فصل الهمزة مع الفاء
  المُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم بِدُونِ مائةٍ من الإِبلِ، وكان أَحَدَ مَن قام في نَقْضِ الصَّحِيفَةِ، وله في ذلك أَثَرٌ عَظِيمٌ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
  وَقد فَاتَهُ: طُلَيْقُ بنُ سُفْيَانَ، أَبو حَكِيمٍ المذكور، فقد ذَكَرَهُمَا ابنُ فَهْدٍ وَالذَّهَبِيُّ في {الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}، وكذا هِشَامُ بنُ الولِيدِ بنِ المُغِيرةِ الْمَخْرُومِيُّ، أَخو خالدِ بنِ الولِيد، هكذا ذَكَرَه بعضُهُمْ، ولكن نُظِرَ فيه.
  وَقد قَالَ بعضُ أَهْلِ العلم: إنَّ النبيَّ ﷺ تَأَلَّفَ في وَقْت بعضَ سَادَةِ الكُفَّارِ، فلمَّا دَخَلَ الناسُ {فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً}، وَظَهَرَ أَهْلُ دِينِ الله علَى جمِيعِ أَهْلِ المِلَلِ، أَغْنَى الله تعالَى - ولَهُ الحَمْدُ - عَنْ أَن يُتَأَلَّفَ كافِرٌ اليومَ بمَالٍ يُعْطَى، لِظُهورِ أَهلِ دِينِهِ علَى جَمِيعِ الكُفَّارِ، {وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}.
  وتَأَلَّفَ فُلانٌ فُلانًا: إذا دَاراهُ، وَآنَسَهُ، وقَارَبَهُ، ووَاصَلَهُ، حتى يَسْتَمِيلَهُ إِليه، وَمنه حدِيثُ حُنَيْنٍ: «إِنِّي أُعْطِي رِجَالاً حَديثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ» أي: أُدَارِيهِم، وأُونِسُهُم، لِيَثْبُتُوا عَلَى الإسْلامِ، رَغْبَةً، فيما يصِلُ إِليهم مِنْ الْمالِ.
  وتَأَلَّفَ الْقَوْمُ تَأَلُّفاً: اجْتَمَعُوا، كائْتَلَفُوا ائْتِلافاً، وهما مُطَاوِعا أَلَّفَهُمْ تَأْلِيفاً.
  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
  جَمْع أَلْفٍ آلُفٌ، كفَلْسٍ وَأَفْلُسٍ، ومنه قَوْلُ بُكَيْرٍ أَصَمِّ بني الحارِثِ بنِ عَبَّادٍ:
  عَرَباً ثَلاثَةَ آلُفٍ وَكَتِيبَةً ... أَلْفَيْنِ أَعْجَمَ مِنْ بَنِي الْفَدَّامِ
  وَقد يُقال: «الأَلَفُ»، مُحَرَّكةً في الآلافِ، في ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، قال:
  وَكانَ حامِلُكُمْ مِنَّا وَرافِدُكُمْ ... وَحامِلُ الْمِينَ بَعْدَ المِينَ وَالأَلَفِ
  فإِنَّهُ أَراد الآلَافَ، فحَذَفَ للضَّرُورةِ، وكذلِكَ أَراد المِئِينَ، فحَذَفَ الهَمْزَةَ.
  وَآلَفَ الْقَوْمُ: صَارُوا أَلْفاً، ومنه الحَدِيث: «أَوَّلُ حَيٍّ آلَفَ مَعَ رَسُولِ الله ﷺ بَنُو فُلانٍ».
  وَشَارَطَهُ مُؤَالَفَةً: أي علَى أَلْفٍ، عن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
  وأَلِفَ الشَّيْءَ، كعَلِمَ إِلَافاً، ووِلَافاً، بكَسْرِهِمَا، الأَخِيرَةُ شَاذَّةٌ، وأَلَفَانًا، مُحَرَّكَةً: لَزِمَهُ، كَأَلَفَهُ، مِن حَدِّ ضَرَبَ.
  وَآلَفَهُ إِيلافاً: هَيَّأَهُ وَجَهَّزَهُ، والْإِلْفُ وَالْإِلَافُ، بكَسْرِهِمَا، بمَعْنًى واحدٍ، وأَنْشَدَ حَبِيبُ بن أَوْسٍ، في باب الهِجَاءِ لمُساوِرِ بن هِنْد، يَهْجُو بني أَسَدٍ:
  زَعَمْتُمْ أنَّ إِخْوَتُكمْ قُرَيْشاً ... لَهُمْ إِلْفٌ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَافُ
  أُولئِكَ أُومِنُوا جُوعاً وَخَوْفاً ... وَقد جَاعَتْ بنو أَسَدٍ وَخَافُوا
  وَأَنْشَدَ بَعْضُهُم:
  إِلَافُ الله مَا غَطَّيْت بَيْتاً ... دَعائِمُهُ الخَلَافَةُ وَالنُّسُورُ
  قيل: إِلَافُ الله: أَمَانُهُ، وقيل: مَنْزِلَةٌ منه.
  وَآلِفٌ وَأُلُوفٌ، كشَاهِدٍ وَشُهُودٍ: وبهِ فَسِّرَ بعضُهُم قولَه تعالَى: {وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ}(١)، وآلِفٌ وَآلافٌ، كَناصِرِ وَأَنْصَارٍ، وبِه رُوِيَ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ السابقُ أَيضاً، وكذا قَوْلُ رُؤْبةَ:
  تَالله لَوْ كُنْتُ مِنَ الآلافِ(٢)
  قال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: أراد الذين يَأْلَفُونَ الأَنْصَارَ(٣)، وَاحِدُهُم آلِفٌ.
  وَجَمْعُ الأَلِيفِ، كأَمِيرٍ: أُلَفَاءُ، كَكُبَرَاءَ.
  وَأُوالِفُ الْحَمَامِ: دَوَاجِنُهَا التي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ.
  وَآلَفَ الرَّجُلُ مُؤَالَفَةً: تَجَرَ.
  وَأَلَّفَ الْقَوْمُ إلى كذا، وتَأَلَّفُوا: اسْتَجَارُوا.
  وَالأَلِيفُ، كأَمِيرٍ: لُغَةٌ في الأَلِفِ أَحَدِ حُرُوفِ الْهِجَاءِ.
  وَهو مِن الْمُؤَلِّفِينَ، بالفَتْحِ: أي أَصْحابِ الأُلُوفِ: صارَتْ إِبِلُهُ أَلْفاً.
(١) سورة البقرة الآية ٢٤٣.
(٢) ديوانه ص ٩٩ برواية: «الأُلّاف» ومثله في التهذيب وَفيه «بالله» بدل «تالله».
(٣) في التهذيب وَاللسان: «الأمصار».