تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء مع الفاء

صفحة 131 - الجزء 12

  عُبَيْدٍ: «مَنْدُوفُ» وأَمّا: مَحْذُوفُ، فما رَوَاهُ غيرُ اللَّيْثِ.

  قلتُ: وتَبِعَه الزَّمَخْشَرِيُّ⁣(⁣١).

  والمَحْذُوفُ في الْعَرُوضِ: ما سَقَطَ مِن آخِرِهِ سَبَبٌ خَفِيفٌ، مِثْلُ قَوْلِ امْرِيءِ القَيْسِ:

  دِيَارٌ لِهِنْدٍ والرَّبَابِ وفَرْتَنَى ... لَيَالِيَنَا بالنَّعْفِ مِنْ بَدَلَانِ⁣(⁣٢)

  فالضَّرْبُ مَحْذُوفٌ.

  وكتُؤَدَةٍ: الْقَصِيرَةُ، هكَذَا وُجِدَ في سائِرِ النُّسَخِ، وهو مُكَرَّرٌ، ولعلَّه سَقَطَ مِن هنا قَوْلُه: «مِن النِّعاجِ»، كما هو في العُبَابِ، فالأُولَى تكونُ للمَرْأَةِ، والثَّانِيَةُ للنِّعاجِ، وهو الصوابُ إِن شاءَ الله تعالَى، ولو جَمَعهما في مَوْضِعٍ كما فَعَلَهُ الصَّاغَانِيُّ لأَصابَ⁣(⁣٣).

  والْحَذَفُ، مُحَرَّكَةً: طَائِرٌ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ، أَوْ: بَطٌّ صِغَارٌ، قال ابنُ دُرَيْدٍ: وليس بعَرَبِيٍّ مَحْضٍ، وهو شَبِيهٌ بحَذَفِ الغَنَمِ، وقال الجَوْهَرِيُّ: غَنَمٌ سُودٌ صِغَارٌ حِجَازِيَّةٌ أي مِن غَنَمِ الحِجَازِ، الوَاحِدَةُ حَذَفَةٌ، وبه فُسِّرَ الحَدِيثُ: «تَرَاصُّوا بَيْنَكُمْ في الصَّلَاةِ، لا تَتَخَلَّلْكُمُ الشَّيَاطِينُ كأَنَّهَا بَنَاتُ حَذَفٍ»، وفي روايَةٍ: «كَأَوْلَادِ الْحَذَفِ» يَزْعُمُونَ أَنَّها علَى صُورةِ هذِه الغَنَمِ، وقال الشّاعِر:

  فَأَضْحَتِ الدَّارُ قَفْرًا لَا أَنِيسَ بِهَا ... إِلَّا الْقِهَادُ مَعَ الْقَهَبِيِّ والْحَذَفُ

  اسْتَعَارَهُ للظِّبَاءِ، وقيل: الحَذَفُ: أَولادُ الغَنَمِ عَامَّةً.

  أَو جُرَشِيَّةٌ يُجَاءُ بِها مِن جُرَشِ اليَمَنِ، وهي صِغَارٌ جُرْدٌ بِلا أَذْنَابٍ، ولا آذَانٍ قَالَهُ ابنُ شُمَيْلٍ⁣(⁣٤). وقال اللَّيْثُ: الحَذَفُ: الزَّاغُ الصَّغِيرُ الذِي يُؤْكَلُ.

  وَقال ابنُ شُمَيْلٍ: الْأَبْقَعُ: الغُرَابُ الأَبيضُ الجَنَاحِ، وَالحَذَفُ: الصِّغارُ السُّودُ، والواحِدَةُ حَذَفَةٌ، وهي الزِّيغَانُ التي تَؤْكَلُ.

  والحَذَفُ مِن الْحَبِّ: وَرَقُهُ، كذا في العُبَابِ، ونَصُّ اللِّسَانِ: وحَذَفُ الزَّرْعِ: وَرَقُهُ.

  وقالُوا: هُم علَى حُذَفاءِ أَبِيهِمْ، كشُرَكَاءَ، هكذا نَقَلَهُ أَبو عمرٍو في كِتَابِ الحُرُوفِ، ولم يُفَسَّرْ، وَنَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ هكذا، ولم يُفَسِّرْهُ أَيْضا، كأَنَّهُمْ أَرادُوا: علَى سِيرَتِهِ وَطَرِيقَتِهِ.

  والْحَذَّافَةُ، بِالْفَتْح مُشَدَّدَةً: الاسْتُ، وَقد حَذَفَ بها: إذا خَرَجَتْ منه رِيحٌ، قاله ابن عَبَّادٍ.

  وَأُذُنٌ حَذْفَاءُ، كأَنَّهَا حُذِفَتْ، أي: قُطِعَتْ.

  وحَذَّفَهُ تَحْذِيفاً: هَيَّأَهُ وصَنَعَهُ، قال الجَوْهَرِيُّ: وهو مَجَازٌ، وأَنْشَدَ لامْرِئِ القَيْسِ يَصِف فَرَساً:

  لَهَا جَبْهَةٌ كَسَرَاةِ الْمِجَنِّ ... حَذَّفَهُ الصَّانِعُ الْمُقْتَدِرْ⁣(⁣٥)

  وَقال الْأَزْهَرِيُّ: تَجْذِي الشَّعَرِ: تَطْرِيرُهُ وتَسْوِيَتُه، وإذا أَخَذْتَ مِن نَوَاحِيهِ ما تُسَوِّيهِ به فقد حَذَّفْتَهُ، وأَنْشَدَ قَوْلَ امْرِئِ القَيْسِ.

  وَقال النَّضْرُ: التَّحْذِيفُ في الطُّرَّةِ: أَن تُجْعَلَ سُكَيْنِيَّةً، كما تَفْعَلُ النَّصارَى.

  وَفي الأَساسِ: حَذِّفَ الصَّانِعُ الشَّيْءَ: سَوَّاهُ تَسْوِيَةً حَسَنَةً، كأَنَّهُ حَذَفَ كُلَّ ما يجبُ حَذْفُه حتى خَلا مِن كُلِّ عَيْبٍ وتَهَذَّبَ.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:

  الحَذْفَةُ، القِطْعَةُ مِن الثَّوْبِ، وقد احْتَذَفَهُ.

  وَحَذَفَ رأْسَه بالسَّيْفِ حَذْفاً: ضَرَبَهُ فقَطَعَ منه قِطْعَةً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وحَذَفَهُ حَذْفاً: ضَرَبَهُ عن جانبٍ، أو رَماهُ عنه.


(١) أي أن الزمخشري تبع أبا عبيد، وقد ذكره في الأساس (ندف) برواية: «مندوف».

(٢) بالأصل ورد صدره:

ديار نهر والرباب وفر لى

وَبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ديار نهر ... الخ الشاهد في آخر الشطر الثاني حيث صير مفاعيلن إلى فعولن. بحذف السبب الخفيف، إلا أن بالشطر الأول سقطاً» وما أثبت عن معجم البلدان «بدلان».

(٣) اقتصر في التكملة على القول الحذفة كهمزة المرأة القصيرة جداً.

(٤) قال أبو عبيد: وأحب التفسيرين إليّ هو أن الحذف هي ضأن سود جرد صغار تكون في اليمن.

(٥) ديوانه برواية: حذّقه بالقاف، والمثبت كرواية الصحاح واللسان وَالتهذيب.