تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين المهملة

صفحة 65 - الجزء 2

  في السُّبُوبِ زَكَاةٌ» وهِي الثِّيَابُ الرِّقَاق، يعني إِذَا كَانَت لِغَيْرِ التِّجَارَة، ويروى السُّيُوبُ باليَاءِ أَي الرِّكَاز⁣(⁣١). ويقال: السَّبِيبَةُ: شُقَّةٌ مِنَ الثِّيَابِ أَيَّ نَوْعٍ كَانَ، وقيل: هي من الكَتَّان. وفي الحديث: «دَخَلْتُ عَلَى خَالد وعَلَيْه سَبِيبَةٌ».

  وفي لسان العرب: السِّبُّ والسَّبِيبَةُ: الشُّقَّةُ، وخَصَّها بَعْضُهم بالبَيْضَاءِ. وأَمَّا قَوْلُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبَدَة⁣(⁣٢):

  كأَنَّ إِبْرِيقهَمْ ظَبْيٌ على شَرَفٍ ... مُفَدَّمٌ بسَبَا الكَتَّانِ مَلْثُومُ

  إنما أَرَادَ بِسَبائب فحذَفَ.

  وسَبيبُكَ وسِبُّكَ، بالكَسْر: مَنْ يُسَابُّكَ، وعلى الأَخِيرِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيّ. قال عبد الرَّحْمن بْنُ حَسَّان يَهْجُو مِسْكِيناً الدَّارمِيَّ:

  لا تَسُبَّنَّنِي فَلَسْتَ بِسِبَّي ... إِنَّ سِبِّي مِنَ الرِّجَالِ الكَرِيمُ

  ومن المجازَ قَوْلُهُم: إِبِلُ مُسَبَّبَة كمُعَظَّمَةٍ أَي خِيَارٌ؛ لأَنَّه يُقَالُ لَهَا عِنْدَ الإِعْجَابِ بِهَا: قاتلها الله⁣(⁣٣) وأَخْزَاهَا إِذا اسْتُجِيدَت. قال الشَّمَّاخُ يَصِفُ حُمُرَ الوَحْش وسِمَنَها وجَوْدَتَها:

  مُسَبَّبَةٌ قُبُّ البُطُونِ كَأَنَّها ... رِمَاحٌ نَحَاهَا وِجْهَةَ الرِّيحِ رَاكِزُ

  يَقُولُ: مَنْ نَظَر إِلَيْها سَبَّها وقَالَ لَهَا: قَاتَلَهَا اللهُ مَا أَجْوَدَهَا! ويقال: بَيْنَهُم أُسْبُوبَةٌ، بالضَّمِّ وأَسَابِيبُ يَتَسَابُّون بِهَا أَي شَيءٌ يَتَشَاتَمُونَ بِهِ. والتَّسَابُّ: التَّشَاتُمُ. وتَقُولُ: مَا هِي أَسَالِيبُ إِنَّمَا هِيَ أَسَابِيبُ.

  والسَّبَبُ: الحَبْلُ كالسِّبِّ، والجَمْعُ كالجَمْعِ والسُّبُوبُ: الحِبَال. وقَوْلُه تَعَالى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ}⁣(⁣٤) أَي فَلْيَمُت غَيْظاً، أَي فَلْيَمْدُد حَبْلاً في سَقْفِه، {ثُمَّ لْيَقْطَعْ}⁣(⁣٤) أَي لِيَمُدَّ الحَبْلَ حَتَّى يَنْقَطِعَ فَيَموت مُخْتَنِقاً وقال أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ حَبْلٍ حَدَرْتَه منْ فَوْق. وقال خَالدُ بْنُ جَنَبَةَ: السَّبَبُ من الحِبَالِ: القَوِيُّ الطَّوِيلُ، قال: ولا يُدْعَى الحَبْلُ سَبَباً حَتَّى يُصْعَدَ بِهِ ويُنْحَدَرَ بِهِ. وفي حَدِيث عَوْف بْنِ مَالِك «أَنَّهُ رَأَى [في المنام]⁣(⁣٥) كَأَنَّ سَبَباً دُلِّيَ مِنَ السَّماءِ» أَي حَبْلاً، وقيل: لا يُسَمَّى [الحبلُ سبَباً]⁣(⁣٦) حَتَّى يَكُونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بِالسَّقْفِ أَو نَحْوِه. قَالَ شَيْخُنَا: وفي كَلَام الرَّاغِبِ أَنَّه مَا يُرْتَقَى⁣(⁣٧) بِهِ إِلَى النَّخْلِ، وقَوْله:

  جَبَّتْ نِسَاءَ العَالَمِينَ بالسَّبَب.

  يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الحَبْلَ أَو الخَيْطَ قال ابنُ دُريد: هذهِ امْرَأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَهَا بِخَيْطٍ وهو السَّبَب، ثم أَلْقَتْه إِلَى النِّسَاءِ لِيَفْعَلْنَ كَمَا فَعَلَت فَغَلَبَتْهُنّ.

  والسَّبَبُ: كُلُّ ما يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى غَيْرِه. وفي بَعْضِ نُسَخِ الصَّحَاحِ: كُلُّ شَيءٍ⁣(⁣٧) يُتَوَسَّلُ به إِلَى شَيْءٍ غَيْرِه⁣(⁣٨). وجَعَلتُ فلاناً لِي سَبَباً إِلَى فُلَانٍ في حَاجَتِي، أَي وُصْلَةً وذَرِيَعَة.

  ومن المجاز: سَبَّبَ اللهُ لَكَ سَبَبَ خَيْر. وسَبَّبْتُ للمَاءِ مَجْرًى: سوَّيتُه. واسْتَسَبَّ⁣(⁣٩) له الأَمْرُ، كَذَا في الأَساس.

  قال الأَزهريّ: وتَسَبُّبُ مَالِ الفَيْءِ أُخِذَ مِنْ هذَا، لِأَنَّ المُسَبَّبَ عليه المَالُ جُعِلَ سَبَباً لوُصُولِ المَالِ إِلَى من وَجَبَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الفَيْءِ.

  والسَّبَبُ: اعْتِلَاقُ قَرَابَة. وَفِي الحَدِيثِ: «كُلُّ سَبَبٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلَّا سَبَبِي ونَسَبِي» النَّسَب بِالوِلَادَة، والسَّبَبُ بِالزَّوَاجِ، وهو مِنَ السَّببِ وهو الحَبْلِ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى المَاءِ، ثم استُعِير لِكُلّ ما يُتَوَصَّل به إِلَى شَيْء⁣(⁣١٠).

  والسَّبَبُ من مُقَطَّعَاتِ الشّعر: حَرْفٌ مُتَحَرِّك وحَرْفٌ سَاكِنٌ، وهو على ضَربين: سَبَبَانِ مَقْرِونَانِ، وسَبَبَانِ مَفْرُوقَان. فالمَقرُونَانِ: ما تَوالَت فِيهما⁣(⁣١١) ثَلَاثُ حَرَكَات بعدَها سَاكِن نحو «مُتَفَا» من مُتَفَاعِلُن، و «عَلَتُنْ» من مُفَاعَلَتُن، فحركَة التَّاء من «مُتَفَا» قد قَرَنَت السَّبَبَيْن، وكَذَلِك


(١) زيد في النهاية: لأن الركاز يجب فيه الخمس لا الزكاة.

(٢) بالأصل «عبيدة» تصحيف.

(٣) في الأساس: أو أجزاها.

(٤) سورة الحج: الآية ١٥.

(٥) زيادة عن النهايه.

(٦) عن النهاية، ومكانها بالأصل: ولا يسمى ذلك حتى.

(٧) في مفردات الراغب: يُصعد به».

(٨) في الصحاح: شيء يتوصل به إلى غيره.

(٩) عن الأساس، وبالأصل: واستسبب.

(١٠) كذا بالأصل واللسان، وفي المصباح: إلى أمر من الأمور.

(١١) اللسان: فيه.