبِي كاهِلٍ اليَشْكُرِيّ:

  يَسْحَبُ اللِّيْلُ نُجُوماً طُلَّعاً ... فتَوَالِيها بَطِيئاتُ التَّبَعْ

  ويُرْوَى: «ظُلَّعاً»: وقَالَ أَبو دُوَادٍ يَصِفُ الظَّبْيَةَ:

  وِقَوَائِمٌ تَبَعٌ لَهَا ... مِنْ خَلْفِهَا زَمَعٌ زَوَائِدْ

  وفي التَّهْذِيب عن اللَّيْث: التَّبَعُ: ما تَبِعَ أَثَرَ شَيْءٍ فهو تَبَعُهُ، وأَنْشَدَ لَهُ يَصِفُ ظَبْية:

  وِقَوَائمٌ تَبَعٌ لهَا ... من خَلْفِهَا زَمَعٌ مُعَلَّق

  قال الصّاغَانِي: الرِّوَايَة:

  وِقَوَائمٌ حُذُفٌ لها ... مِنْ فَوْقِها ....

  وخُذُفٌ، أَي تَخْذِفُ الحَصَى. وقَوْلُهُ يَصِفُ ظَبْيَةً غَلَطٌ، وإِنَّمَا يَصِفُ ثَوْراً.

  وِالتُّبُّعُ، بضَمَّتَيْن مُشَدَّدة الباءِ، وكَذلِكَ التُّبَّع، كسُكَّرٍ: الظِّلُّ، سُمِّيَ به لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ حَيْثُمَا زَالَتْ، وبهما رُوِيَ قَوْلُ سُعْدَى الجُهَنِيَّةِ تَرْثِي أَخاها أَسْعَدَ:

  يَرِدُ المِيَاهَ نَفِيضَةً وحَضِيرَةً⁣(⁣٢) ... وِرْدَ القَطَاةِ إِذا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ

  اسْمِئْلالُهُ: بُلُوغُهُ نِصْفَ النَّهَارِ وضُمُورُهُ. وقَال أَبُو لَيْلَى: لَيْسَ الظِّلُّ هُنَا ظِلَّ النَّهَار. إِنَّمَا هو ظِلُّ اللَّيْلِ. قالَ الله تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}⁣(⁣٣) والظِّلُّ هو اللَّيْلُ في كَلامِ العَرَب. أَرادَتْ أَنّ هذا الرَّجُلَ يَردُ المِيَاهَ بالأَسْحَارِ قَبْلَ كُلِّ أَحَدٍ، وأَنْشَدَ:

  قَدْ صَبَّحَتْ والظِّلُّ غَضٌّ مَا زَحَلْ ... وِاضِرُ الماءِ هُجُودٌ ومُصَلْ

  قالَ: والتُّبَّع: ظِلُّ النَّهَارِ، واشْتُقَّ هذا مِن ظِلِّ اللَّيْلِ.

  وِتَبَعَةٌ، مُحَرَّكَة، وتَقَدَّمَ أَنَّ أَبا عُبَيْدٍ البَكْرِيّ ضَبَطَهُ «بِفَتْحِ الباءِ المُوَحَّدَةِ وسُكُونِ التَّاءِ المُثَنّاةِ الفَوْقِيّة» ومِثْلُه في «مُعْجَمِ ياقُوتٍ» نَقْلاً عن الأَصْمَعِيِّ⁣(⁣٤)، وقَدْ صَحَّفَهُ الصّاغَانيّ وقَلَّدَهُ المُصَنِّفُ. قال الأَصْمَعِيُّ: هي هَضْبَةٌ بِجِلْذَانَ من أَرْضِ الطّائفِ، فيها نُقوبٌ، كُلُّ نَقْبٍ قَدْرُ


(١) سورة ابراهيم الآية ٢١.

(*) عبارة القاموس: ويجمع على أتباع.

(٢) البيت في الصحاح ونسبه لأبي ذؤيب، وفيه وفي التهذيب واللسان:

يرد المياه حضيرة ونفيضة

(٣) سورة الفرقان الآية ٤٥.

(٤) نص ياقوت على ضبطها بالتحريك.