تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء مع العين

صفحة 88 - الجزء 11

  الرَّسُولِ وعِظَمِ أَوْلِيَائِه وما يُخَادِعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ، أَي ما تَحُلُّ عاقِبَةُ الخِدَاعِ إِلّا بِهِم قَرَأَ ابنُ كثِيرِ ونَافِعٌ وأَبُو عَمْرو: «ومَا يُخَادِعُونَ»، بالألِفِ وقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ: يَخْدَعُونَ الله والَّذِينَ آمَنُوا ومَا يَخْدَعُونَ، جَمِيعاً بِغَيْرِ أَلِفٍ، عَلَى أَنَّ الفِعلَ فِيهِمَا جَمِيعاً من الخَادِع. وفي اللِّسَان: جَازَ يُفَاعِلُ لِغَيْرِ الاثْنَيْنِ، لأَنَّ هذَا المِثَالَ يَقَعُ كَثِيراً في اللُّغَةِ للْواحِدِ، نَحْو: عاقَبْتُ اللِّصَّ، وطارَقْتُ النَّعْلَ. وقالَ الفَارِسِيّ: والعَرَبُ تَقُولُ: خَادَعْتُ فُلاناً، إذا كُنْتَ تَرُومُ خَدْعَهُ، وعلَى هذا يُوَجَّهُ قَوْلُه تَعالَى: {يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ}⁣(⁣١) مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُقَدَّرُونَ في أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُم يُخَادِعُونَ الله، والله هُوَ الخَادِعُ لَهُمْ، أَي المُجَازِي لَهُمْ جَزَاءَ خِدَاعِهم. وقالَ الرَّاغِبُ في المُفْرَدَاتِ: وقَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ إِنَّ هذا على حَذْفِ المُضَافِ وإِقَامَةِ المُضَافِ إِلَيْهِ مُقَامَهُ، فَيجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ المَقْصُودَ بمِثْلِهِ في الحَذْفِ لا يَحْصُلُ لَوْ أُتِيَ بالمُضَافِ المَحْذُوفِ، ولِمَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّنْبِيه عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدِهِمَا: فَظَاعَةُ فِعْلِهِمْ فِيمَا تَجَرَّؤُوهُ مِنَ الخَدِيعَةِ، وأَنَّهُمْ بمُخَادَعَتِهِمْ إِيّاه يُخَادِعُونَ الله، والثانِي: التَّنبِيهُ علَى عِظَمِ المَقْصُودِ بالخِدَاعِ، وأَنَّ مُعَامَلَتَهُ كمُعَامَلَةِ الله. وقِرَاءَةُ مُوَرَّقٍ العِجْلِيّ وما يَخَدِّعُون إِلَّا أَنْفُسَهم، بفَتْحِ الياءِ والخاءِ وكَسْرِ الدَّالِ المُشَدَّدَةِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ عَلَى إِرادَةِ يَخْتَدِعُونَ، أُدْغِمَت التَّاءُ في الدَّال، ونُقِلَتْ فَتْحَتُها إِلىَ الخاءِ.

  وِخَادَعَ: تَرَكَ عَن الأَصْمَعِيّ، وأَنْشَد للرّاعِي:

  وِخادَعَ المَجْدَ أَقوَامٌ لَهُمْ وَرَقٌ ... رَاحَ العِضَاهُ بِهِ والعِرْقُ مَدْخُولُ⁣(⁣٢)

  وهكَذَا رَوَاه شَمِرٌ، وفَسَّرَهُ، ورَوَاهُ أَبُو عَمْرٍو: «خَادَعَ الحَمة»، وفسَّرهُ، أَيْ تَرَكُوا الحَمْدَ، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِن أَهْلِهِ.

  وِالخِدَاعُ، ككِتَابِ: المَنْعُ والحِيلَةُ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ عن ابنِ الأَعْرَابِيّ. والَّذِي في اللِّسَانِ عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ: الخَدْعُ: مَنْعُ الحَقِّ، والخَتْمُ: مَنْعُ القَلْبِ من الإِيمان.

  وِالتَّخَدُّع. تَكَلُّفُهُ، أَيْ الخِدَاع، قال رُؤْبة:

  فَقَدْ أَدَاهِي خِدْعَ مَنْ تَخدَّعا ... بالوَصْل أَو أَقْطَعُ ذَاك الأَقْطَعَا

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  خَدَّعه تَخْدِيعاً، وخَادَعَهُ، وتَخَدَّعه، واخْتَدَعَهُ: خَدَعَهُ، وهو خَدَّاعٌ وخَدِعُ، كشَدَّادٍ وكَتِفٍ، عَن اللَّحْيَانيّ، وكَذلِكَ خَيْدَعٌ، كحَيْدَرٍ. وخَدَعْتُه: ظَفِرْتُ به.

  وِتَخادَعَ القَوْمُ: خَدَعَ بَعْضُهُم بَعْضاً.

  وِانْخَدَعَ: أَرَى أَنَّه مَخْدُوعٌ ولَيْسَ به.

  وِالخُدْعَةُ بالضَّمِّ: ما تُخْدَعُ به.

  وماءُ خَادِعٌ: لا يُهْتَدَى له، وهو مَجَاز. وخَدَعْتُ الشَّيْءَ وأَخْدَعْتُه: كَتَمْتُه وأَخْفَيْته.

  وِالمَخْدَعُ، كمَقْعَدٍ: لُغَة في المُخدع، والمِخْدَعِ بالكَسْرِ والضَّمِّ، عَنِ أَبِي سُلَيْمَانَ الغَنَويّ، وقَدْ تَقَدَّمَ.

  وِالمُخْدَعُ أَيْضاً: ما تَحْتَ الجَائِز الَّذِي يُوضَعُ عَلَى العَرْشٍ، والعَرْشُ: الحائطُ يُبْنَى بَيْنَ حَائِطَيِ البَيْتِ، لا يَبْلُغُ به أَقْصَاه، ثُمَّ يُوضَع الجائِزُ من طَرَفِ العَرْشِ الدَّاخِلِ.

  إِلَى أَقْصَى البَيْتِ، ويُسْقَفُ به.

  وِانْخَدَعَ الضَّبُّ مِثْلُ خَدَعَ: اسْتَرْوَحَ فاسْتَتَرَ، لِئلاً يُحْتَرَشُ.

  وِخَدَعَ مِنّي فُلَانٌ، إذا تَوَارَى ولَمْ يَظْهَرْ.

  وِخَدَعَ الثَّعْلَبُ، إذا أَخَذَ في الرَّوَغانِ.

  وِخَدَعَ الشَّيْءُ خَدْعا: فَسَدَ، والخَادِعُ: الفَاسِدُ من الطَّعَامِ وغَيْرِه. ودِينَارِ خَادِع، أَي نَاقِصٌ. وفُلانٌ خادِعُ الرَّأْي: إذا⁣(⁣٣) كانَ لا يَثْبُتُ عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ. وهُوَ مَجَازٌ.

  وِخَدَعَتِ العَيْنُ خَدْعاً: لَمْ تَنَمْ. وما خَدَعَتْ بعَيْنِهِ خَدْعَةٌ، أَيْ نَعْسَةٌ تَخْدَعُ، أَي مَرَّتْ بِهَا، وهو مجاز. قال المُمَزَّق العَبْدِيّ.

  أَرِقْتُ ولَمْ تَخْدَعْ بِعَيْنَيَّ نَعْسَةٌ ... وِمَنْ يَلْقَ ما لاقَيْتُ لا بُدَّ يَأْرَقُ

  وِخَادَعْتُهُ: كَاسَدْتُهُ. وقال الفَرّاءُ: بنو أَسَدٍ يَقُولُون: إِنَّ السِّعْر لَمُخَادِعٌ، وقَدْ خَدَعَ: إذا ارْتَفَعَ وغَلَا.


(١) سورة النساء الآية ١٤٢.

(٢) ديوانه ص ١٩٤ وتخريجه فيه.

(٣) في اللسان: إذا كان متلونا لا يثبت ...