فصل السين المهملة
  في السُّبُوبِ زَكَاةٌ» وهِي الثِّيَابُ الرِّقَاق، يعني إِذَا كَانَت لِغَيْرِ التِّجَارَة، ويروى السُّيُوبُ باليَاءِ أَي الرِّكَاز(١). ويقال: السَّبِيبَةُ: شُقَّةٌ مِنَ الثِّيَابِ أَيَّ نَوْعٍ كَانَ، وقيل: هي من الكَتَّان. وفي الحديث: «دَخَلْتُ عَلَى خَالد وعَلَيْه سَبِيبَةٌ».
  وفي لسان العرب: السِّبُّ والسَّبِيبَةُ: الشُّقَّةُ، وخَصَّها بَعْضُهم بالبَيْضَاءِ. وأَمَّا قَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبَدَة(٢):
  كأَنَّ إِبْرِيقهَمْ ظَبْيٌ على شَرَفٍ ... مُفَدَّمٌ بسَبَا الكَتَّانِ مَلْثُومُ
  إنما أَرَادَ بِسَبائب فحذَفَ.
  وسَبيبُكَ وسِبُّكَ، بالكَسْر: مَنْ يُسَابُّكَ، وعلى الأَخِيرِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيّ. قال عبد الرَّحْمن بْنُ حَسَّان يَهْجُو مِسْكِيناً الدَّارمِيَّ:
  لا تَسُبَّنَّنِي فَلَسْتَ بِسِبَّي ... إِنَّ سِبِّي مِنَ الرِّجَالِ الكَرِيمُ
  ومن المجازَ قَوْلُهُم: إِبِلُ مُسَبَّبَة كمُعَظَّمَةٍ أَي خِيَارٌ؛ لأَنَّه يُقَالُ لَهَا عِنْدَ الإِعْجَابِ بِهَا: قاتلها الله(٣) وأَخْزَاهَا إِذا اسْتُجِيدَت. قال الشَّمَّاخُ يَصِفُ حُمُرَ الوَحْش وسِمَنَها وجَوْدَتَها:
  مُسَبَّبَةٌ قُبُّ البُطُونِ كَأَنَّها ... رِمَاحٌ نَحَاهَا وِجْهَةَ الرِّيحِ رَاكِزُ
  يَقُولُ: مَنْ نَظَر إِلَيْها سَبَّها وقَالَ لَهَا: قَاتَلَهَا اللهُ مَا أَجْوَدَهَا! ويقال: بَيْنَهُم أُسْبُوبَةٌ، بالضَّمِّ وأَسَابِيبُ يَتَسَابُّون بِهَا أَي شَيءٌ يَتَشَاتَمُونَ بِهِ. والتَّسَابُّ: التَّشَاتُمُ. وتَقُولُ: مَا هِي أَسَالِيبُ إِنَّمَا هِيَ أَسَابِيبُ.
  والسَّبَبُ: الحَبْلُ كالسِّبِّ، والجَمْعُ كالجَمْعِ والسُّبُوبُ: الحِبَال. وقَوْلُه تَعَالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ}(٤) أَي فَلْيَمُت غَيْظاً، أَي فَلْيَمْدُد حَبْلاً في سَقْفِه، {ثُمَّ لْيَقْطَعْ}(٤) أَي لِيَمُدَّ الحَبْلَ حَتَّى يَنْقَطِعَ فَيَموت مُخْتَنِقاً وقال أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ حَبْلٍ حَدَرْتَه منْ فَوْق. وقال خَالدُ بْنُ جَنَبَةَ: السَّبَبُ من الحِبَالِ: القَوِيُّ الطَّوِيلُ، قال: ولا يُدْعَى الحَبْلُ سَبَباً حَتَّى يُصْعَدَ بِهِ ويُنْحَدَرَ بِهِ. وفي حَدِيث عَوْف بْنِ مَالِك «أَنَّهُ رَأَى [في المنام](٥) كَأَنَّ سَبَباً دُلِّيَ مِنَ السَّماءِ» أَي حَبْلاً، وقيل: لا يُسَمَّى [الحبلُ سبَباً](٦) حَتَّى يَكُونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بِالسَّقْفِ أَو نَحْوِه. قَالَ شَيْخُنَا: وفي كَلَام الرَّاغِبِ أَنَّه مَا يُرْتَقَى(٧) بِهِ إِلَى النَّخْلِ، وقَوْله:
  جَبَّتْ نِسَاءَ العَالَمِينَ بالسَّبَب.
  يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الحَبْلَ أَو الخَيْطَ قال ابنُ دُريد: هذهِ امْرَأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَهَا بِخَيْطٍ وهو السَّبَب، ثم أَلْقَتْه إِلَى النِّسَاءِ لِيَفْعَلْنَ كَمَا فَعَلَت فَغَلَبَتْهُنّ.
  والسَّبَبُ: كُلُّ ما يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى غَيْرِه. وفي بَعْضِ نُسَخِ الصَّحَاحِ: كُلُّ شَيءٍ(٧) يُتَوَسَّلُ به إِلَى شَيْءٍ غَيْرِه(٨). وجَعَلتُ فلاناً لِي سَبَباً إِلَى فُلَانٍ في حَاجَتِي، أَي وُصْلَةً وذَرِيَعَة.
  ومن المجاز: سَبَّبَ اللهُ لَكَ سَبَبَ خَيْر. وسَبَّبْتُ للمَاءِ مَجْرًى: سوَّيتُه. واسْتَسَبَّ(٩) له الأَمْرُ، كَذَا في الأَساس.
  قال الأَزهريّ: وتَسَبُّبُ مَالِ الفَيْءِ أُخِذَ مِنْ هذَا، لِأَنَّ المُسَبَّبَ عليه المَالُ جُعِلَ سَبَباً لوُصُولِ المَالِ إِلَى من وَجَبَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الفَيْءِ.
  والسَّبَبُ: اعْتِلَاقُ قَرَابَة. وَفِي الحَدِيثِ: «كُلُّ سَبَبٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلَّا سَبَبِي ونَسَبِي» النَّسَب بِالوِلَادَة، والسَّبَبُ بِالزَّوَاجِ، وهو مِنَ السَّببِ وهو الحَبْلِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى المَاءِ، ثم استُعِير لِكُلّ ما يُتَوَصَّل به إِلَى شَيْء(١٠).
  والسَّبَبُ من مُقَطَّعَاتِ الشّعر: حَرْفٌ مُتَحَرِّك وحَرْفٌ سَاكِنٌ، وهو على ضَربين: سَبَبَانِ مَقْرِونَانِ، وسَبَبَانِ مَفْرُوقَان. فالمَقرُونَانِ: ما تَوالَت فِيهما(١١) ثَلَاثُ حَرَكَات بعدَها سَاكِن نحو «مُتَفَا» من مُتَفَاعِلُن، و «عَلَتُنْ» من مُفَاعَلَتُن، فحركَة التَّاء من «مُتَفَا» قد قَرَنَت السَّبَبَيْن، وكَذَلِك
(١) زيد في النهاية: لأن الركاز يجب فيه الخمس لا الزكاة.
(٢) بالأصل «عبيدة» تصحيف.
(٣) في الأساس: أو أجزاها.
(٤) سورة الحج: الآية ١٥.
(٥) زيادة عن النهايه.
(٦) عن النهاية، ومكانها بالأصل: ولا يسمى ذلك حتى.
(٧) في مفردات الراغب: يُصعد به».
(٨) في الصحاح: شيء يتوصل به إلى غيره.
(٩) عن الأساس، وبالأصل: واستسبب.
(١٠) كذا بالأصل واللسان، وفي المصباح: إلى أمر من الأمور.
(١١) اللسان: فيه.