تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صبع]:

صفحة 262 - الجزء 11

  وِفي سَبِيلِ الله ما لَقِيتِ

  فأَمَّا ما حَكَاهُ سِيبَوَيْهٌ من قَوْلهم: ذَهَبَتْ بَعْضُ أَصَابِعه، فإِنَّهُ أَنَّثَ البَعْضَ لأَنَّه إِصْبَعُ في المَعْنَى، وإِنْ ذُكِرَ الإِصْبَعُ مُذَكَّراً جازَ؛ لأَنَّهُ ليسَ فيها عَلامَةُ التَّأْنِيثِ، وقال شَيْخُنَا: والتَّذْكِيرُ إِنّمَا ذَكَرَه شِرْذَمَةٌ، كابْنِ فارِسٍ، وتَبِعَه المُصَنِّفُ.

  قلتُ: ونَقَلَه اللَّيْثُ أَيْضاً، فقالَ: يُقَالُ: هذا إِصْبَعٌ، على التَّذْكِير فِي بعضِ اللُّغَاتِ، وأَنْشَدَ لِلَبِيدٍ ¥:

  مَنْ يَمْدُدِ الله عَلَيْهِ إِصْبَعَا ... بالخَيْرِ والشَّرِّ بِأَيٍّ أُولِعَا

  وقالَ الصّاغَانِيُّ: ليس الرَّجَزُ لِلَبِيدٍ: قلتُ: الرَّجَزُ للَبِيدٍ⁣(⁣١)، كما قَالَهُ اللَّيْثُ، ولكِنَّه رُوِيَ على غَيْرِ وَجْهٍ:

  مَنْ يَجْعَل الله عليه إِصْبَعا ... في الخَيْرِ أَو في الشَّرِّ يَلْقَاهُ مَعَا

  ج: أَصابعُ، وأَصابِيعُ بزيادَة الياءِ.

  وِالإِصْبَعُ، كدِرْهَمٍ: جَبَلٌ بنَجْدٍ نَقَلَه ياقُوت بغير أَلِفٍ ولامٍ.

  وِذُو الإِصْبَعِ: حُرْثَانُ بنِ مُحَرِّث بنِ الحارِثِ بنِ شَبَاةَ بنَ وَهْبِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ الظَّرِب بن عَمْرِو بنِ عَبّادِ بنِ يَشْكُرَ بنِ عَدْوَانَ العَدْوَانِيُّ، الحَكِيمُ الشّاعِرُ الخَطِيبُ المُعَمَّرُ قِيلَ له ذلِكَ لأَنَّهُ نَهَشَتْ أَفْعَى إِبْهَامَ رِجْلِه، فقَطَعَهَا، فلُقِّبَ به، وقِيل: كانَتْ له إِصْبَعٌ زائدَةٌ.

  وِذُو الإِصْبَع⁣(⁣٢): حِبّانُ بنُ عَبْدِ الله التَّغْلَبِيُّ الشاعِر، من وَلَد عَنْزِ بن وَائِلٍ، أَخِي بَكْرٍو تَغْلِبَ ابْنَيْ وَائِلٍ، وبه تَعْرِف أَنَّ الصَّوابَ في نَسَبِه «العَنْزِيُّ» بل قِيلَ في هذا أَيْضاً: ذُو الأَصابع.

  وِذو الإِصْبَع: شاعِرٌ آخَرُ مُتَأَخِّرٌ لم يُسَمَّ، من مُدّاحِ الوَلِيدِ بنِ يَزِيدَ بنِ عَبدِ المَلِك بنِ مَرْوَانَ، كما في التَّكْمِلَةِ، وفي التَّبْصِيرِ: هو ذُو الإِصْبَعِ الكَلْبِيُّ، شاعِرٌ في التّابِعِينَ.

  قلتُ: وساق نَسَبَه الصّاغَانِيُّ في العُبَابِ، فقالَ: هو حَفْصُ بنُ حَبِيب بنِ حُرَيْثِ بنِ حَسّانَ بنِ مَالِكِ بن عبد مَنَاةَ بنِ امْرِئِ القيْسِ بنِ عَبْدِ الله بنِ عُلَيْمِ بنِ جَنَابٍ الكَلْبِيُّ.

  وقال في التَّكْمِلَةِ: ذُو الإِصْبَعِ الكلْبِيُّ، وذُو الإِصْبَعِ العُلَيْميُّ: شاعِرَانِ. قلتُ: وهو غَلَطٌ، والصّوابُ أَنَّهُمَا واحِد، وفي كِتَاب الشُّعَراءِ للآمِدِيِّ - بعد ما ذكر ذَا الإِصْبَع الكَلْبيَّ - ما نصُّه: وذو الإِصْبَعِ أَنْشَدَ لَه أَبُو عَمْرٍو الشَّيبَانِيُّ في كتابِ الحُرُوفِ أَبْيَاتاً في مَدْحِ الوَلِيدِ بن يَزِيدَ. قلتُ؛ فهذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي مَدَحَ الوَلِيدَ غَيْرُ الكَلْبِيِّ، وكأَنَّ المُصَنِّفَ لم يَرَ الفَرْقَ بَيْنَهُمَا، فتأَمَّلْ.

  وِزكِيُّ الدِّينِ عَبْدُ العَظِيم بن عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي الإِصْبَعِ الشّاعِرُ المِصْرِيُّ، مُتَأَخِّرٌ، كَتَبَ عَنْه الحَافِظُ شَرَفُ الدِّينِ عبدُ المُؤْمِن بنُ خَلَفٍ الدِّمْيَاطيُّ شَيْئاً من شِعْرِه.

  وِذُو الأَصَابِع التَّمِيمِيُّ، أَو الخُزَاعيُّ، أَو الجُهَنِيُّ: صَحَابِيٌّ ¥، سَكَنَ بَيْتَ المَقْدِسِ، له حَدِيثٌ في مُسْنَدِ أَحْمَدَ مَتْنُه: «عَلَيْكَ ببَيْتِ المَقْدِسِ».

  وِمن المَجَازِ: يُقَال: لِلرّاعِي عَلَى مَاشِيَتِه إِصْبَعٌ: أَي أَثَرٌ حَسَنٌ، يشارُ إِليها بالأَصَابعِ؛ لِحُسْنِهَا وسِمَنِها، وحُسْنِ أَثَرِ الرُّعَاةِ فيها، ويُقَال أَيْضاً: فُلانٌ مِنَ الله عليه إِصْبَعٌ حَسَنَةٌ، أَي أَثَرُ نِعْمَةٍ حَسَنَةٍ، وإِنَّما قِيلَ للأَثرِ الحَسنِ: إِصْبَعٌ؛ لإِشَارَةِ النّاس إِلَيْهِ بالإِصْبَع. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: إِنَّهُ لَحَسَنُ الإِصْبَع في مالِه، وحَسَنُ المَسِّ في مالِه، أَي حَسَنُ الأَثَرِ، وأَنْشَدَ:

  أَوْرَدَهَا راعٍ مَرِئُ الإِصْبَعِ ... لَمْ تَنْتشِرْ عَنْهُ، ولم تَصَدَّعِ

  وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ للراعِي:

  ضَعِيفُ العَصَا بَادِي العُرُوقِ تَرَى له ... عَلَيْهَا - إِذا ما أَجْدَبَ النَّاسُ - إِصْبَعَا⁣(⁣٣)

  وِإِصْبَعُ خَفَّانَ: بِنَاءٌ عَظِيمٌ قُرْبَ الكُوفَةِ من أَبْنَيِةِ الفُرْسِ، قال ياقُوت: أَظُنُّهُم بَنَوْه مَنْظَرَةً هُنَاك على عَادَتهِم في مِثْلِه.

  وِذَاتُ الإِصْبَعِ: رُضَيْمةٌ لبَنِي أَبِي بَكْرِ بنِ كِلَابٍ، عن


(١) الرجز للبيد، ديوانه ص ٩٥ قالها في سلمان الباهلي، وفيه: «من يبسط الله» وقال مصححه: وقيل إن الأرجوزة ليست له.

(٢) في التكملة والمؤتلف للآمدي ص ١١٨ ذو الأصابع.

(٣) ديوانه ص ١٦٢ وانظر تخريجه فيه.