تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الراء مع العين

صفحة 133 - الجزء 11

  وفي حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّة «ارْبَعِي بِنَفْسِك» ويُرْوَى: عَلَى نَفْسِكَ. ولَهُ تَأوِيلانِ.

  أَحَدِهما: بمَعْنَى تَوَقَّفِي وانْتَظِري تَمَامَ عِدَّةِ الوَفَاةِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُول: عِدَّتُها أَبْعَدُ الأَجَلَيْنِ. وهُوَ مَذْهَبُ عَلِىُّ وابْنِ عَبَّاسٍ ¤.

  والثّانِي، أَنْ يَكُون مِن رَبَعَ الرَّجُلُ، إِذا أَخْصَبَ، والمَعْنَى: نَفَّسِي عَنْ نَفْسِكِ وأَخْرَجِيهَا عَنْ⁣(⁣١) بُؤْسِ العِدَّةِ وسُوءِ الحالِ، وهذا على مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ عِدَّتَهَا أَدْنَى الأَجَلَيْنِ، ولهذا قالَ عُمَرُ: إِذا وَلَدَتْ وزَوْجُهَا عَلَى سَرِيرِه - يَعْنِي لَمْ يُدْفَنْ - جازَ أَنْ تَتَزَوَّجَ.

  وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «فإِنَّهُ لا يَرْبَعُ عَلَى ظَلْعِكَ مَنْ لا يَحْزُنُهُ أَمْرُكَ» أَيْ لا يَحْتَبِسُ عَلَيْكِ ويَصْبِر إِلَّا مَنْ يُهِمُّهُ أَمْرُكَ.

  وفي المَثَلِ⁣(⁣٢): «حَدَّثْ حَدِيثَيْنِ امْرَأَةً، فإِنْ أَبَتْ فَارْبَعْ» أَيْ كُفَّ. ويُرْوَى بِقَطْعِ الهَمْزَةِ، ويُرْوَى أَيْضاً: «فأَرْبَعَة» أَي زِدْ، لأَنَّهَا أَضْعَفُ فَهْماً، فإِنْ لَمْ تَفْهَمْ فاجْعَلْها أَرْبَعَة، وأَرادَ بالحَدِيثَيْنِ حَدِيثاً وَاحِداً تَكَرَّرُهُ مَرَّتَيْنِ، فكَأَنَّكَ حَدَّثْتَها بِحَدِيثَيْنِ. قال أَبو سَعِيدٍ: فإِنْ لَمْ تَفْهَمْ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ فالمِرْبَعَة، يَعْنِي العَصَا. يُضْرَبُ فِي سُوءِ السَّمْع والإِجابَةِ⁣(⁣٣).

  وِرَبَعَ يَرْبَعُ رَبْعاً: رَفَعَ الحَجَرَ باليَدِ وشالَهُ: وقِيلَ: حَمَلَهُ امْتِحَاناً للْقُوَّةِ، قالَ الأَزْهَرِيّ: يُقَالُ ذلِكَ في الحَجَرِ خاصَّةً.

  ومِنْهُ الحَدِيثُ: «أَنَّهُ مَرَّ بقَوْمٍ يَرْبَعُونَ حَجَرَاً فقالَ: ما هذا؟ فقالُوا: هذا [حَجَرُ]⁣(⁣٤) الأشِدّاءِ. فقالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَشَدِّكُمْ؟ مَنْ مَلَكَ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ». وفي رِوَايَةٍ: «ثُمَّ قالَ: عُمّالُ اللهِ أَقْوَى مِنْ هؤلاءِ».

  وِرَبَعَ الحَبْلَ وكَذلِكَ الوَتَرَ: فَتَلَهُ مِنْ أَرْبَع قُوًى، أَي طَاقَاتٍ يُقَالُ: حَبْلٌ مَرْبُوعٌ ومِرْبَاعٌ، الأَخِيرَةُ عن ابْنِ عَبّادٍ.

  ووَتْرٌ مَرْبُوعٌ، ومِنْهُ قَوْلُ لَبيدٍ:

  رَابِطُ الجَأْشِ عَلَى فَرْجِهِمُ ... أَعْطِفُ الجَوْنَ بمَرْبُوعٍ مِتَلّ

  قِيلَ: أَيْ بِعِنانٍ شَدِيدٍ مِنْ أَرْبَعِ قُوًى، وقِيلَ: أَرادَ رُمْحاً، وسَيَأْتِي. وأَنْشَدَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي لَيْلَى:

  أَتْرَعَهَا تَبَوُّعاً وَمتَّا ... بالمَسَدِ المَرْبُوعِ حَتَّى ارْفَتّا

  التَّبَوُّعُ: مَدُّ الباعِ. وارْفَتَّ: انْقَطَعَ.

  وِرَبَعَتِ الإِبِلُ تَرْبَعُ رَبْعاً: وَرَدَت الرَّبْعَ، بالكَسْرِ، بِأَنْ حُبِسَتْ عَنِ الماءِ ثَلاثَةَ أَيّامٍ، أَوْ أَرْبَعَةً، أَو ثَلاثُ لَيال، وَوَرَدَتْ في اليَوْمِ الرّابعِ.

  وِالرَّبْعُ: ظِمْءٌ مِنْ أَظْمَاءِ الإِبِلِ، وقد اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ: هو أَنْ تُحْبَسَ عَنِ الماءِ أَرْبَعاً، ثُمَّ تَرِد الخامِسَ، وقِيلَ: هو أَنْ تَرِدَ الماءَ يَوْماً وتَدَعَهُ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ تَرِد اليَوْمَ الرّابِع، وقِيل: هو لِثَلاثِ لَيَالٍ وأَرْبَعَةِ أَيّامٍ. وقَدْ أَشَارَ إِلَى ذلِكَ المُصَنَّفُ في سِيَاقِ عِبَارَتِهِ مَعَ تَأَمُّلٍ فِيهِ.

  وِهِيَ إِبِلٌ رَوابِعُ، وكَذلِكَ إِلَى العِشْرِ. واسْتَعَارَهُ العَجّاج لِوِرْدِ القطَا، فقال:

  وِبَلْدَةٍ يُمْسِي قَطاها نُسَّسَا ... رَوابِعاً وقدْرَ رِبْعِ خُمَّسَا

  وِرَبَعَ فُلانٌ يَرْبَعُ رَبْعاً: أَخْصَبَ، مِن الرَّبِيعِ. وبه فَسَّرَ بَعْضٌ حَدِيثُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ، كما تَقَدَّمَ قَرِيباً.

  وِعَلَيْه الحُمَّى: جاءَتْهُ رِبْعاً، بالكَسْرِ، وقَدْ رُبِعَ، * كعُنِيَ، وأُرْبَعَ بالضَّمَّ، فهو مَرْبُوعٌ ومُرْبَعٌ⁣(⁣٥) وهى أَى الرَّبْعُ من الحُمَى أَنْ تَأْخُذَ يَوْماً وتَدَعَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ تَجِيءَ فِي اليَوْمِ الرّابعِ قالَ ابْنُ هَرْمَةَ:

  لَثِقاً تُجَفْجِفُهُ الصبا وكَأَنَّهُ ... شاكٍ تَنَكّرَ وِرْدُهُ مَرْبوعُ

  وِأَرْبَعَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى: لُغَةٌ في رَبَعَت، كَما أَنَّ أَرْبَعَ لُغَةٌ في رُبْعَ. قال أُسَامَةُ الهُذَليّ.


(١) في النهاية واللسان: «من بؤس».

(٢) في النهاية واللسان: وفي حديث شريح: حدّث امرأة حديثين.

(٣) وقيل: يضرب للبليد الذي لا يفهم ما يقال له، أي كرر القول عليها أربع مرات. النهاية.

(٤) زيادة عن المطبوعة الكويتية.

(٥) ما بين معقوفتين زيادة عن القاموس، وقد نبه الى هذا السقط بهامش المطبوعة المصرية.