تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع العين

صفحة 259 - الجزء 11

  صغيرٌ، أَصْغَر⁣(⁣١) من اليَاسمِينة، تَجْرُسُها النَّحْلُ، ويَأْكُلُ النّاسُ قدّاحَها، يَتَصَحَّحُون به، ولهُ حَرَارَةٌ في الفَمِ، وعَسَلُها طَيِّبُ الرّائِحَة صافٍ شديد الصَّفاءِ⁣(⁣٢)، هكذا في العُبَابِ، وفي التَّكْمِلَةِ: شَدِيدُ الصُّفارِ، بالرّاءِ، فلْيُنْظَرْ وتُعَبَّقُ بها الثِّيَابُ، هكذا في العُبَابِ، زادَ في التكْمِلة فتَطِيبُ، والضَّمِيرُ إلى الشَّجَرَةِ، ونصُّ كِتَابِ النَّبَاتِ: به، أَي بنوْرِهَا، وهو الصَّوَابُ. قالَ صاحِبُ اللِّسَانِ: وَجَدْنا في نُسْخَةٍ من كِتَابِ النَّبَاتِ مَوْثُوقٍ بها: تُعْبَقُ، بضَمِّ التاءِ وتَخْفِيفِ الباءِ⁣(⁣٣)، وفي نُسْخَة أُخْرَى: تُعَبَّقُ، بتَشْدِيد الباءِ.

  زادَ في العُبابِ: وهي مَرْعًى، ومَنَابِتُهَا القِيعانُ، وقُرْبَ الزَّرْعِ.

  وِأَشاعَ بالإِبِلِ: أَهابَ بِهَا، أَي صاحَ بِهَا، ودَعَاها إِذا اسْتأْخَرَ بَعْضُها. قال الزَّمَخْشَرِيُّ: ومنه سُسمِّيَ مِنْفَاخُ الرّاعِي شِيَاعاً، وقالَ الطِّرِمّاحُ يَصِفُ النَحْلَ:

  إِذا لَمْ تَجِدْ بالسَّهْلِ رِعْياً تَطَوَّقَتْ ... شَمَارِيخَ لم يَنْعِقْ بِهِنَّ مُشِيعُ

  أَي: لم يُصَوِّتْ بهِنَّ مُصَوِّتٌ.

  وِأَشاعَتِ النَّاقَةُ بِبَوْلِها، وكذا شَاعَتْ، كما في الأَساسِ: رَمَتْ به متَفَرِّقاً وقَطَّعَتْهُ، وهذا قد تَقَدَّم للمُصَنِّفِ قَرِيباً، فهو تَكْرارٌ، وكذلِكَ: أَشاعَ الجَمَلُ، ففي عِبَارَةِ المُصَنِّفِ مع التَّكْرَارِ قُصُورٌ لا يَخْفَى، وقد سَبَقَ أَنّ الإِشَاعَةَ لا تَكُونُ إِلّا للإِبِلِ.

  وَرَجُلٌ مِشْيَاعٌ، كمِذْيَاع زِنَةً ومَعْنًى، أَي يُذِيعُ السِّرَّ، ويُشِيعُه ولا يَكْتُمُه.

  وِشَيَّعَ بالإِبِلِ: أَشاءَ⁣(⁣٤) بِها، هكَذَا في سائِرِ النُّسَخِ، ومثلُه في نُسَخ العُبَاب، وصَوَابُه: أَشاعَ بها، أَي: صاح بِهَا، كما في الأَساسِ واللِّسَانِ.

  وِشَيَّعَ فُلاناً عِنْدَ رَحِيلهِ: خَرَج مَعَه، لِيُودِّعَهُ ويبلِّغَه مَنْزِلَه، قالَهُ اللَّيْثُ، وقِيلَ: هو أَنْ يَخْرُجَ مَعَه يُرِيدُ صُحْبَتَه وإِينَاسَه إِلى مَوْضِعٍ ما. ومن المَجَازِ: شَيَّعَ شَهْرَ رَمَضَانَ، إِذا صامَ بَعْدَهُ سِتَّةَ أَيّامٍ من شَوَّال، أَي أَتْبَعَهُ بها.

  وِشَيَّعَهُ بالنارِ: أَحْرَقَه، وقيلَ: كُلُّ ما أُحْرِقَ فقد شُيِّعَ.

  وِمن المَجَازِ: شَيَّعَ فُلَاناً، إِذا شَجَّعَه وجَرَّأَهُ، يُقَالُ: فلانٌ يُشَيِّعُه عَلَى ذلِكَ، أَي: يُقَوِّيهِ، ومنه تَشْيِيعُ النَّارِ بإِلْقَاءِ الحَطَبِ عليها يُقَوِّيها، قال كُثَيِّرٌ:

  فيَا قَلْبُ كُنْ عَنْهَا صَبُوراً فإِنَّهَا ... يُشَيِّعُهَا بالصَّبْرِ قَلْبٌ مُشَيَّعُ

  وِشَيَّعَ الرّاعِي، إِذا نَفَخَ في اليَرَاعِ، وهي القَصَبَةُ. قالهُ اللَّيْثُ.

  وِقال ابنُ السِّكِّيتِ: شَيَّعَ النّارَ: أَلْقَى عَلَيْهَا حَطَباً يُذْكِيها بِهِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، قال كُثَيِّرٌ:

  وِأَعْرَضَ مِن رَضْوَى مَعَ اللَّيْلِ دُونهَا ... هِضَابٌ تَرُدُّ العَيْنَ عَمَّنْ يُشَيِّعُ

  وِمِن المَجَازِ: المُشَيَّعُ، كمُعَظَّمٍ: الشُّجَاعُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ ومِنْهُم مَنْ خَصَّ فقالَ: مِن الرِّجَالِ، سُمِّيَ به لأَنَّ قَلْبَه لا يَخْذُلُه، كَأَنَّه يُشَيِّعُه، أَو كَأَنَّهُ شُيِّعَ بغَيْره، أَو بِقُوَّةِ قَلْبِه، وفي الأَسَاسِ: وقَدْ شُيِّعَ قَلْبُه بما يَرْكَبُ به كُلَّ هَوْلٍ. وفي اللِّسَانِ: قد شيَّعَتْه نَفْسُه عَلى ذلِكَ، وشَايَعَتْهُ وشَجَّعَتْه، قال رُؤْبَةُ:

  وِقَدْ أَشُجُّ الصَّحْصَحَانَ البَلْقَعا ... فأَذْعَرُ الوَحْش وأَطْوِي المَسْبَعَا

  في الوَفْدِ مَعْرُوفَ السَّنَا مُشيَّعَا

  وِمِنَ المَجَازِ: المُشَيَّعُ: العَجُولُ، نَقَله الزَّمَخْشَرِيُّ وابن عَبّادٍ.

  وِفي الحَدِيثِ⁣(⁣٥): «نَهَى صَلَّى الله تَعالَى عَلَيْهِ وسَلَّمَ عن المُشَيَّعَةِ في الأَضَاحِي» تُرْوَى بالفَتْح، أَي الَّتِي تَحْتَاجُ إِلى مَنْ يُشَيِّعُهَا أَي يَسُوقُهَا، لِتَأَخُّرِها عن الغَنَم، حَتّى يُتْبِعهَا الغَنَمَ؛ لِضَعْفِها وعَجَفِها، فهي لا تَقْدِرُ عَلَى اللُّحُوقِ بِهِمْ إِلّا بالسَّوْقِ، وتُرْوَى بالكَسْرِ أَيْضاً وهي الَّتِي لا تَزالُ تُشَيِّعُ الغنَمَ، أَي تَتْبَعُهَا؛ لِعَجَفِهَا، أَي لا تَلْحَقُها، فهي أَبَداً تَمْشِي وَرَاءَها.


(١) عن كتاب النبات رقم ٨٠٨.

(٢) نص النبات رقم ٩٨٢ إن أصفا العسل عسل الشَّيْعة.

(٣) وهي الواردة في كتاب النبات المطبوع برقم ٨٠٨.

(٤) في القاموس: أشاع.

(٥) في اللسان والنهاية: وفي حديث الضحايا.