تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذيع]:

صفحة 132 - الجزء 11

  وِأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عنْ رُبُوعٍ

  أَيْ في قَوْمٍ بَعْدَ قَوْمٍ. وقال الأَصْمَعِيّ: يُرِيدُ في رَبْعٍ من أَهْلِي، أَىْ في مَسْكَنِهم.

  وقال أَبو مالِكٍ: الرَّبْعُ، مِثْلُ السَّكَنِ، وهُمَا أَهْلُ البَيْتِ، وأَنْشَد:

  فإِنْ يَكُ رَبْعُ مِنْ رِجالِي أَصابَهُمْ ... مِن الله والحَتْمِ المُطِلَّ شعُوبُ

  وقال شَمْرٌ: الرِّبْعُ: يَكُونُ المَنْزِلَ، ويَكُونُ أَهْلَ المَنْزِلِ.

  قالَ ابنُ بَرِّيّ: والرِّبْعُ أَيْضاً: العَدَدُ الكَثِيرُ.

  وِالرِّبْعُ: المَوْضِعُ يَرْتَبِعُونَ فيه في الرَّبِيعِ خاصَّةً، كالمَرْبَع كمَقْعَدٍ، وهو مَنْزِلُ القَوْمِ في الرَّبِيعِ خاصَّةً.

  تَقُولُ: هذِه مَرَابِعُنا ومَصَايِفُنَا، أَيْ حَيْثُ نَرْتَبعُ ونَصِيفُ، كما في الصحّاح.

  وِالرِّبْعُ: الرَّجُلُ المُتَوَسِّطُ القامَةِ بَيْنَ الطُّولِ والقِصَرِ، كالمَرْبُوعِ والرَّبْعَة، بالفَتْح ويُحَرَّكُ، والمِرْبَاعِ كمِحْرابِ، ما رَأَيْتُه في أُمِّهاتِ اللُّغَةِ إِلّا صاحِب المُحِيط، ذَكَرَ «حَبْلُ مِرْبَاعٌ بمَعْنَى مَرْبُوعٍ» فَأَخَذَه المُصَنِّفُ وعَمَّ به، والمُرْتَبِعِ مَبْنِيَّا للفاعِلِ وللمَفْعُولِ، وبِهِمَا رُوِيَ قَوْلُ العَجّاج:

  رَباعِياً مُرْتَبعاً أَو شَوْقَبَا

  وقد ارْتَبَعَ الرَّجُلُ، إِذا صَارَ مَرْبُوعَ الخِلْقَةِ. وفي الحَدِيثِ: كان النَّبِيُّ ÷ أَطْوَلَ من المَرْبُوعِ، وأَقْصَرَ مِنَ المُشَذَّبِ»⁣(⁣١) وفي حَدِيثِ أُمَّ مَعْبَدٍ ^: «كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآل وسلم رَبْعَةً، لا يَأْسَ مِنْ طُولٍ، ولا تَقْتَحِمُه عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ» أَيْ لَمْ يَكُنْ في حَدِّ الرَّبْعَة غَيْرَ مُتَجَاوِزٍ لَهُ، فجَعَلَ ذلِكَ القَدْرَ مِنْ تَجَاوُز حَدَّ الرَّبْعَة عَدَمَ يَأْسٍ مِنْ بَعْضِ الطُّولِ، وفي تَنْكِيرِ الطُّولِ دَلِيْلٌ على مَعْنَى البَعْضِيَّةِ، وهِيَ رَبْعَةٌ أَيضاً بالفَتح والتَّحْرِيكِ، كالمُذَكَّر وجَمْعُهُمَا⁣(⁣٢) جَمِيعاً رَبْعاتُ بسُكُونِ الباءِ، حكاهُ ثَعْلَبُ عَنِ ابن الأَعْرَابِيّ، ورَبَعَاتٌ، مُحَرَّكَةً، وهو شاذٌّ، لأَنَّ فَعْلَةً إِذا كانَتْ صِفَةً لا تُحَرَّكُ عَيْنُهَا في الجَمْع وإِنَّمَا تُحَرَّكُ إِذا كانَت اسْمًا، ولم تَكُنِ العَيْنِ، أَىْ مَوْضِعُ العَيْنِ وَاواً أَو يَاءَ، كما في العُبَاب والصّحاح.

  وفي اللِّسَآن: وإِنَّمَا حَرَّكوا رَبعَاتٍ، وإِنْ كانَ صِفَةً، لأَنَّ أَصْلَ رَبْعَة اسْمٌ مُؤَنَّثٌ وَقَعَ عَلَى المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ، فوُصِفَ به⁣(⁣٣).

  وقال الفَرّاءُ: إِنَّمَا حُرِّكَ رَبَعَاتٌ لِأَنه جاءَ نَعْتاً للْمُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ، فكأَنَّهُ اسْمُ نُعِتَ بِهِ.

  وقالَ الأَزْهَرِىّ: خُولِفَ به طَرِيقُ ضَمْخمَةٍ وضَخْماتٍ، لِاسْتِواءِ نَعْتِ الرَّجُلِ والمَرْأَةِ في قَوْلِهِ: رَجُلٌ رَبْعَةٌ وامْرَأَةٌ رَبْعَةٌ، فصارَ كالاسْمِ، والأَصلُ في باب فَعْلَة من الأَسْمَاءِ - مِثْلِ: تَمْرَةٍ وجَفْنَةٍ - أَنْ يُجْمَعَ على فَعَلاتٍ، مِثْل تَمَرَاتٍ وجَفَنَاتٍ، وما كانَ مِنَ النُّعُوتِ عَلَى فَعْلِهِ، مَثْلُ شاةٍ لَجْبَةٍ، وامْرَأَةٍ عَبْلَةٍ، أَنْ يُجْمَعَ على فَعْلاتٍ بسُكُونِ العَيْنِ، وإِنَّمَا جُمِعَ رِبْعَةٌ على رَبَعَاتٍ - وهُوَ نَعْتُ - لأَنَّهُ أَشْبَه الأَسْمَاءَ لاسْتِواءِ لَفْظِ المُذَكَّرِ والمُؤنَّثِ في وَاحِدِهِ. قالَ وقال الفَرَّاءُ: مِن العَرَبِ مَنْ يَقُولُ: امْرَأَةٌ رَبْعَةٌ، ونِسْوَهٌ رَبْعَاتُ، وكَذلِكَ رَجُلُ رَبْعَةُ ورِجَالُ رَبْعُون، فَيْجْعَلُه كسَائرِ النُّعُوتِ.

  وِقال ابن السِّكّيت: رَبَعَ الرَّجُلُ يَرْفَعُ، كمَنَعَ: وَقَفَ وانْتَظَرَ وتَحَبَّس، ولَيْسَ في نَصِّ ابنِ السِّكِّيت: انْتَظَرَ، على ما نَقَلَهُ الجَوْهَرِى والصّاغَانِيّ وصاحِبُ اللِّسَانِ ومِنْهُ قَوْلُهُمْ: ارْبَعْ عَلَيْكَ، أَو ارْبَعْ عَلَى نَفْسِكَ، او ارْبَعْ عَلَى ظُلْعِكَ، أَيْ ارْفُق بِنَفْسِكَ، وكُفَّ، كما في الصّحاح، وقِيلَ: مَعْنَاهُ انْتَظِرْ. قال الأَحْوَصُ:

  ما ضَرَّ جِيرانَنَا إِذا انْتَجَعُوا ... لَوْ أَنَّهُمْ قَبْلَ بَيْنِهِمْ رَبَعُوا

  وفي المُفَرداتِ: وقَوْلُهُم: ارْبَعَ عَلَى ظَلْعِكَ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الإِقَامَةِ، أَيْ أَقِمْ عَلَى ظَلْعِكَ، و [يجوز]⁣(⁣٤) أَنْ يَكُونَ مِنْ رَبَعَ الحَجَرَ. أَي تَنَاوَلْهُ عَلَى ظَلْعِك⁣(⁣٥) انتهى.


(١) المشذّب: الطويل البائن. والمعنى أنه لم يكن مفرط الطول، ولكن كان بين الربعة والمشذّب.

(٢) في القاموس: «جمعهما» بسقوط الواو قبلها.

(٣) في المحكم: فوصفا.

(٤) زيادة عن المفردات للراغِب.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية، «قوله: أي تناوله على ظلعك، عبارة، اللسان في مادة ظلع، وقيل: أصل قوله: أَربع على ظلعك من ربعت الحجر: إذا رفعته، أَي أرفعه بمقدار طاقتك. هذا أَصله، ثم صار المعنى: أرفق على نفسك فيما تحاوله ا هـ».