تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين مع العين

صفحة 226 - الجزء 11

  تَرَاهُ حَدِيدَ الطَّرْفِ أَبْلَجَ وَاضِحاً ... أَغَرَّ طَوِيلَ البَاعِ أَسْمَعَ من سِمْعِ

  يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لا يَعْرِفُ العِلَلَ والأَسْقَامَ، ولا يَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِه كالحَيَّةِ، بل يَمُوتُ بعَرَضٍ من الأَعْرَاضِ يَعْرِضُ له، وليسَ في الحَيَوَانِ شَيْءٌ عَدْوُه كعَدْوِ السِّمْعِ؛ لأَنَّه في عَدْوِهِ أَسْرَعُ⁣(⁣١) من الطَّيْرِ، ويُقَال: وَثْبَتُه تَزِيدُ على عِشْرِينَ، وثَلاثِينَ ذِرَاعاً.

  وِسِمْعٌ بلا لامٍ: جَبَلٌ.

  وِيُقَالُ: فَعَلْتُهُ تَسْمِعَتَكَ وتَسْمِعَةً لَكَ، أَي لِتَسْمَعَه، قاله أَبو زَيْد.

  وِالسَّمَاعُ، كسَحَابٍ: بَطْنٌ من العَرَبِ، عن ابْنِ دُرَيْدٍ.

  وِقَوْلُهُم: سَمَاعِ، كقَطامِ، أَي اسْمَعْ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وهو مِثْلُ دَرَاكِ، وَمَنَاعِ، أَي أَدْرِكْ وامْنَعْ، قال ابنُ بَرِّيٍّ: وشاهِدُه:

  فسَمَاعِ أَسْتَاهَ الكِلابِ سَمَاعِ

  وِالسُّمَيْعِيَّةُ، كزُبَيْرِيَّةٍ: ة، قُرْبَ مَكَّةَ شَرَّفها الله تَعَالَى.

  وِأَسْمَعَه: شَتَمَهُ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ والجَوْهَرِيُّ. قال الرّاغِبُ: وهو مُتَعَارَفٌ في السَبِّ.

  وِمن المَجَازِ: أَسْمَعَ الدَّلْوَ، أَي جَعَل لها مِسْمَعاً، وكذا أَسْمَعَ الزَّبِيلَ⁣(⁣٢)، إِذا جَعَلَ لَه مِسْمَعَيْنِ يُدْخَلانِ في عُرْوَتَيْهِ إِذا أُخْرِجَ به التُّرَابُ من البِئْرِ، كما تَقَدَّمَ.

  وِالمُسْمِعُ، كمُحْسِنٍ، من أَسْمَاءِ القَيْد، قاله أَبو عَمْرٍو، وأَنْشَدَ:

  وِلِي مُسْمِعَانِ وزَمَّارَةٌ ... وِظِلٌّ ظَلِيلٌ وحِصْنٌ أَنِيقْ⁣(⁣٣)

  وقد تَقَدَّم في «ز م ر».

  وِالمُسْمِعَةُ بهَاءٍ: المُغَنِّيَةُ، وقد أَسْمَعَت، قال طَرَفَةُ يصفُ قَيْنَةً:

  إِذا نَحْنُ قُلْنَا: أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لَنَا ... عَلَى رِسْلِهَا مَطْرُوفَةً لم تَشَدَّدِ

  وِالتَّسْمِيعُ: التَّشْنِيعُ والتَّشْهِيرُ، ومنه الحَدِيثُ: «سَمَّعَ الله به أَسامِعَ خَلْقِه» وقد تقدَّم في أَوْلِ المادَّةِ.

  وِالتَّسْمِيعُ أَيضاً: إِزالَةُ الخُمُولِ بنَشْرِ الذِكْرِ، يُقَال: سَمَّعَ بِه، إِذا رَفَعَه من الخُمُول، وَنَشَر ذِكْرَه، نَقَله الجَوْهَرِيُّ.

  وِالتَّسْمِيعُ: الإِسْمَاعُ، يُقَال: سَمَّعَهُ الحَدِيثَ، وأَسْمَعَهُ، بمعنًى، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.

  وِالمُسَمَّعُ، كمُعَظَّمٍ: المُقَيَّدُ المُسَوْجَرُ، وكَتَب الحَجّاجُ إِلى عامِلٍ له أَنْ «أَبْعَثْ إِليَّ فُلاناً مُسَمَّعاً مُزَمَّراً» أَي: مُقَيَّداً مُسَوْجَراً، فالصَّوَابُ أَنَّ المُسَوْجَرَ تفسيرُ المُزَمَّر، وأَمّا المُسَمَّعُ فهو المُقَيَّدُ فقط، وقد تَقَدَّم في «س ج ر».

  وِاسْتَمَعَ له، وإِلَيْهِ: أَصْغَى، قال أَبُو دُوَادٍ يَصف ثَوْراً:

  وِيَصِيحُ تَاراتٍ كَما اسْ ... تَمَعَ المُضِلُّ لِصَوْتِ ناشِدْ

  وشاهِدُ الثّانِي قولُه تَعالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}⁣(⁣٤).

  وِيُقَال: تسامَعَ به النّاسُ. نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، أَي اشْتَهَرَ عِنْدَهُم.

  وِقولُه تَعالَى: {وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} أَي غَيْرَ مَقْبُولٍ ما تَقُولُ قاله مُجَاهِدٌ، أَو معناه اسْمَعْ لا أُسْمِعْتَ، قاله ابنُ عَرَفَةَ، وكذلِكَ قولُهُم: قُمْ غَيْرَ صاغِرٍ، أَي لا أَصْغَرَكَ الله، وفي الصِّحَاحِ قال الأَخْفَشُ: أَي لا سَمِعْتَ، وقال الأَزهريّ والرّاغِبُ: رُوِي أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ كانُوا يَقُولُونَ ذلِكَ للنَّبِيِّ ÷، يُوهِمُونَ أَنَّهم يُعَظِّمُونَهُ ويَدْعُونَ له، وهم يَدْعُونَ عليهِ بذلِكَ⁣(⁣٥).

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

  رجلٌ سَمّاعٌ، كشَدّادٍ، إِذا كانَ كَثِيرَ الاسْتِماعِ لما يُقَالُ ويُنْطَقُ به، وهو أَيضاً: الجَاسُوسُ.


(١) في حياة الحيوان للدميري: أسرع عدواً من الريح.

(٢) في القاموس: الزِّنْبيل.

(٣) اللسان وروايته فيه:

وِمسمعتان وزمارة ... وِظل مديد وحصن أنيق

وفي التهذيب: وحصن أمق. وهي رواية اللسان في مادة «مقق».

(٤) سورة يونس الآية ٤٢.

(٥) أحد وجهين قيلا في الآية كما نقله الراغب في المفردات فيه دعاء على الانسان بالصمم، والوجه الثاني دعاء له.