[قنع]:
  أَهْل العِلْمِ هُنَا أَبُو الفَتْحِ عُثْمَانُ بن جِنِّي. قلتُ: ونَصُّه: «وقَد اسْتُعْمِلَ القُنُوع فِي الرِّضا» وأَنْشَدَ:
  أَيَذْهَبُ مالُ الله فِي غَيْرِ حَقِّه ... وِنَعْطَشُ في أَطْلالِكُمْ ونَجُوعُ
  أَنَرْضَى بهذَا مِنْكُمُ لَيْسَ غَيْرَه ... وِيُقْنِعُنا ما لَيْسَ فيهِ قُنُوعُ
  وأَنْشَدَ أَيْضاً:
  وِقالُوا: قَدْ زُهِيتَ، فقُلْتُ: كَلّا ... وِلكِنّي أَعَزَّنِيَ القُنُوعُ
  وقالَ ابن السِّكِّيتِ: ومن العَرَبِ مَنْ يُجِيزُ القُنُوع بمَعْنَى القَنَاعَةِ، وكَلام العَرَبِ الجَيِّدُ هُو الأَوّلُ(١)، ويُرْوَى: «مِنَ الكُنُوع» وهو التَّقَبضُ والتَّصاغُر. والفِعْلُ كمنع*.
  وِمن دُعَائِهِم: نَسْأَلُ اللهَ القَنَاعَةَ، ونَعُوذُ(٢) بهِ من القُنُوعِ، أَيْ من سُؤَالِ النّاسِ، أَو مِنَ الذُّلِّ لَهُمْ فيه، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: رَأَيْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللهُمَ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ من القُنُوعِ والخُنُوعِ والخُضُوعِ، وما يَغُضُّ طَرْفَ المَرْءِ، ويُغْرِي بهِ لِئامَ النّاسِ». وفِي المَثَلِ: «خَيْرُ الغِنَى القُنُوعُ، وشَرُّ الفَقْر الخُضُوعُ» فالقُنُوع هُنَا هُوَ الرِّضَا بالقِسْمِ، وأَوَّلُ مَنْ قالَ ذلِكَ أَوْسُ بنُ حارِثَةَ لِابْنِه(٣) مالِكِ.
  وِرَجُلٌ قانِعٌ وقَنِيعٌ، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ (وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)(٤) فالقَانِعُ: الّذِي يَسْأَلُ، والمُعْتَرُّ: الُذِي يَتَعَرَّضُ ولا يَسْأَلُ، وقِيلَ: القانِعُ هُنَا: المُتَعَفِّفُ عن السُّؤَالِ، وكُلٌّ يَصْلُحُ، قالَ عَدِيُّ بنُ زَيْدِ:
  وِما خُنْتُ ذَا عَهْد وأُبْتُ بِعَهْدِهِ ... وِلَمْ أَحْرِمِ المُضْطَرَّ إِذْ جاءَ قَانِعَا
  أَي سائِلاً، وقالَ الفَرّاءُ: هُوَ الَّذِي يَسْأَلُكَ فما أَعْطَيْتَه قَبِلَهُ.
  وِالقَنَاعَةُ: الرِّضا* بالقِسْمِ، كالقَنَعِ، مُحَرَّكَةً، والقُنْعَانِ، بالضَّمِّ، زادَهُمَا أَبو عُبَيْدَةَ، والفِعْلُ كفَرِحَ، يُقال: قَنِعَ بنَفْسِه قَنَعاً وقَنَاعَةً وقُنْعاناً، الأَخِيرُ عَلَى غَيْرِ قِياسٍ، فهو قَنِعٌ، مِثْلُ كَتِفٍ، وقانِعٌ، وقَنُوعٌ، وقَنِيعٌ من قَوْمٍ قَنِعِينَ، وقُنَّعٍ، وقُنَعاءَ، وامْرَأَةٌ قَنِيعٌ، وقَنِيعَةٌ، من نِسْوَةٍ قَنَائِعَ، قالَ لَبِيدٌ:
  فَمِنْهُمْ سَعِيدٌ آخِذٌ بنَصِيبِهِ ... وِمِنْهُمْ شَقِيٌّ بالمَعِيشَةِ قانِعُ
  وفي الحَدِيثِ: «القَنَاعَةُ كَنْزٌ لا يَفْنَى»(٥) لِانَّ الإِنْفاقَ مِنْهَا لا يَنْقَطِعُ كُلَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْه شَيْءٌ من أُمُورِ الدُّنْيَا قنِعَ بما دُونَه، ورَضيَ، وفي حَدِيثٍ آخَر: «عَزَّ مَنْ قَنِعَ، وذَلَّ مَنْ طَمِعَ» لأَنَّ القَانِعَ لا يُذِلُّه الطَّلَبُ، فلا يَزالُ عَزِيزًا، ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عَن ابنِ جنِّي، قالَ: ويَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السّائِلُ سُمِّيَ قانِعاً لِانَّهُ يَرْضَى بِما يُعْطَى قَلَّ أَو كَثُرَ، ويَقْبَلُه ولا يَرُدُّه، فيَكُونُ مَعْنَى الكَلِمَتَيْنِ راجِعاً إِلَى الرِّضَا.
  وِشاهِدٌ مُقْنَعٌ، كمَقْعَد، أَيْ عَدْلٌ يُقْنَعُ بهِ، ورَجُلٌ قُنْعَانٌ، بالضَّمِّ وامْرَأَةٌ قُنْعانٌ، ويَسْتَوِي في الأَخِيرَةِ المُذَكَّرُ والمُؤَنَّثُ، والواحِدُ والجَمْعُ، أَي رِضاً* يُقْنَعُ بهِ وبِرَأْيِه، أَو بحُكْمِه وقَضَائِه، أَوْ بَشهَادَتِهِ. وحَكَى ثَعْلَبٌ: رَجُلٌ قُنْعانٌ: مَنْهَاةٌ؛ يُقْنَعُ برَأْيه، ويُنْتَهَى إِلى أَمْرِه.
  قُلْتُ: وأَمّا مُقْنَعٌ، فإِنّه يُثَنَّى ويُجْمَعُ، قالَ البَعِيثُ:
  وِبايَعْتُ لَيْلَى بالخَلاءِ ولَمْ يَكُنْ ... شُهُودِي عَلَى لَيْلَى عُدُولٌ مَقَانِعُ
  وفي التَّهْذِيبِ: رِجَالٌ مَقَانِعُ، وقُنْعَانٌ: إِذا كانُوا مَرْضِيِّينَ، وفي الحَدِيثِ: «كان المَقَانِعُ مِنْ أَصْحابِ مُحَمَّدِ ÷، يَقُولونُ كَذَا» وقَالَ ابنُ الأَثِيرِ: وبَعْضُهُم لا يُثَنِّيهِ ولا يَجْمَعُه، لأَنَّه مَصْدَرٌ، ومن ثَنَّى وَجَمَعَ نَظَرَ إِلَى الاسْمِيَّةِ.
  وِقَنِعَت الإِبِلُ والغَنَمُ كسَمِعَ: مالَتْ للمَرْتَع، وكَمَنعَ:
(١) يعني القنوع التذلل في المسألة، وجاء كلام ابن السكيت تفسيراً لقول الشماخ:
كمال المرء يصلحه فيغي ... مغاقره أعفّ من القُنُوعِ
(*) ساقطة من الأصل والكويتية.
(٢) في القاموس: «ونعوذ بالله» وعلى هامشه عن نسخة أخرى: «ونعوذ به».
(٣) عن المطبوعة الكويتية وبالأصل «لابن».
(٤) سورة الحج الآية ٣٦.
(*) بالقاموس: «الرِّضى» بدل: «الرِّضا».
(٥) في النهاية واللسان «لا ينفدُ».
(*) بالقاموس: «رضىً» بدل: «رضاً».