تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

«فصل الراء المهملة»

صفحة 38 - الجزء 2

  وَرَكُوبَةُ: ثَنِيَّةٌ بَيْنَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ عنْدَ العَرْجِ سَلَكَهَا النبيُّ في مهاجَرِه إِلى المَدِينَةِ. قال:

  ولَكِنَّ كَرًّا فِي رَكُوبَةَ أَعْسَرَا⁣(⁣١)

  وكَذَا رَكُوبُ: ثَنِيَّةٌ أُخْرَى صَعْبَةٌ سَلَكَهَا النبيُّ ، قال عَلْقَمَةُ:

  فَإِنَّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فَرَكُوبُ

  رِحْلَةُ: هَضْبَةٌ أَيضاً، وروايةُ سيبويه: رِحْلَةٌ فَرُكُوبُ أَيْ أَنْ تُرْحَلَ ثمَّ تُركَب.

  والرِّكَابِيَّةُ بالكَسْرِ: ع قُرْبَ المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ، على ساكِنِها أَفضلُ الصلاةِ والسلامِ، على عَشَرَةِ أَمْيَالٍ منها.

  ورُكَبٌ كَصُرَدٍ: مِخْلَافٌ باليَمَنِ.

  ورُكْبَةُ بالضَّمِّ: وَادٍ بالطَّائِفِ بين غَمْرَة⁣(⁣٢) وذَاتِ عِرْقٍ، وفي حديث عُمَرَ «لَبَيْتٌ بِرُكْبَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشَرَةِ أَبْيَاتٍ بالشَّامٍ» قال مالكُ بنُ أَنَسٍ: يُرِيدُ لِطُول البَقَاءِ والأَعْمَارِ، ولِشِدَّةِ الوَبَاءِ بالشَّامِ.

  قلتُ: وفي حديثِ ابنِ عباس ® «لأَنْ أُذْنِبَ سَبْعِينَ ذَنْباً بِرُكْبَةَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أُذْنِبَ ذَنْباً بِمَكَّةَ» كذا في بَعْضِ المَنَاسِكِ، وفي لسان العرب: ويقال لِلْمُصَلِّي الذي أَثَّرَ السُّجُودُ في جَبْهَتِه: بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِثْلُ رُكْبَةِ العَنْزِ، ويُقَالُ لِكُلِّ شَيْئَيْنِ يَسْتَوِيَانِ وَيَتَكَافَآنِ: هُمَا كَرُكْبَتَيِ العَنْزِ، وذلك أَنَّهُمَا يَقَعَانِ مَعاً إِلى الأَرْضِ منها إِذَا رَبَضَتْ.

  وذُو الرُّكْبَةِ: شَاعِرٌ واسْمُهُ مُوَيْهِبٌ.

  وبِنْتُ رُكْبَةَ: رَقَاشِ كَقَطَامِ أُمُّ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبٍ.

  ورَكْبَانُ كَسَحْبَانَ: ع بِالحِجَازِ قُرْبَ وَادِي القُرَى.

  ومن المجاز رِكَابُ السَّحَابِ بِالكَسْرِ: الرِّيَاحُ في قول أُمَيَّةَ:

  تَرَدَّدُ والرِّيَاحُ لَهَا رِكَابُ

  وتَرَاكَبَ السَّحَابُ وتُرَاكَمَ: صَارَ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ.

  والرَّاكِبُ رَأْسُ الجَبَلِ هكذا في النسخ ومثلُه في «التكملة» وفي بعضها الحَبْلِ، بالحَاءِ المهملة، وهو خطأٌ: ويُقَالُ بَعِيرٌ أَرْكَبُ إِذَا كان⁣(⁣٣) إِحْدَى رُكْبَتَيْهِ أَعْظَمَ مِن الأُخْرَى.

  وفي النَّوَادِرِ: نَخْلٌ رَكِيبٌ ورَكِيبٌ مِنْ نَخْلٍ، وهُوَ ما غُرِسَ سَطْراً عَلَى جَدْوَلٍ أَوْ غَيْرِ جَدْوَلٍ.

  والمُتَرَاكِبُ مِنَ القَافِيَةِ: كُلُّ قَافِيةٍ تَوَالَتْ فيها ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ مُتَحَرِّكةٍ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ، وَهِيَ: مُفَاعَلَتُنْ ومُفْتَعِلُنْ وفَعِلُنْ، لأَنَّ في فَعِلُنْ نُوناً ساكنةً، وآخِر الحرفِ الذي قبلَ فَعِلُنْ نُونٌ ساكِنةٌ، وفَعِلْ إِذا كانَ يَعْتَمِدُ على حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ نحو فَعُولُ فَعِلْ، اللَّامُ الأَخِيرَةُ ساكِنَةٌ، والواوُ في فَعُولُ سَاكِنَةٌ، كذا في لسان العرب.

  * ومما استدركه شيخنا على المؤلف: مِنَ الأَمْثَالِ «شَرُّ النَّاسِ مَنْ مِلْحُهُ عَلَى رُكْبَتِهِ» يُضْرَبُ للسَّرِيعِ الغَضَبِ وللْغَادِرِ أَيضاً، قال ابن [أَبى] الحَدِيدِ في شَرْحِ نَهْجِ البَلَاغَةِ في الكِتَابَةِ: ويَقُولُونَ: «مِلْحُهُ عَلَى رُكْبَتِهِ» أَي يُغْضِبُه أَدْنَى شيْءٍ⁣(⁣٤)، قال الشاعر:

  لَا تَلُمْهَا إِنَّهَا مِنْ عُصْبَةٍ⁣(⁣٥) ... مِلْحُهَا مَوْضُوعَةٌ فَوْقَ الرُّكَبْ

  وأَوْرَدَهُ المَيْدَانِيُّ في مجمع الأَمثال وأَنْشَدُ البَيْتَ «مِنْ نِسْوَةٍ» يَعْنِي مِنْ نِسْوَةٍ هَمُّهَا السِّمَنُ والشَّحْمُ.

  وفي الأَساس: ومِنَ المَجَازِ: رَكِبَ رَأْسَهُ: مَضَى عَلَى وَجْهِهِ بغَيْرِ رَوِيَّةٍ لا يُطِيعُ مُرْشِداً، وهو يَمْشِي الرَّكْبَةَ، وهُمْ يَمْشُونَ الرَّكَبَاتِ.

  قُلْتُ: وفي لسان العرب: وفي حديث حُذَيْفَةَ «إِنَّمَا تَهْلِكُونَ⁣(⁣٦) إِذَا صِرْتُمْ تَمْشُونَ الرَّكَبَاتِ كَأَنَّكُمْ يَعَاقِيبُ


(١) اللسان: أعسر.

(٢) عن معجم البلدان، وبالأصل «عمرة».

(٣) الصحاح: كانت.

(٤) في الفاخر: يقال للرجل إذا كان سيئ الخلق يغضب من كل شيء.

(٥) في الفاخر: «أُمّة» ونسب فيه البيت لمسكين الدارمي وبعده فيه:

كشموس الخيل يبدو شغبها ... كلما قيل لها هال وهب

قال: الملح يذكر ويؤنث والتأنيث أكثر.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله إنما تهلكون الخ ذكر في التكملة صدر هذا الحديث وهو إنما تهلكون إذا لم يعرف لذي الشيب شيبة وإذا صرتم الخ».