تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الحاء مع الفاء

صفحة 143 - الجزء 12

  الْعَرْشِ⁣(⁣١)، قال الزَّجَّاجُ: أي: مُحْدِقينَ، زَادَ الصَّاغَانِيُّ: بِأَحِفَّتِه، أيْ: جَوانِبِهِ، وَقال الرَّاغِبُ: مُطِيفِينَ بحِفَافَيْهِ.

  وقال اللَّيْثُ: سَويقٌ حَافٌّ: أي غيرُ مَلْتُوتٍ، وَقَال أَعْرَابِي: أَتَوْنا بعَصِيدةٍ قد حُفَّتْ، فكأَنَّهَا عَقِبٌ فيها شُقُوقٌ، وَقيل: هو ما لم يُلَتَّ بسَمْن ولا زَيْتٍ.

  وقال اللِّحْيَانِيُّ: هو حَافٌّ بَيِّنُ الْحُفُوفِ: شدِيدُ الْإِصَابَة بِالْعَيْن، وَالمَعْنَى أنه يُصِيبُ الناسَ بها.

  وقولُه تَعَالَى: وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ⁣(⁣٢): أي جَعَلْنَا النَّخْلَ مُطِيفَةً بِأَحِفَّتِهِمَا، أي: جَوَانِبِهما.

  ومِن المَجَازِ: الْحَفَفُ، مُحَرَّكَةً، والْحُفُوفُ، إِطْلاقُهُ يَقْتَضي أنه بالفَتْح، والصَّوابُ أَنَّه بالضَّمِّ: عَيْشُ سَوءٍ عن الأَصْمَعِيِّ، وقِلِّةُ مَال، يُقال: ما رُئِي عليهم حَفَفٌ ولا ضَفَفٌ، أي: أَثرُ عَوَزٍ، كأَنَّه جُعِلَ في حَفَفٍ منه، أي جَانب، بخِلافِ مَن قيل فيه: هو في وَاسِطةٍ مِن العَيْشِ، صِفَة الرَّاغِدِ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: الحَفَفُ: الضِّيقُ في المَعَاشِ⁣(⁣٣)، وقالتْ امرأَةٌ: خرَجَ زَوْجِي، ويَتِمَ وَلَدِي، فما أَصَابَهُمْ حَفَفٌ ولا ضَفَفٌ، قال: والْحَفَفُ: الضِّيقُ، والضَّفَفُ: أَن يَقِلَّ الطَّعَامُ ويكْثُرَ آكِلُوهُ، وقيل: هو مِقْدَارُ العِيَالِ، وقال اللِّحْيَانِيُّ: الحَفَفُ: الكَفَافُ مِن المَعِيشَة، وَأَصابَهم حَفَفٌ مِن العَيْشِ، أي: شِدَّةٌ. وقال ثَعْلَبٌ: الحَفَفُ: أن يكونَ العِيَالُ قَدْرَ الزَّادِ، وفي الحَدِيثِ: «أَنه # لم يَشْبَعْ مِن طعَامٍ إِلَّا علَى حَفَفٍ»: أي لم يَشْبَعْ إِلَّا والحالُ عندَه⁣(⁣٤) خِلافُ الرَّخَاءِ والخِصْب، وفي حديثِ عُمَرَ ¥، أَنَّه «سَأَلَ رَجُلاً كيف وَجَدْتَ أَبَا عُبَيْدَة؟ قال: رَأَيْتُ حُفُوفاً»: أي ضِيقَ عَيْشٍ، وقال الأَصْمَعِيُّ: أَصَابَهم مِن العَيْشِ ضَفَفٌ وحَفَفٌ وقَشَفٌ، كلُّ هذا مِن شِدَّةِ العَيْشِ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الضَّفَفُ: القِلَّةُ، والْحَفَفُ: الحَاجَةُ، ويُقَالُ⁣(⁣٥): هما وَاحِدٌ، وأَنْشَدَ:

  هَدِيَّة كَانَتْ كَفَافاً حَفَفَا ... لَا تبْلُغُ الْجَارَ ومَنْ تَلَطَّفَا

  قال أَبو العَبّاسِ: الضَّفَفُ: أَن تكونَ الْأَكَلَةُ أَكْثَرَ مِن مِقْدَارِ المال، والحَفَفُ: أن تكونَ الأَكَلَةُ بمِقْدَارِ المالِ، قال: وكان النَّبِيُّ إذا أَكَلَ كان مَن يَأْكُلُ معَه أَكْثَرَ عَدَداً مِن قَدْرِ مَبْلَغِ المَأْكُولِ وكَفافِهِ، والحَفَفُ مِن الْأَمْرِ: نَاحِيَتُهُ، يُقَال: هو علَى حَفَفِ أَمْرٍ، أي: نَاحِيَةٍ منه وشَرَفٍ.

  وقال ابنُ عَبَّادٍ: الحَفَفُ مِن الرِجالِ؛ القَصِيرُ المُقْتَدِرُ.

  وَالْمِحَفَّةُ، بِالكَسْرِ، هكذا ضَبَطَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغَانِيُّ، وَقال شيخُنَا: وفي مَشَارِقِ عِيَاضٍ أنه بالفَتْحِ: مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ كَالْهَوْدَج، إِلّا أَنَّهَا لا تُقبَّبُ، أي: والْهَوْدَجُ يُقَبَّبُ، نَقَلهُ الجَوْهَرِيُّ، وقال غيرُه: المِحَفَّةُ: رَحْلٌ يُحَفُّ ثم تركبُ فيه المَرْأَةُ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: سُمِّيَتْ بها لأَنَّ الخَشَبَ يَحُفُّ بالقاعِدِ فيها، أي يُحِيطُ به مِن جَمِيعِ جَوَانِبِه.

  وحَفَّهُ بالشَّيْءِ، كمَدَّهُ، أَحَاطَ بِهِ، كما يُحَفُّ الهَوْدَجُ بالثِّيَابِ، كما في العُبابِ، وفي اللِّسَانِ: أَحْدَقُوا به، وأَطافُوا بِه، وعَكفُوا، واسْتَدارُوا، وفي التَّهْذِيبِ: حَفَّ القَوْمُ بسَيِّدِهِم، وفي الحَدِيثِ: «فَيحُفُّونَهم بأَجْنِحَتِهم»، أي: يَطُوفُون بهم، ويَدُورُونَ حَوْلَهُم، وفي حديثٍ آخَرَ: «إِلَّا حَفَّتْهُمُ المَلائِكَة».

  وفي الْمَثَلِ: «مَنْ حَفَّنَا أو رَفَّنَا فَلْيَقْتَصدْ» نَقَلَهُ الجَوهَرِيُّ، قال أَبو عُبَيْدٍ، يُضْرَب في القَصْدِ في المَدْحِ: أيْ [مَنْ] * طَافَ بنَا واعْتَنَى بِأَمْرِنَا وأَكْرَمَنَا، وفي الصِّحاحِ: أي مَن خَدَمَنَا، وَحَاطَنَا، وتَعَطَّف علينا⁣(⁣٦)، وقال أَبو عُبَيْدٍ: أي مَن مَدَحَنَا فَلَا يَغْلُوَنَّ في ذلِكَ، ولكن لِيَتَكَلَّمْ بالحَقِّ، وَفي مَثَلٍ آخَرَ: «مَنْ حَفَّنَا أو رَفَّنَا فَلْيَتَّرِكْ».

  ومنه قَوْلُهُمْ: مالَهُ حَافٌّ ولَا رَافٌّ وذَهَبَ مَن كَانَ يَحُفُّهُ وَيَرُفُّهُ كما في الصِّحاحِ، أي: يُعْطِيهِ ويَمِيرُهُ، وقال الأَصْمَعِيُّ: هو يَحُفُّ ويَرُفُّ: أي يَقُومُ ويَقْعُدُ، ويَنْصَحُ وَيُشْفِقُ، قال: ومَعْنَى يَحُفُّ: تَسْمَعُ له حَفِيفاً.

  والحَفَّافُ، كشَدَّادٍ: اللَّحْمُ اللَّيِّنُ أَسْفَلَ اللهَاةِ، يُقَال: يبِس حَفَّافُهُ، قالَهُ الأَصْمَعِيُّ، ونَقَلَهُ الأَزْهَرِيُّ: ولم يَضْبِطْهُ كشَدَّادٍ، وإِنما سِياقُهُ يَدُلُّ علَى أَنه ككِتَابٍ⁣(⁣٧)، وقال:


(١) سورة الزمر الآية ٧٥.

(٢) سورة الكهف الآية ٣٢.

(٣) نقله الأزهري في التهذيب عن ابن السكيت.

(٤) بالأصل: «والحال ما عنده» والمثبت عن اللسان.

(٥) هذا قول العقيلي كما في التهذيب.

(*) ساقطة من الكويتية.

(٦) في الصحاح: من خدمنا أو تعطف علينا وحاطنا.

(٧) في التهذيب: يقال يبس حَفّافُه وهو اللحم الليّن أسفل اللهاة، ضبطت ضبط حركات.