تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين مع العين

صفحة 223 - الجزء 11

  وِيُقَال: مَا فَعَله رِيَاءً ولا سَمْعَةً بالفَتْحِ، ويُضَمُّ، ويُحَرَّكُ، وهي ما نُوِّهَ بذِكْرِهِ، لِيُرَى ويُسْمَع، ومنه حَدِيثُ عُمَرَ ¥: «من النّاسِ مَنْ يُقَاتِلُ رِيَاءً وسُمْعَةً، ومنهُم من يُقَاتِلُ وهو يَنْوِي الدُّنْيَا، ومِنْهُم من أَلْجَمَهُ القِتَالُ فلم يَجِدْ بُدًّا، ومِنْهُم مَنْ يُقَاتِلُ صابِراً مُحْتَسِباً أُولَئِكَ هُمُ الشُّهَدَاءُ» والسُّمْعَةُ: بمَعْنَى التَّسْمِيعِ، كالسُّخْرَةِ بمَعْنَى التَّسْخِيرِ.

  وِرَجُلٌ سِمْعٌ، بالكَسْرِ: يُسْمَعُ، أَو يُقَالُ: هذا امْرُؤٌ ذُو سِمْعٍ، بالكسْرِ، وذُو سَمَاعٍ إِمّا حَسَنٌ وإِمّا قَبِيحٌ، قالَهُ اللِّحْيَانِيُّ.

  وِفي الدُّعَاءِ: اللهُمَّ سِمْعاً لا بِلْغاً، ويُفْتَحَانِ، وكذا سِمْعٌ لا بِلْغٌ، بكسرِهِمَا، ويُفْتَحَانِ، ففيه أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، ذَكَر أَحَدَها الجَوْهَرِيُّ، وهو «سِمْعاً لا بِلْغاً» بالكَسْرِ مَنْصُوباً، أَي يُسْمَعُ ولا يَبْلُغ، أَو يُسْمَعُ ولا يُحْتَاجُ إِلى أَنْ يُبَلَّغَ، أَو يُسْمَعُ به ولا يَتِمُّ الأَخِيرُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، أَو هو كلامٌ يَقُولُه من يَسْمَعُ خَبَراً لا يُعْجِبُه قاله الكِسَائِيُّ، أَي أَسْمَعُ بالدَّوَاهِي ولا تَبْلُغُنِي.

  وِالمِسْمَعُ، كمِنْبَر: الأُذُنُ، وقِيلَ: خَرْقُهَا، وبها⁣(⁣١) شُبِّه حَلْقَةُ مِسْمَعِ الغَرْب، كما في المُفْرَدَاتِ، يُقَال: فُلانٌ عَظِيمُ المِسْمَعَيْنِ، أَي عظيمُ الأُذُنَيْن، وقيل للأُذُن: مِسْمَعٌ؛ لأَنَّهَا آلَةٌ للسَّمْعِ كالسّامِعَةِ، قالَ طَرَفَةُ يَصِفُ أُذُنَيْ نَاقَتِه:

  مُؤَلَّلَتانِ⁣(⁣٢) تَعرِفُ العِتْقَ فِيهِما ... كسَامِعَتَيْ شَاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ

  كما في الصّحاحِ، ج: مَسَامِعُ، ورُوِيَ أَنَّ أَبا جَهْلٍ قال: «إِنَّ مُحَمَّداً قد نَزَلَ يَثْرِبَ، وإِنَّهُ حَنِقٌ عليكم؛ نَفَيْتُموه نَفْيَ القُرَادِ عن المَسَامِع» أَي أَخْرَجْتُمُوه إِخْرَاجَ اسْتِئْصالٍ؛ لأَنَّ أَخْذَ القُرَاد عن الدّابَّةِ هو قَلْعُهُ بكُلِّيَّتِهِ، والأُذُن أَخَفُّ الأَعْضَاءِ شَعَراً، بل أَكْثَرُهَا لا شَعرَ عليهِ، فيكونُ النَّزْعُ مِنْهَا أَبْلَغَ. قال الصّاغَانِيُّ: ويَجُوزُ أَن يَكُونَ المَسَامِعُ جَمْعَ سَمْعٍ على غَيْرِ قِيَاسٍ، كمَشَابِهَ ومَلَامِحَ، في جَمْعَي: شِبْه ولَمْح.

  وِمن المَجَاز: المِسْمَعُ: عُرْوَةٌ تكونُ في وَسَطِ الغَرْبِ يُجْعَلُ فِيها حَبْلٌ؛ لِتَعْتَدِلَ الدَّلْوُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للشَّاعِرِ، وهُوَ أَوْسٌ، وقيلَ: عبدُ الله بنُ أَبِي أَوْفَى⁣(⁣٣):

  نُعَدِّلُ⁣(⁣٤) ذا المَيْلِ إِنْ رَامَنَا ... كمَا عُدِّلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ

  وقِيلَ: المِسْمَعُ: مَوْضِع العُرْوَةِ من المَزَادَةِ، وقيل: هو ما جَاوَزَ خُرْتَ العُرْوَة.

  وِقال ابنُ دُرَيْدٍ: المِسْمَعُ: أَبو قَبِيلَةٍ من العَرَبِ وهُمُ المَسَامِعَةُ، كما يُقَال: المَهَالِبَةُ، والقَحَاطِبَةُ.

  وقال اللِّحْيَانِيُّ: هم من بَنِي تَيْمِ الّلاتِ.

  وِقال الأَحْمَرُ: المِسْمَعَانِ: الخَشَبَتانِ اللَّتَانِ تُدْخَلانِ في عُرْوَتِي الزَّبِيلِ⁣(⁣٥) إِذا أُخْرِجَ به التُّرَابُ من البِئرِ، وهو مَجازٌ.

  وِالمَسْمَعُ، كمَقْعَدٍ: المَوْضِعُ الّذِي يُسْمَعُ منه، نَقَلَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، قال: وهو من قَوْلِهم: هو مِنِّي بمَرْأَى ومَسْمَعٍ، أَي بِحَيْثُ أَراهُ وأَسْمَعُ كَلامَهُ، وكذلِكَ هو مِنِّي مَرْأًى ومَسْمَعٌ، يُرْفَع ويُنْصَبُ، وقد يُخَفِّفُ الهَمْزةَ الشاعِرُ، قال الحَادِرَةُ:

  مُحْمَرَّةِ عَقِبَ الصَّبُوحِ عُيُونُهُمْ ... بِمَرًى هُنَاكَ من الحَيَاةِ ومَسْمَعِ

  وِيُقَال: هُوَ خَرَج بَيْنَ سَمْعِ الأَرْضِ وَبَصَرِهَا، قال أَبو زَيْدٍ: إِذا لَمْ يُدْرَ أَيْنَ تَوَجَّهَ، أَو مَعْنَاهُ: بينَ سَمْعِ أَهْلِ الأَرْضِ وأَبْصَارِهم، فحُذِفَ المُضَافُ، كقوله تَعَالَى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣(⁣٦) أَي أَهْلَها، نَقَلَه أَبو عُبَيْد أَو معنى لَقِيتُه بَيْنَ سَمْعِ الأَرْضِ وبَصَرِهَا، أَي بأَرْضٍ خَالِيَةٍ⁣(⁣٧) ما بَها أَحَدٌ، نقله ابنُ السِّكِّيتِ قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهو صَحِيحٌ يَقْرُبُ من قولِ أَبِي عُبَيْدٍ. أَي لا يَسْمَعُ كَلامَه أَحَدٌ، ولا يُبْصِرُه أَحَدٌ، هو مَأْخُوذٌ من كَلامِ أَبي عُبَيْدٍ في تَفْسِيرِ حَدِيثِ قَيْلَةَ بنتِ مَخْرَمَةَ، ^ قَالَت: «الوَيْلُ لأُخْتِي لا تُخْبِرْها بكذا، فتَتَّبعَ⁣(⁣٨) أَخَا بَكْرِ بن وائلٍ بَيْنَ سَمْع الأَرْضِ وَبَصَرهَا» قال: معناه أَنَّ الرَّجُلَ يَخْلُو بها ليسَ مَعَها أَحَدٌ


(١) في مفردات الراغب: وبه.

(٢) ويروى: «وسامعتان» والمثبت رواية المعلقة.

(٣) في اللسان: عبد الله بن أوفى.

(٤) في التهذيب: ونَعدِلُ.

(٥) في القاموس: «الزنبيل».

(٦) سورة يوسف الآية ٨٢.

(٧) في التهذيب: بأرض خلاء.

(٨) في التهذيب: «فتخرج بين سمع الأرض وبصرها» والأصل كاللسان والنهاية.