تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع العين

صفحة 258 - الجزء 11

  فَشَاعَهُمُ حَمْدٌ وزَانتْ قُبُورَهُمْ ... أَسِرَّةُ رَيْحَانٍ بقَاعٍ مُنَوِّرِ

  أَو شاعَكُم: مَلأَكُمُ السَّلامُ يَشَاعُكُم شيْعاً، وهذَا نَقَلَه يُونُسُ. ويُقَال: شاعَكُمُ الله بالسلامِ، كما فِي الأَسَاسِ.

  والمَعْنَى وَاحِدٌ، ويُقَال: أَشاعَكُمُ السّلامُ وأَشاعَكُمْ به: أَتْبَعَكُم، أَي عَمَّكُم وجَعَلَه صاحِباً لَكُم وتَابِعاً. وقال ثَعْلَبٌ: مَعْنَى أَشاعَكُم السلامَ: أَصْحَبَكُم إِيّاهُ، وليس ذلِك بقَوِيٍّ.

  وِالشّاعُ: بَوْلُ الجَمَلِ الهائجِ فهو يُقَطِّعُه إِذا هاجَ، نَقَلَه الأَصْمَعِيُّ، وأَنْشدَ:

  وِلَقَدْ رَمَى بالشّاعِ عنْدَ مُناخِهِ ... وِرَغَا وهَدَّرَ أَيَّمَا تَهْدِيرِ

  أَو المُنْتَشِرُ من بَوْلِ الناقَةِ إِذا ضَرَبَهَا الفَحْلُ شَاعٌ أَيْضاً، نَقَله الأَصْمَعِيُّ كذلِك، وأَنْشَدَ:

  يُقطِّعْنَ لِلْإِبْساسِ شَاعاً كأَنَّه ... جَدَايَا على الأَنْسَاءِ منها بَصَائرُ⁣(⁣١)

  وِقد أَشاعَتْ به إِشاعَةً، إِذا رَمَتْه رَمْياً، وأَرْسَلَتْه مُتفَرِّقاً وقطَّعَتْهُ، مثلُ أَوْزغتْ ببَوْلِها، وأَزْغَلَتْ، ولا يَكُون ذلِكَ إلّا إِذَا ضَرَبَهَا الفَحْلُ، ولا تَكُونُ الإِشاعَةُ إِلّا في الإِبِلِ.

  وِالشَّاعَةُ: الزَّوْجَةُ؛ لمُشايَعَتِهَا الزَّوْجَ ومتابَعَتِها، قالَهُ شَمِرٌ، ومنه الحَدِيثُ: أَنّه قَالَ لعَكّافِ بنِ وَدَاعَةَ الهِلالِيِّ ¥: «أَلَكَ شاعَةٌ» كما في العُبَابِ.

  قلتُ: وَوَرَدَ أَيْضاً أَنَّ سَيْفَ بنَ ذِي يَزَن قالَ لعَبْدِ المُطَّلِب: «هَلْ لَكَ مِنْ شاعَةٍ؟» أَي زَوْجَةٍ.

  وِالشّاعَةُ: الأَخْبَارُ المُنْتَشِرَةُ، عن ابْنِ الأَعْرَابيِّ.

  وِالشِّيَاع، ككِتابِ، هكذَا في نُسَخ الصّحاح، ووُجِدَ بخَطِّ أَبِي زَكَرِيَّا: المِشْيَاعُ، كمِحْرَاب: دِقُّ الحَطَبِ تُشَيَّعُ به النّارُ، أَي تُوقَدُ، وقد يُفْتَحُ، والكَسْرُ أَفْصَح، كما يُقَال: شِبَابٌ للنَّار، وجِلَاءٌ للْعَيْنِ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَريُّ، وهو مَجَاز.

  وِفي حَدِيثِ عليٍّ ¥: «أُمِرْنَا بكَسْرِ الكُوبَةِ والكِنّارَةِ والشِّيَاع» قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشِّيَاع: مِزْمَارُ الرّاعِي، ومِنْهُ قولُ مَرْيَمَ &: «اللهُمَّ سُقْهُ بلا شِيَاعٍ» تعْنِي الجَرَادَ، أَي بلا زَمَّارَةِ راعٍ. وفي الأَساسِ: هو مِنْفاخُ الرّاعِي، سُمِّيَ به لأَنَّه يَصِيحُ بِهَا على الإِبِل فتَجْتَمِعُ.

  أَو الشِّيَاعُ: صَوْتُه، وهذَا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:

  حَنِينَ النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ

  وهو قولُ قَيْسِ بنِ ذَرِيح، وصَدْرُه:

  إِذا ما تُذْكَرِينَ يَحِنُّ قَلْبِي

  وروَى أَبو مُحَمَّدٍ الباهِلِيُّ: «حَنِينَ العَوْدِ».

  وِالشِّيَاعُ: الدُّعاةُ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، وهي جَمْعُ دَاعٍ، ووَقَعَ في التَّكْمِلَةِ: الشِّيَاعُ: الدُّعَاءُ.

  وِقال أَبُو سَعِيدٍ: يُقَال: هُمْ شُيَعَاءُ فيها، كفُقَهَاءَ، أَي كُلُّ وَاحِدٍ منهم شَيِّعٌ لصاحِبِهِ، كَكَيِّسٍ، وكذا هذِه الدّارُ شَيِّعَةٌ بَيْنَهُم، أَي مُشَاعَةٌ.

  وِالمَشِيعُ، كمَكِيلٍ: الحَقُودُ المَمْلُوءُ لُؤْماً، قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: سَمِعْتُ أَبا المَكَارِمِ يَذُمُّ رَجُلاً يَقُولُ: هُوَ خَبٌّ⁣(⁣٢) مَشِيعٌ. أَرادَ أَنَّهُ مِثْلُ الضَّبِّ الحَقُودِ، ولا يُنْتَفَعُ به، من قَوْلك: شِعْتُه أَشِيعُه، إِذا مَلَأته، وهو مَجَازٌ.

  وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: المِشْيَعَةُ، كمِكْنَسَةٍ: قُفَّةٌ للمَرْأَةِ، لِقُطْنِهَا ونَحْوِهِ⁣(⁣٣) كما في العُبَابِ واللِّسَانِ، سُمِّيَتْ [بذلِكَ] لأَنَّهَا تَصْحَبُها وتَتْبَعُها.

  وِالشَّيُوعُ، كصَبُور، الوَقُودُ والثَّقُوبُ. وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هو الضِّرامُ من الحَطَبِ، وهو مادَقَّ من النَّبَاتِ فأَسْرَعَتْ فِيهِ النّارُ الضَّعِيفَةُ حَتّى تَقْوَى على الجَزْلِ، تَقُول: أَعْطِني شَيُوعاً وثَقُوباً. انْتَهَى، أَي كما تَقُول: أَعْطِني شِياعاً وشِباباً، كما قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، ولو ذَكَرَه عند الشِّيَاع كانَ أَوْلَى وأَجْمَعَ، وأَجْرَى عَلَى قاعِدَتِهِ.

  وِقال أَبو حَنِيفَة: الشَّيْعَة: بالفَتْحِ، وإِنَّمَا ضبَطَه لِئَلّا يُظَنَّ أَنَّهُ بتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ، فليسَ قولُه: «بالفَتْحِ» مُسْتَدْرَكاً: شَجَرَةٌ⁣(⁣٤) دُونَ القامَةِ، لها قُضْبَانٌ فِيها عُقَدٌ ونوْرٌ أَحْمَرُ مُظْلِمٌ


(١) البيت لذي الرمة، في ديوانه ص ٢٥٠.

(٢) في التهذيب واللسان: «ضبّ».

(٣) الجمهرة ٣/ ٦٣ وفيها: «ونحو ذلك».

(٤) كذا بالأصل وكتاب النبات رقم ٨٠٨ وفيه برقم ٩٨٢ شُجَيرة.