فصل الباء مع الغين
  والبالِغَاءُ: الأَكَارِعُ بلُغَةِ أَهْلِ المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ، قال أَبو عُبَيْدٍ: مُعَرَّبُ يايْهَا، أي: أنَّ الكَلِمَةَ فارِسِيَّةٌ عُرِّبَتْ، فإِنّ بايْ بالفَتْحِ وَإِسْكَانِ الياءِ: الرِّجْلُ، وهَا: علامَةُ الجَمْعِ عِنْدَهُمْ، ومَعْنَاهُ: الأَرْجُلُ، ثم أُطْلِقَ عَلَى أَكارِعِ الشّاةِ وَنَحْوِهَا، ويُسَمُّونَهَا أَيْضاً: باجْهَا، وهذا هُوَ المَشهُورُ عِنْدَهُم، وهذا التَّعْرِيبُ غَرِيبٌ، فَتَأَمَّلْ.
  والبَلاغاتُ: مِثْلُ الوِشايات.
  والبُلْغَةُ، بالضَّمِّ: الكِفَايَةُ وما يُتَبَلَّغُ بهِ مِنَ العَيْشِ، زادَ الأَزْهَرِي: ولا فَضْلَ فِيه، تَقُولُ: في هذَا بَلاغٌ، وبُلْغَةٌ، أي: كِفَايَةٌ.
  والبِلَغِينَ بكَسْرِ أَوَّلهِ وَفَتْح ثانِيَه وَكَسْرِ الغَيْن في قَوْلِ عائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهَا لِعَليٍّ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُ حِينَ ظفِرَ بِهَا «[قد](١) بَلَغْتَ مِنّا البِلَغِينَ هكَذا رُوِيَ، ويُضَمُّ أَوَّلُه أي: مَع فَتْحِ الّلام، ومَعْنَاهُ: الدّاهِيَةُ وهُوَ مَثَلٌ أَرادَتْ: بَلَغْتَ مِنّا كُلَّ مَبْلَغٍ وقِيلَ: مَعْنَاهُ أنَّ الحَرْبَ قَدْ جَهِدَتْها، وَبَلَغَتْ مِنْهَا كُلَّ مَبْلَغٍ، وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ مِثْل قَوْلِهِمْ: لَقِيتَ مِنّا(٢) البِرَحِينَ وَالأَقْوَرِينَ، وكُلُّ هذَا مِنَ الدَّوَاهِي، قال ابنُ الأَثِيرِ: والأَصْلُ فِيهِ كأَنَّهُ قِيلَ: خَطْبٌ بِلْغٌ، أي: بَلِيغٌ، وَأَمْرٌ بِرَحٌ، أي: مُبَرِّحٌ، ثُمَّ جُمِعَا عَلَى السَّلامَةِ إِيذانًا بأَنَّ الخُطُوبَ في شِدَّةِ نكايَتِهَا بمَنْزِلَةِ العُقلاءِ الّذِينَ لَهُمْ قَصْدٌ وَتَعَمُّدٌ، وقَدْ نُقِلَ في إِعْرَابِهَا طَرِيقانِ، أَحَدُهُما: أَنْ يُجْرَى إعْرَابُه عَلَى النُّونِ، والياءُ يُقَرُّ بحالِهِ، أَوْ تُفْتَح النُّونُ أَبَدًا، ويُعْرَب ما قَبْلَه، فيُقَالُ: هذِه البِلَغُونَ، ولَقِيتُ البِلَغِينَ، وَأَعُوذُ باللهِ مِنَ البِلَغِينَ، كما في العُبَابِ.
  وبَلَّغَ الفارِسُ تَبْلِيغاً: مَدَّ يَدَهُ بِعِنانِ فَرَسِه؛ ليَزِيدَ في جَرْيِه، وفي الأساس: في عَدْوِهِ.
  وتَبَلَّغَ بِكَذا: اكْتَفَى بهِ، ووَصَلَ مُرَادَه، قال:
  تَبَلَّغْ بأَخْلاقِ الثِّيَابِ جَدِيدَها ... وَبالقَضْمِ حَتَّى يُدْرَكَ الخَضْمُ بالقَضْمِ
  وَيُقَالُ: هذا تَبَلُّغٌ، أي: بُلْغَةٌ.
  وتَبَلَّغَ المَنْزِلَ: إذا تَكَلَّفَ إِلَيْهِ البُلُوغَ حَتّى بَلَغَ، وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بنِ ذَرِيحٍ:
  شَقَقْتِ القَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ فِيهِ ... هَوَاكِ فَلِيمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ
  تَبَلَّغَ حَيْثُ لَم يَبْلُغْ شَرابٌ ... وَلا حُزْنٌ وَلَمْ يَبْلُغْ سُرُورُ
  أي: تَكَلَّفَ البُلُوغَ حَتَّى بَلَغَ.
  وتَبَلَّغَتْ بِهِ العِلَّةُ، أي: اشْتَدَّتْ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ، والصّاغَانِيُّ.
  وبالَغَ في أَمْرِي مُبَالَغَةً، وبِلاغًا: اجْتَهَدَ ولَم يُقَصِّرْ، وَهذا قَدْ تَقَدَّمَ بِعَيْنِه، فهُوَ تَكْرارٌ.
  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ:
  البَلاغُ: الوُصُولُ إِلَى الشَّيْءِ.
  وَبَلَغَ فُلانٌ مَبْلَغَتَه، كمَبْلَغِه.
  وَبَلَغَ النَّبْتُ: انْتَهَى.
  وَتَبَالَغَ الدِّباغُ في الجِلْدِ: انْتَهَى فِيهِ، عن أَبِي حَنِيفَةَ.
  وَبَلَغَتِ النَّخْلَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الشَّجَرِ: حانَ إِدْرَاكُ ثَمَرِهَا، عَنْهُ أَيْضا.
  وَفي التَّنْزِيلِ: {بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ}(٣) وفي مَوْضِعٍ: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا}(٤)، قال الرّاغِبُ: وَذلِكَ مِثلُ: أَدْرَكَنِي الجَهْدُ، وأَدْرَكْتُ [الجَهْدَ](٥)، ولا يَصِحُّ بَلَغَنِي المَكَانُ، وأَدْرَكَنِي.
  وَالمَبَالِغُ: جَمْعُ المَبْلَغِ، يُقَال: بَلَغَ في العِلْمِ المَبَالِغَ.
  وَالمَبْلَغُ، كمَقْعَدٍ: النَّقْدُ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنانِيرِ، مُوَلَّدَةٌ.
  وَبَلَغَ اللهُ بِه، فهو مَبْلُوغٌ بِه.
  وَأَبْلَغْتُ إِلَيْهِ: فَعَلْتُ بهِ ما بَلَغَ بهِ الأَذَى وَالمَكْرُوهَ البَلِيغَ.
  وَتَبَالَغَ فيهِ الهَمُّ وَالمَرَضُ: تَنَاهَى.
  وَتَبَالَغَ في كَلامِه: تَعَاطَى البَلاغَةَ، - أي: الفَصَاحَةَ - وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِها، يُقَال: ما هُوَ بِبَلِيغٍ ولكِن يَتَبَالَغُ.
  وَقوله تَعَالَى: {أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ}(٦) قال ثَعْلَبٌ:
(١) زيادة عن التهذيب وَاللسان وَالنهاية.
(٢) في النهاية: لقيت منه.
(٣) سورة آل عمران الآية ٤٠.
(٤) سورة مريم الآية ٨.
(٥) زيادة عن المفردات.
(٦) سورة القلم الآية ٣٩.