تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صوع]:

صفحة 291 - الجزء 11

  شَيْءٌ وَاحِدٌ⁣(⁣١)، وقِيلَ: إِنَّهُ كانَ من وَرِقٍ، فكانَ يُكَالُ به، ورُبَّمَا شَرِبُوا بهِ، وأَمَّا قولُه تَعالَى: {ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ}⁣(⁣٢) فإِنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إِلى السِّقَايَةِ من قوله: {جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}⁣(⁣٣). وقالَ الزَّجّاجُ: جاءَ في التَّفْسِيرِ أَنَّه كانَ إِنَاءً مُسْتَطِلاً يُشْبِه المَكُّوكَ، كان المَلِكُ يَشْرَبُ به، وهو السِّقَايَةُ. قالَ: وقِيلَ: إِنَّه كانَ مَصُوغاً من فِضَّةٍ، مُمَوَّهاً بالذَّهَبِ، وقيل: إِنَّه كانَ يُشْبِه الطَّاسَ، وقيلَ: إِنَّه كان مِنْ مِسٍّ⁣(⁣٤).

  وِمن المَجَازِ: الصّاعُ: المُطْمَئِنُ من الأَرْضِ كالحُفْرَة، وقِيلَ: المُطْمَئنُّ المُنْهَبِطُ من حُرُوفِه المُطِيفَةِ به، قال المُسَيَّب بنُ عَلَسٍ يَصِفُ ناقَةً:

  مَرِجَتْ يدَاهَا للنَّجَاءِ كأَنَّمَا ... تَكْرُو بكفَّيْ لَاعِبٍ في صَاعِ

  كالصَّاعَةِ، ومَعْنَى تَكْرُو، أَي تَلْعَبُ بالكُرَةِ، وقِيلَ: أَرادَ بصاعٍ أَي بِصاعِ⁣(⁣٥) صَائِعٍ، ويَعْنِي بالصّاعِ: الصَّوْلَجَان، لأَنَّه يُعْطَفُ للضَّرْبِ بهِ، لِتُصاعَ الكُرَةُ بهِ، ويُرْوَى «بِكَفَّىْ ماقِطٍ» يَعْنِي الَّذِي يَضْرِبُ بالكُرَةِ.

  وقيلَ: الصّاعَةُ، البُقْعَةُ الجَرْدَاءُ ليسَ فِيهَا شَيْءٌ.

  وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: الصّاعُ: مَوْضعٌ يُكْنَسُ، ثُمَّ يُلْعَبُ فِيهِ، وقَالَ غيرُه: الصّاعَةُ يَكْسَحُهَا الغُلامُ، ويُنَحِّي حِجَارَتَها، ويَكْرُو فيه بكُرَتهِ، فتِلْكَ البُقْعَةُ هي الصّاعَةُ.

  وِقال ابنُ فارِسٍ: صاعُ جُؤْجُؤِ النَّعامِ: مَوْضِعُ صَدْرِ النَّعَامِ إِذا وَضَعَتْه بالأَرْضِ، وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: يُقال: ضَرَبَه في صَاعِ جُؤْجُئِهِ، وفي صَاعِ صَدْرِه، أَي وَسَطِه، وهو مَجَازٌ.

  وِمن المَجَازِ: الصّاعَةُ: المَوْضِعُ تُهَيِّئُه المَرْأَةُ لنَدْفِ القُطْنِ، قالَه اللَّيْثُ. وقال ابنُ شُمَيْلٍ: رُبما اتَّخَذَتْ صَاعَةً من أَدِيمٍ كالنِّطع، لنَدْفِ القُطْنِ والصُّوفِ عليه، وقد صَوَّعَتِ المَوْضِعَ تَصْوِيعاً، إِذا هَيَّأَتْه وسَوَّتْه.

  وِصُعْتُهُ، بالضَّمِّ، أَصُوعُه صَوْعاً: كِلْتُه بالصّاعِ، يُقَالُ: هذا طَعَامٌ يُصَاعُ، أَي يكالُ.

  وِصُعْتُ الشَّيْءَ: فَرَّقْتُه. وهو مَجَازٌ، فانْصَاعَ.

  وِصُعْتُه خَوَّفْتُه وأَفْزَعْتُهُ. ولو اقْتصَرَ على أَحَدِهما كانَ أَخْصَرَ، وفي المُحِيطِ: صَاعَهُ، أَي أَفْزَعَه.

  وِمن المَجازِ: صُعْتُ الأَقْرانَ وغَيْرَهُم: أَتيْتُهم من نَوَاحِيهِم، وفي العُبَابِ والصّحاح: يَصُوعُ الكَمِيُّ أَقْرَانَه، إِذا أَتاهُم مِنْ نَوَاحِيهِم، وفي التهذيب: صاعَ الشُّجاعُ أَقْرَانَه، والرَّاعِي مَاشِيَتَه، يَصُوع: جَاءَهُم مِنْ نَوَاحِيهِم. وفي بَعْضِ العِبَارَةِ: حَازَهُم من نَوَاحِيهِم، حَكَى ذلِكَ الأَزْهَرِيُّ عن اللَّيْثِ، وقالَ: غَلِطَ اللَّيْثُ فيما فَسَّرَ. ومَعْنَى: «الكَمِيّ يَصُوع أَقْرَانَه» أَي⁣(⁣٦) يَحْمِلُ عليهم، فيُفَرِّق جَمْعَهُم.

  وقالَ: وكذلِكَ الرّاعِي يَصُوعُ إِبِلَهُ، إِذا فَرَّقَهَا في المَرْعَى، قال: والتَّيْسُ إِذا أُرْسِلَ في الشّاءِ⁣(⁣٧) صَاعَهَا، إِذا أَرادَ سِفَادَها. والرَّجلُ يصوعُ الإِبلَ، والتَّيْسُ يَصُوعُ المَعِزَ.

  وِصَاعَ الغَنَمَ يَصُوعُها صَوْعاً: فَرَّقَها، قال أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:

  يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمٌ ... له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَرِيمُ

  أَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ المِصْرَاعَ الأَوَّلَ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ والصّاغَانِيُّ: البَيْتُ للمُعَلَّى بن جَمَالٍ العَبْدِيّ، زادَ الأَخِيرُ:

  وِجَاءَتْ خُلْعَةٌ دُهْسٌ صَفَايَا

  يَصُوعُ ... إِلى آخِرِه، وقد ذكر في «د هـ س».

  قلتُ: وقد تَبع ابنُ القَطّاعِ والزَّمَخْشَرِيُّ اللَّيْثَ، فجَعَلَا الصَّوْعَ من الأَضْدادِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الرّاعِي يَصُوعُ إِبِلَهُ،


(١) ورد في التفسير الكبير للرازي ١٨/ ١٧٨ «أما السقاية فقال صاحب الكشاف: مشربة يسقى بها وهو الصداع، قيل: كان يسقى بها الملك ثم جعلت صاعاً يكال به، وهو بعيد لأن الإناء الذي يشرب الملك الكبير منه لا يصلح أن يجعل صاعاً، وقيل كانت الدواب تسقى بها ويكال بها أيضاً وهذا أقرب، ثم قال: وقيل كانت فضة مموهة بالذهب، وقيل كانت من ذهب، وقيل كانت مرصعة بالجواهر وهذا أيضاً بعيد لأن الآنية التي سقى الدواب فيها لا تكون كذلك، والأولى أن يقول: كان ذلك الاناء شيئاً له قيمة أما إلى هذا الحد الذي ذكروه فلا.

(٢) سورة يوسف الآية ٧٦.

(٣) سورة يوسف الآية ٧٠.

(٤) المس: النحاس، وبهامش اللسان: «قال ابن دريد لا أدري أعربي هو أم لا. قلت: هي فارسية والسين مخففة».

(٥) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل: أي صاع.

(٦) في التهذيب: إذا حمل بعضهم على بعض أو أن يحمل عليهم فيفرق جمعهم.

(٧) عن التهذيب واللسان وبالأصل «الشاة».