فصل الشين المعجمة مع العين
  فَشَاعَهُمُ حَمْدٌ وزَانتْ قُبُورَهُمْ ... أَسِرَّةُ رَيْحَانٍ بقَاعٍ مُنَوِّرِ
  أَو شاعَكُم: مَلأَكُمُ السَّلامُ يَشَاعُكُم شيْعاً، وهذَا نَقَلَه يُونُسُ. ويُقَال: شاعَكُمُ الله بالسلامِ، كما فِي الأَسَاسِ.
  والمَعْنَى وَاحِدٌ، ويُقَال: أَشاعَكُمُ السّلامُ وأَشاعَكُمْ به: أَتْبَعَكُم، أَي عَمَّكُم وجَعَلَه صاحِباً لَكُم وتَابِعاً. وقال ثَعْلَبٌ: مَعْنَى أَشاعَكُم السلامَ: أَصْحَبَكُم إِيّاهُ، وليس ذلِك بقَوِيٍّ.
  وِالشّاعُ: بَوْلُ الجَمَلِ الهائجِ فهو يُقَطِّعُه إِذا هاجَ، نَقَلَه الأَصْمَعِيُّ، وأَنْشدَ:
  وِلَقَدْ رَمَى بالشّاعِ عنْدَ مُناخِهِ ... وِرَغَا وهَدَّرَ أَيَّمَا تَهْدِيرِ
  أَو المُنْتَشِرُ من بَوْلِ الناقَةِ إِذا ضَرَبَهَا الفَحْلُ شَاعٌ أَيْضاً، نَقَله الأَصْمَعِيُّ كذلِك، وأَنْشَدَ:
  يُقطِّعْنَ لِلْإِبْساسِ شَاعاً كأَنَّه ... جَدَايَا على الأَنْسَاءِ منها بَصَائرُ(١)
  وِقد أَشاعَتْ به إِشاعَةً، إِذا رَمَتْه رَمْياً، وأَرْسَلَتْه مُتفَرِّقاً وقطَّعَتْهُ، مثلُ أَوْزغتْ ببَوْلِها، وأَزْغَلَتْ، ولا يَكُون ذلِكَ إلّا إِذَا ضَرَبَهَا الفَحْلُ، ولا تَكُونُ الإِشاعَةُ إِلّا في الإِبِلِ.
  وِالشَّاعَةُ: الزَّوْجَةُ؛ لمُشايَعَتِهَا الزَّوْجَ ومتابَعَتِها، قالَهُ شَمِرٌ، ومنه الحَدِيثُ: أَنّه قَالَ لعَكّافِ بنِ وَدَاعَةَ الهِلالِيِّ ¥: «أَلَكَ شاعَةٌ» كما في العُبَابِ.
  قلتُ: وَوَرَدَ أَيْضاً أَنَّ سَيْفَ بنَ ذِي يَزَن قالَ لعَبْدِ المُطَّلِب: «هَلْ لَكَ مِنْ شاعَةٍ؟» أَي زَوْجَةٍ.
  وِالشّاعَةُ: الأَخْبَارُ المُنْتَشِرَةُ، عن ابْنِ الأَعْرَابيِّ.
  وِالشِّيَاع، ككِتابِ، هكذَا في نُسَخ الصّحاح، ووُجِدَ بخَطِّ أَبِي زَكَرِيَّا: المِشْيَاعُ، كمِحْرَاب: دِقُّ الحَطَبِ تُشَيَّعُ به النّارُ، أَي تُوقَدُ، وقد يُفْتَحُ، والكَسْرُ أَفْصَح، كما يُقَال: شِبَابٌ للنَّار، وجِلَاءٌ للْعَيْنِ، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَريُّ، وهو مَجَاز.
  وِفي حَدِيثِ عليٍّ ¥: «أُمِرْنَا بكَسْرِ الكُوبَةِ والكِنّارَةِ والشِّيَاع» قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشِّيَاع: مِزْمَارُ الرّاعِي، ومِنْهُ قولُ مَرْيَمَ &: «اللهُمَّ سُقْهُ بلا شِيَاعٍ» تعْنِي الجَرَادَ، أَي بلا زَمَّارَةِ راعٍ. وفي الأَساسِ: هو مِنْفاخُ الرّاعِي، سُمِّيَ به لأَنَّه يَصِيحُ بِهَا على الإِبِل فتَجْتَمِعُ.
  أَو الشِّيَاعُ: صَوْتُه، وهذَا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ:
  حَنِينَ النِّيبِ تَطْرَبُ للشِّياعِ
  وهو قولُ قَيْسِ بنِ ذَرِيح، وصَدْرُه:
  إِذا ما تُذْكَرِينَ يَحِنُّ قَلْبِي
  وروَى أَبو مُحَمَّدٍ الباهِلِيُّ: «حَنِينَ العَوْدِ».
  وِالشِّيَاعُ: الدُّعاةُ، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، وهي جَمْعُ دَاعٍ، ووَقَعَ في التَّكْمِلَةِ: الشِّيَاعُ: الدُّعَاءُ.
  وِقال أَبُو سَعِيدٍ: يُقَال: هُمْ شُيَعَاءُ فيها، كفُقَهَاءَ، أَي كُلُّ وَاحِدٍ منهم شَيِّعٌ لصاحِبِهِ، كَكَيِّسٍ، وكذا هذِه الدّارُ شَيِّعَةٌ بَيْنَهُم، أَي مُشَاعَةٌ.
  وِالمَشِيعُ، كمَكِيلٍ: الحَقُودُ المَمْلُوءُ لُؤْماً، قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: سَمِعْتُ أَبا المَكَارِمِ يَذُمُّ رَجُلاً يَقُولُ: هُوَ خَبٌّ(٢) مَشِيعٌ. أَرادَ أَنَّهُ مِثْلُ الضَّبِّ الحَقُودِ، ولا يُنْتَفَعُ به، من قَوْلك: شِعْتُه أَشِيعُه، إِذا مَلَأته، وهو مَجَازٌ.
  وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: المِشْيَعَةُ، كمِكْنَسَةٍ: قُفَّةٌ للمَرْأَةِ، لِقُطْنِهَا ونَحْوِهِ(٣) كما في العُبَابِ واللِّسَانِ، سُمِّيَتْ [بذلِكَ] لأَنَّهَا تَصْحَبُها وتَتْبَعُها.
  وِالشَّيُوعُ، كصَبُور، الوَقُودُ والثَّقُوبُ. وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هو الضِّرامُ من الحَطَبِ، وهو مادَقَّ من النَّبَاتِ فأَسْرَعَتْ فِيهِ النّارُ الضَّعِيفَةُ حَتّى تَقْوَى على الجَزْلِ، تَقُول: أَعْطِني شَيُوعاً وثَقُوباً. انْتَهَى، أَي كما تَقُول: أَعْطِني شِياعاً وشِباباً، كما قالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، ولو ذَكَرَه عند الشِّيَاع كانَ أَوْلَى وأَجْمَعَ، وأَجْرَى عَلَى قاعِدَتِهِ.
  وِقال أَبو حَنِيفَة: الشَّيْعَة: بالفَتْحِ، وإِنَّمَا ضبَطَه لِئَلّا يُظَنَّ أَنَّهُ بتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ، فليسَ قولُه: «بالفَتْحِ» مُسْتَدْرَكاً: شَجَرَةٌ(٤) دُونَ القامَةِ، لها قُضْبَانٌ فِيها عُقَدٌ ونوْرٌ أَحْمَرُ مُظْلِمٌ
(١) البيت لذي الرمة، في ديوانه ص ٢٥٠.
(٢) في التهذيب واللسان: «ضبّ».
(٣) الجمهرة ٣/ ٦٣ وفيها: «ونحو ذلك».
(٤) كذا بالأصل وكتاب النبات رقم ٨٠٨ وفيه برقم ٩٨٢ شُجَيرة.