تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الراء مع العين

صفحة 182 - الجزء 11

  ولكِنَّهَا الَّتِي كأَنَّ⁣(⁣١) بها فَزَعٌ من ذَكائِها، وخِفَّةِ رُوحِها.

  وِالأَرْوَعُ من الرِّجَالِ: مَنْ يُعْجِبُكَ بحُسْنِهِ وجَهَارَةِ مَنْظَرِه مع الكَرَمِ والفَضْلِ والسُّؤْدُدِ، أَوْ بِشَجَاعَتِه، وقِيلَ: هو الجَمِيلُ الَّذِي يَرُوعُك حُسْنُه، ويُعْجِبُك إِذا رَأَيْتَه، قال ذُو الرُّمَّةِ:

  إِذا الأَرْوَعُ المَشْبُوبُ أَضْحَى كَأَنَّه ... على الرَّحْلِ ممّا مَنَّه السَّيْرُ أَحْمَقُ

  وقِيلَ: هو الحَدِيدُ، ورَجُلٌ أَرْوَعُ: حَيُّ النَّفْسِ ذَكِيٌّ، كالرّائِعِ، ج: أَرْوَاعُ ورُوعٌ، بالضَمِّ. أَمّا الرُّوعُ فجمعُ أَرْوَع، يُقَال: رِجَالٌ رُوعٌ، ونِسْوَةٌ رُوعٌ⁣(⁣٢). وأَمّا الأَرْوَاعُ فجَمْعُ رَائعٍ، كشَاهِدٍ وأَشْهَادٍ، وصَاحِبٍ وأَصْحَابٍ، ومنه حديث وائلِ بنِ حُجْرٍ: «إلى الأَقْيَالِ العَبَاهِلَةِ الأَرْوَاعِ المَشَابِيبِ» وهم الحِسَانُ الوُجُوهِ، الَّذِين يَرُوعُونَ بجَهَارَةِ المَنَاظِرِ، وحُسْنِ الشّاراتِ. وقِيلَ: هُم الَّذِينَ يَرُوعُونَ النّاسَ، أَي يُفْزِعُونَهُم بمَنْظَرِهم؛ هَيْبَةً لهم، والأَوَّلُ أَوْجَه.

  وِالاسْمُ: الرَّوَعُ، محرَّكةً، يُقَالُ: هو أَرْوَعُ بَيِّنُ الرَّوَعِ، وهي رَوْعاءُ بَيِّنَةُ الرَّوَعِ، والفِعْلُ من كُلِّ ذلِك وَاحِدٌ، فالمُتَعَدِّي كالمُتَعَدِّي، وغَيْرُ المُتَعَدِّي كَغَيْرِ المُتَعَدِّي. قالَ الأَزْهَريُّ: والقِيَاسُ في اشْتِقَاقِ الفِعْل منه رَوِعَ يَرْوَعُ رَوَعاً.

  وِقال شَمِرٌ: رَوَّعَ خُبْزَهُ بالسَّمْنِ تَرْوِيعاً ورَوَّغَه، إِذا رَوّاهُ به.

  وقالَ ابنُ عَبّادٍ: أَرْوَعَ⁣(⁣٣) الرّاعِي بالغَنَمِ، إِذا لَعْلَعَ بها، قال: وهوَ زَجْرٌ لها.

  وِالمُرَوَّع، كمُعَظَّمٍ: مَنْ يُلْقَي في صَدْرِه صِدْقُ فِرَاسَةٍ، أَو مَنْ يُلْهَمُ الصَّوابَ، وبهما فُسِّرَ الحَدِيثُ المَرْفُوع: «إِنَّ في كُلِّ أُمَّةٍ مُحَدِّثِينَ ومُرَوَّعِينَ، فإِنْ يَكُنْ في هذه الأُمَّةِ أَحَدٌ فإِنَّ عُمَرَ مِنْهُم!⁣(⁣٤)» وكذلك المُحَدَّثُ، كأَنَّه حُدِّثَ بالحَقِّ الغَائِب، فنَطَقَ به.

  وِتَرَوَّعَ الرَّجُل: تَفَزَّعَ، وهذا قد تَقَدَّمَ له في أَوَّلِ المادَةِ، وأَنْشَدْنا هُنَاك شاهِدَه من قَوْلِ رُؤْبَةَ، فهو تَكْرَارٌ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

  الرُّوَاعُ، بالضَّمِّ: الفَزَعُ، رَاعَنِي الأَمْرُ رُوَاعاً، بالضَّمِّ، ورُوُوعاً، ورُؤُوعاً، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ. كذلِكَ حَكَاهُ بغَيْرِ هَمُزٍ، وإِنْ شِئْتَ هَمَزْتُ، وكذلِك رَوّعَهُ، إِذا أَفْزَعَه بكَثْرَتِه أَو جَمَالِه.

  ورَجُلٌ رَوِعٌ، ورَائعٌ: مُتَرَوِّعٌ، كِلاهُما على النَّسَبِ، صَحَّت الواوُ في رَوِعَ؛ لأَنَّهم شَبَّهُوا حَرَكَةَ العَيْنِ التّابِعَةِ لها بحَرْفِ اللِّينِ التّابع لها، فكأَنَّ فَعِلاً فَعِيلٌ، وقد يَكُونُ رَائِعٌ فَاعِلاً في مَعْنَى، مَفْعُول، كقَوْلِهِ:

  ذَكَرْتُ حَبِيباً فَاقِداً تَحْتَ مَرْمَسِ

  وقَوْلُ الشّاعِر:

  شُذَّانُهَا رَائِعَةُ من هَدْرِهِ

  أَي: مُرْتاعَةٌ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: وقالُوا: رَاعَهُ أَمرُ كذا، أَي بَلَغَ الرَّوْعُ رُوعَهُ.

  وِالرّائِعُ من الجَمَالِ: الّذِي يُعْجِبُ رُوعَ مَنْ رَآه، فيَسُرُّه.

  وكَلامٌ رائعٌ، أَي فائقٌ، وهو مَجَازٌ.

  وزِينَةٌ رائعةٌ، أَي حَسَنَةٌ.

  وفَرَسٌ رَوْعَاءُ، ورائعةٌ: تَرُوعُكَ بعِتْقِها وخِفَّتِهَا⁣(⁣٥)، قال:

  رائِعَةٌ تَحْمِلُ شَيْخاً رَائِعَا ... مُجَرَّباً قدْ شَهِدَ الوَقائِعا

  ونِسْوَةٌ رَوَائِع، ورُوعٌ.

  وقلبٌ أَرْوَعُ ورُوَاعٌ: يَرْتاع لِحِدَّته - من كلِّ ما سَمِعَ أَو رأَى. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: فَرَسٌ أَرْوَعُ، كرَجُلٍ أَرْوَعَ.

  وشَهِدَ الرَّوْعَ⁣(⁣٦)، أَي الحَرْبَ. وهو مَجاز. وثَاب إِلَيْه رُوعُه، بالضّمّ، أَي ذَهَب إِلى شَيْءٍ، ثم عاد إِلَيْه.

  ويقال: ما رَاعَنِي إِلَّا مَجِيئُك، معناه: ما شَعَرْتُ إِلّا بمَجِيئِكَ، كأَنَّهُ قال: ما أَصابَ رُوعِي إِلّا ذلِكَ، وهو مَجازٌ، وفي حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسِ: «فلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ⁣(⁣٧) بمَنْكِبِي» أَي لم أَشْعُر، كأَنَّهُ فاجَأَه بَغْتَةً من غَيْرِ مَوْعِدٍ


(١) عن اللسان وبالأصل «كان».

(٢) في اللسان: وروعاء بيّنة الروّع من نسوةٍ روائعَ ورُوعٍ.

(٣) في القاموس: أَرْوِعْ بالغنم: لَعْلِعْ بها بصيغة الأمر، وقد تصرف الشارح بعبارة القاموس بادخال لفظة «الراعي».

(٤) في النهاية واللسان: فان يكن في هذه الأمة منهم أحد فهو عمر.

(٥) في اللسان: وصفتها.

(٦) عن الأساس وبالأصل «الرواع».

(٧) في اللسان: «أخذ» والمثبت عن النهاية.